تعريف الجائحة

الجائحة هي عدوى أو أفة أو ريح أو مطر أو غيرها مما يمكن أن تصيب الزرع أو الحيوانات ، وتسبب الضرر ، وقد حدثنا سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن طريقة التصرف الصحيح عند انتشار مثل ذلك الأمر . [1]

ماهي الجائحة

المقصود بالجائحة هي الآفة البعيدة عن صنع الإنسان ، أو التي ليس له يد فيها مثل البرد ، أو الرياح العاتية ، والعطش ، والجراد ، وأما من كان من صنع الإنسان وتسبب في الضرر فيجب عليه التعويض عما أحدثه من أضرار ، وذلك لما صح عن جابر رضي الله عنه أن الرسول عليه الصلاة والسلام قضى في الجائحة ، وتبعاً لمنظمة الصحة العالمية فإن الجائحة هي المرض الذي يجتاح مناطق واسعة ، وينتشر بين عدد كبير من الأشخاص مثل الأوبئة .

حكم وضع الجوائح

يوجد حالتان بالنسبة لوضع الجوائح وهما :

لو وقعت الجائحة قبل قبض المال

فلا يحق للبائع في تلك الحالة أخذ المال ، وذلك لما جاء عن جابر رضي الله عنه قول النبي الكريم ، ( لَوْ بِعْتَ مِنْ أَخِيكَ ثَمَرًا فَأَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ فَلاَ يَحِلُّ لَكَ أَنْ تَأْخُذَ مِنْهُ شَيْئًا بِمَ تَأْخُذُ مَالَ أَخِيكَ بِغَيْرِ حَقٍّ ) أخرجه مسلم .

لو وقعت الجائحة بعد قبض المال

فلو هلك الشيء الذي تم بيعه بعد القبض ، وينطبق هذا القول على التلف بفعل المشتري ، أو بفعل آفة من الآفات ، أو بفعل البائع ، أو بأي سبب من الأسباب فلا ينفسخ عقد البيع ، ويكون الضرر على المشتري لأن الأمر خرج من عهدة البائع  .[2]

وفي ذلك ثلاثة أقوال :

  • القول الأول : وهو مذهب المالكية ، وكان يأخذ بهذا القول ، وهو كذلك مذهب الظاهرية والحنابلة ، فجميعهم قالوا لو تلف الثمار بدون تقصير من المشتري يكون على البائع تحمل تبعاتها ، لو لم يكن الإهمال بسبب المشتري ، واستدلوا بحديث جابر ابن عبد الله رضي الله عنه وهو : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بوضع الجوائح ) ، وروى الحديث النسائي و أبو داود ، فقالوا : لقد أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بوضع الجوائح دليل على أن البائع هو من يتحمل مسئوليتها وليس المشتري ، وهذا ما جاء عن الإمام مسلم رحمه الله في شرح حديث الرسول الكريم .

وأما من حيث النظر فقالوا : إن المشتري إذا لم يستلم الثمر بشكل تام ، فلا يتم تحميله المسئولية عن ما هو ليس ملكه بالكامل ، وهذا رأي الإمام ابن القيم .

  • القول الثاني : وهو مذهب الشافعية والحنفية والليث بن سعد : فهم يروا أنه ما دامت تمت البيعة فلا يوجد شيء على البائع ، ولا يكون هناك إلزام من الشاري على البائع في شيء ، طالما تم الانتهاء من العقد ، وحملوا الحديث على اثنين من الوجوه وهما :

الوجه الأول : إن الهدف من الحديث الشريف عن وضع الجوائح على سبيل المحبة ، أو المساعدة من المسلم لأخيه المسلم ، وليس على سبيل الإلزام والحكم .

الوجه الثاني : أن البائع قد قام بالبيع وهو معتقد صلاح الثمار ، ولا يعلم بحدوث الجائحة ، وعلى ذلك يكون البيع بضمان المشتري ، وليس على البائع شيء .

واستدلوا بحديث الرسول عليه الصلاة والسلام : ( إذا منع الله الثمرة فبم يستحل أحدكم مال أخيه) .

واستدلوا كذلك : بعدم وضع الجوائح ، بمعنى أن المشتري يتحمل الضمان ، لما جاء عن الإمام مسلم عن أبي سعيد الخدري أنه قال : ( أن رجلاً أصيب في ثمار ابتاعها فكثر دينه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : تصدقوا عليه، فتصدق الناس عليه ، فلم يبلغ ذلك وفاء دينه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لغرمائه : خذوا ما وجدتم وليس لكم إلا ذلك  ) ، رواه مسلم  .

فهذا الحديث الشريف لم يحدد تلف الثمار بالآفات ، ولكنه قال : ( أصيب في ثمار ابتاعها ) ،  ويمكن أن يكون ذلك بسبب شراء الثمار بأعلى من ثمنها ، أو يكون قد اشتراها بأقل من سعرها ، أو يكون قد تعرض لآفة من الآفات، أو تعرض للسرقة على سبيل المثال ، ولا يشترط أن تكون آفة مما يدخل في وضع الجوائح .

  • القول الثالث : جاء عن الإمام مالك فقال أن الجائحة قد تسببت في الضرر لما هو أقل من ثلث الثمار فلا يُعتد بها ، أما لو زادت نسبة التلف عن الثلث فيقع الضمان على البائع وليس المشتري ، ويأخذ المالكية بالحديث ( الثلث والثلث كثير ) ، يعني: يطبقونه على أشياء كثيرة .

ونجد هنا تفريق فلو تسببت الجائحة ، أو المصيبة في ضياع ثلث الثمار ، أو أكثر يكون الضمان على البائع وليس المشتري ، ولو كان أقل من الثلث فلا يُعتد بذلك ، ويكون الضمان على المشتري ، ويشكر الله على بقاء الثلثين المتبقيين ، وهو كذلك رأي الإمام أبو داود .

رأي منظمة الصحة العالمية في الجائحة

طبقا لمنظمة الصحة العالمية ، يتم الاعتبار بوجود الجائحة إذا توافرت ثلاثة من الشروط وهي :

  • أن يظهر أحد الأمراض الجديدة على السكان .
  • أن يصيب المرض البشر وتظهر أعراضه الخطيرة عليهم .
  • أن ينتشر بسهوله ولفترة كبيرة بين البشر .

تصنيفات الجوائح

يمكن تقسيم الجوائح على 6 من المراحل تبعاً لمنظمة الصحة العالمية وهي :

المرحلة الأولى :  الفيروس الذي تتعرض له الحيوانات ، ولا ينتشر بين البشر .

المرحلة الثانية : فيروس يتعرض له الحيوان ، وتنتقل العدوى للبشر .

المرحلة الثالثة :  فيروس يؤدي لبعض الإصابات المتفرقة التي يتعرض لها مجموعات صغيرة ، ولكنه يمكن أن يؤدي لوباء إذا انتشر بين الناس .

المرحلة الرابعة :  التعرض لوجود وباء بشكل قريب ، ولكن لا يكون مؤكد ، ولكن يمكن أن ينتشر بشكل وباء بين المجتمع المحلي .

المرحلة الخامسة : العدوى بدأت تنتشر من شخص لآخر ، وقد تنتشر بين بلدين قريبتين من بعضهما في نفس النطاق الجغرافي ، والذي تحدده منظمة الصحة العالمية .

المرحلة السادسة : الوباء الذي ينتشر بشكل عالمي ، وتحدث العدوى بين أكثر من بلد لا تقع في نفس النطاق الجغرافي ، وذلك تبعاً لتوزيع المناطق الذي تعتمده منظمة  الصحة العالمية .

ومن أمثلة الأمراض التي مثلت وباء في فترات زمنية مختلفة : الإنفلونزا ، و

التيفوئيد

، والكوليرا ، والطاعون ،والملاريا ، والسل ، والجذام ، والحمى الصفراء . وأخيرا

فيروس كورونا

.