التكيف مع تغير المناخ في النباتات
تغير المناخ يسبب العديد من المشكلات شديدة الخطورة بالنسبة للإنسان والبيئة على حد سواء ، ولعل أخطرها هو ظاهرة الاحتباس الحراري لكنه أيضًا ينطوي على حدوث بعض التغيرات في حالة الطقس مما أنتج تغيرات ملحوظة في حالة الطقس ، وكذلك
نسب هطول الأمطار
، ومدى توافر المياه ، بالإضافة إلى زيادة حدة
الفيضانات
والعواصف والجفاف ، وحدوث مشكلات جسيمة في تركيبة الغلاف الجوي ، ونستعرض معك من خلال السطور التالية كافة التفاصيل حول التكيف مع تغير المناخ في النباتات .
تأثير تغير المناخ على النبات
التغيرات الكبيرة في الطقس ومستوى الأمطار ، وكذلك الأحداث الطبيعية كان لها أثرًا كبيرًا في كوكب الأرض بأكمله حيث قل حجم الجليد ، وارتفع مستوى البحر ، وتغيرت أنواع النباتات والحيوانات مما ساهم في حدوث ما يسمى تهديد التنوع البيولوجي .
تتأثر زراعة النباتات كثيرًا بتغير المناخ ، وعلى سبيل المثال تقوم درجات الحرارة العالية بالتقليل من صلاحية حبوب اللقاح خلال فترة الإزهار ، وحسبما اكتشف العلماء فمن المتوقع أن كل درجة مئوية تزداد على مقياس درجة الحرارة ، يقابلها انخفاض في نسبة المحصول بنسبة قدرها 10% ، ويشمل ذلك جميع
المحاصيل الزراعية
التي توجد في خطوط العرض بأكملها باستثناء خطوط العرض العليا .[1]
وتمثل المياه أحد أهم العوامل الأساسية التي تتحكم في معدل نمو النباتات ، حيث أن ما يقرب من 80% من حرفة الزراعة على مستوى العالم تعتمد على مياه الأمطار ، وبالتالي فإن حدوث تغير في كم الأمطار المتساقطة على مدار العام يكون له تأثير مباشر على كافة النباتات والمحاصيل الزراعية .[1]
وبعض الظواهر المناخية مثل الفيضانات تعتبر من أخطر التهديدات التي تنذر بالقضاء على المحاصيل الزراعية بنسبة ما يقرب من 27% مقارنة بالكوارث الطبيعية الأخرى .[1]
ويلعب تغير المناخ دورًا كبيرًا في تغيير أنماط وكم مسببات الأمراض والأعشاب الضارة والآفات الزراعية ، وهو ما قد ينتج عنه انتشار سريع للأمراض المعتمدة على الفطريات التي تنشأ حديثًا ، مما يهدد
دورة حياة النباتات
والحيوانات ، حيث أن الظروف المناخية القاسية ، مثل الجفاف المتكرر تؤثر بشدة على مجموعة الفطريات التي تعيش في التربة والتي تعمل على تحلل المواد الغذائية في التربة ، وهذا يؤثر بشدة على درجة حموضة التربة ، كما تشير بعض الأبحاث إلى أن التغير في الحموضة قد يغير صفات بعض تلك الفطريات من النفعي إلى العدائي .[2]
وتسعى العديد من الدراسات والأبحاث إلى التعمق في فهم النتائج التي يحدثها التغيرات المناخية على المحاصيل الزراعية وأيضًا التنوع البيولوجي ، حيث يمكن من خلال الفهم الواضح لطبيعة الأسباب والنتائج أن يتم التوصل إلى طرق مبتكرة لمقاومة الجفاف ، وزراعة محاصيل زراعية بآليات مستحدثة ، مع رفع كفاءة المياه المستخدم في الري ، والحفاظ على تنوع المحاصيل المختلفة .[1]
ويتطلب الأمر تطوير بعض الممارسات الزراعية ، وإنتاج نباتات تعتمد على
النيتروجين
للتقليل من كم الأسمدة المستخدمة في الزراعة ، وهو ما يقلل من انبعاث الغازات الضارة ، ويقلل من نسبة ثاني أكسيد الكربون ، بالإضافة إلى ضرورة التقليل من إزالة الأشجار ، مع تشجيع استخدام الوقود الحيوي لرفع كفاءة الأراضي الزراعية ، مع استغلال مخلفات المحاصيل في الزراعة . [1]
ولابد من تقليل حرق النفايات ، مع استخدام الآليات الصديقة للبيئة عند زراعة الأراضي ، وهو ما يمهد الطريق لتكيف المحاصيل الزراعية مع تغير المناخ ، وتوجد في ذلك الكثير من الطرق والخطوات التي تصلح لمقاومة تغيرات المناخ السلبية . [1]
تكيف النباتات مع آثار التغيرات المناخية
إن الكثير من النباتات التي نراها اليوم ظلت في أماكنها منذ مئات وربما آلاف السنين ، فالنباتات لا تستطيع التنقل مثل الحيوانات عندما تتغير الظروف البيئية المحيطة بها وهو ما دفع الباحثين للبحث بجدية عن وسائل تجعل النباتات تتكيف مع التغيرات الجديدة في المناخ . [3]
خلال السنوات المقبلة يتوقع العلماء أن تزداد حدة المشكلات الناتجة عن تغير المناخ ، حيث يفتقر سكان الأرض إلى الماء العذب ، ويعانون من الجفاف ، و
قلة سقوط الأمطار
، بالإضافة إلى الارتفاع الشديد في درجات الحرارة ، وهو ما يسبب تحديًا كبيرًا للأمن الغذائي .
ولكي يمكن التكيف مع آثار التغيرات المناخية يجب أولًا تحديد النتائج المحتملة التي تنتج عن تغيرات المناخ المستقبلية ، بما يشمل معرفة حجم الموارد المائية ، وما هي النظم الزراعية المتاحة ، بالإضافة إلى وضع مجموعة من الاستراتيجيات التي تهدف إلى تحقيق التكيف ، مع الأخذ في الاعتبار السياسات والخطط الاستثمارية والإدارية .
ولابد من وضع ورسم الخطط التي تساعد على التكيف مع الظروف المناخية الجديدة ، وكيفية التقليل من التأثيرات التي قد تحدث ببعض المناطق الأكثر عرضة للضرر ، بحيث يتمكن الزراعيين من تحسين عملية زراعة المحاصيل ، وضمان سلامة الأمن الغذائي .
ويسعى العلماء والباحثين إلى تطوير وابتكار مجموعة من الحزم التكنولوجية الذكية التي تركز على كيفية تطوير المحاصيل ، وتحسين استخدام المياه ، وكذلك تكيف النباتات مع الجفاف والأملاح ، وهو ما يساعد على الحفاظ على المنتجات الزراعية والحيوانية ، ويقلل من الخطورة الناتجة عن التغيرات المناخية .
وهناك مجموعة من التجارب التي تحاول التوصل إلى محاصيل زراعية تستطيع التأقلم مع الظروف المناخية الجديدة والتي تشمل الجفاف وزيادة
درجة الملوحة
، حيث أن مختلف المؤسسات الوطنية للبحوث الزراعية تضع مجموعة من الخيارات المتنوعة محل البحث والتجربة ، لاختبار
أنواع المحاصيل
التي يمكن زراعتها ، ودمجها ببعض الخطط والنماذج الاقتصادية ، مما يساعد على توسيع مناطق التنمية الزراعية والاقتصادية عن طريق إنتاج بذور قادرة على التكيف مع التغيرات المناخية .