الفرق بين الفاشية والشمولية والاستبداد


الفاشية

والشمولية والاستبداد ثلاثة مصطلحات قد تبدو لك وكأنها تحمل معنى واحد ، لكن لكل مصطلح منها تعريف يختلف عن غيره ، رغم أن هناك جوانب مشتركة بينهم ، ويمكن تصنيف هذه المصطلحات على أنها مصطلحات سياسية بالدرجة الأولى ، لأن معظم الدول مرت بهذه النظم ، أو مازالت تطبقها حتى الآن ، ونعرض لك من خلال السطور التالية الفرق بين الفاشية والشمولية والاستبداد ، من خلال تعريف كل مصطلح ، ووصفه الكامل للوصول إلى الاختلافات الجوهرية بين الأنظمة الثلاثة ، ومعرفة أوجه التشابة بينهم .

ما معنى كلمة الفاشية

ظهرت الفاشية في أوروبا مع بداية القرن العشرين ، وهي عبارة عن تيار سياسي متطرف يغلب عليه

الديكتاتورية

، ويميل إلى قمع قوى المعارضة ، والتحجيم من التجديد في الاقتصاد والمجتمع بشكل عام .[1]

أول ظهور للحركات الفاشية كان في إيطاليا مع بداية

الحرب العالمية الأولى

، ثم انتشرت بعد ذلك في العديد من البلدان الأوروبية ، كنوع من الحركات المضادة للماركسية والليبرالية .[1]

اعتبر الفاشيون الحرب العالمية الأولى بأنها ثورة تسببت في حدوث تغيرات كبيرة بالمجتمع والتكنولوجيا وشكل الحرب بصورة عامة ، حيث ساعدت الحرب والتعبئة المجتمعية على التفرقة بين العسكريين والمدنيين ، وظهر ما يعرف بـ ”

المواطنة

العسكرية ” حيث انضم جميع المواطنين إلى الجيش للمشاركة في الحرب بأشكال مختلفة .

ساهمت الحرب العالمية الأولى في إظهار مدى قوة الدول ، حيث ظهرت قدرتهم على حشد الملايين وضمهم إلى الخدمة العسكرية ، مع توفير الدعم الاقتصادي و

اللوجستي

لهم .

ويرى الفاشيون أن الليبرالية نظام لا يصلح للمجتمع ، بل أن حشد المجتمع هو أمر ضروري لكي تكون الأمة على استعداد للنزاع المسلح في أي وقت ، مع التكيف مع الصعوبات الاقتصادية المختلفة بطريقة فعالة .

وتعتمد الفاشية على قيادة شخص قوي للدولة ، ليكون ديكتاتور قوي ، على أن تتكون حكومة عسكرية من أعضاء الحزب الفاشي ، والذي يحافظ على استقرار المجتمع وتنظيمه والوحدة الوطنية .

ولا تعترف الفاشية بأن العنف شيئًا سلبيًا ، بل يتم النظر إلى العنف سواء في الحرب أو السياسة على أنه وسيلة لتحقيق التجدد والاستقرار الوطني ، ويعد الاقتصاد المختلط من أهم الأشياء التي يدافع عنها الفاشيون ، لأنه يهدف من وجهة نظرهم إلى الوصول إلى الاكتفاء الذاتي ، بواسطة سياسات اقتصادية تدخلية قوية .

ومع انتهاء الحرب العالمية الثانية عام 1945 ، أعلنت بعض الأحزاب صراحة أنها فاشية ، والآن يستخدم المعارضين السياسيين هذا المصطلح بقوة ، ويتم الاعتماد على أساسيات الفاشية الجديدة في الكثير من الدول . [1]

ويوضح والتر لاكوير المبادئ الأساسية للفاشية وهي :

وبالنسبة للفاشية الألمانية على سبيل المثال ، كانت العنصرية من أهم السمات التي تقوم عليها ، خاصة فيما يتعلق بـ ”

الهولوكوست

” حيث استهدفت ألمانيا الإبادة الجماعية لليهود ليس على أساس ديني بل باعتبارهم عرق يجب التخلص منه ، حيث رأى هتلر أن المجتمع المثالي في ألمانيا يجب أن يقوم على هيئة عنصرية موحدة ، ويتم تنظيمها كالهرم ، بحيث تكون مصالح هتلر من مصالح الشعب ، وعلى الرغم من اختلاف الفلسفات التي تتبعها النظم الفاشية من الناحية التطبيقية ، إلا أنها جميعًا تتفق في جانب واحد وهو التطرف . [1]

ما معنى الشمولية


الشمولية

عبارة عن نظام سياسي تقوم فيها الدول بفرض سيطرتها على المجتمع بأكمله ، بما يشمل الحياة العامة والشخصية للأفراد ، حيث يقوم النظام الحاكم بالسيطرة والتحكم في مختلف جوانب الحياة من تعليم واقتصاد و

أخلاقيات

وفن ، إلى آخره .

ويمكن وصف الشمولية بأنها تتضمن سيطرة أيدولوجية السلطة الحاكمة والدولة على معظم مواطن المجتمع ، وهو ما يجعل الأشخاص جزءً من النظام السياسي ، ولا يجب أن يكون أي شئ أو شخص ضد الدولة ، بل الجميع يتفقون مع سياستها .

ومن هذا المنطلق فأن الشمولية تعد نظاماً ديكتاتوريًا ، يسيطر على كافة الأفعال والأفكار التي تصدر عن مواطني الدولة ، وبالتالي تصبح الشمولية جزء متطرف من الأنظمة السلطوية .

وهناك عدة جوانب تميز الأنظمة الشمولية عن السلطوية أهمها :

في الشمولية يكون لدى القائد شعبية جماهيرية كبيرة ، حيث يتم التلاعب بأفكار وأخلاق المواطنين ، وخلق صورة مثالية عن القائد ، على عكس السلطوية التي لا يحظى فيها القائد بأي شعبية .

يرى أصحاب الشمولية أنفسهم بأنهم أساطير وليسوا ديكتاتوريين ، وأنهم يعيدوا رسم السياسات الكونية من جديد ، بينما على العكس تمامًا يتم النظر إلى السلطويين على أنهم أشخاص تمثل السلطة أولوية كبيرة لهم ، وأنهم يفتقرون إلى الأيديولوجيات وبالتالي يعتمدون على الخوف كوسيلة أساسية في الحكم .

وبالنسبة للسلطويين ، فإنهم يتركون المجال واسعًا أمام حياة الفرد الخاصة ، ولا يتم التحكم في الأفكار وتوجيهها ، بعكس الأنظمة الشمولية ، وتفتقر الأنظمة السلطوية إلى القدرة على حشد الأشخاص وتوجيههم نحو هدف وطني ينبغي تحقيقه .

ما هو الاستبداد

الاستبداد هو مصطلح يستخدم لوصف الحكم المطلق الذي لا يتقيد بالقانون ، حيث يقوم فيه الحاكم بالبعد عن الشرعية ، ويتميز بالقوة والقسوة والطغيان ، ويستخدم الحاكم المستبد في ذلك ما يتاح له من وسائل القمع ، لكي يستطيع السيطرة على كل شيء . [2]

ويرجع أصل كلمة الاستبداد إلى تولي السلطة بدون وجود أي حق دستوري ، وعرف

أفلاطون

المستبد بأنه شخص يحكم الدولة دون الالتزام بالقانون ، ويستخدم في ذلك كافة أساليب القوة والتطرف ، ضد مواطني الدولة ، وهنا يصبح المستبد مغتصب للسلطة ، يشبع شعوره الظالم دون النظر إلى القوانين .[2]

ويرى أفلاطون أن الحاكم المستبد هو حاكم سيء ، وأن المستبدين يسمحون فقط بتحقيق مصالحهم ، ويسعون إلى انتهاك القوانين بكافة الأشكال الممكنة .[2]

وهناك من يفرق بين الاستبداد والطغيان ، ويرى أن الشخص المستبد قد يكون عادلًا عندما يقوم بإصلاح المجتمع ، وتحقيق نتائج ملموسة على كافة المستويات ، بينما يتحول المستبد إلى طاغية عندما ينتهج الظلم .[2]