سيرة الشاعر ناظم حكمت
يُعد ناظم حكمت من
أهم الشعراء
في العالم الذين تميزوا بالنضال من أجل حرية وكرامة الإنسان في جميع الأزمان ، ومن أجل ذلك تنقل بين السجون وتم نفيه لمناداته بما كان ينادي به من أفكار ، وقد ترك العديد من الآثار الفكرية والأدبية التي تنادي بحياة أفضل ، ونتيجة لمجهوداته في المجال الأدبي نال جائزة السلام العالمية وهو ما زال في السادسة والثلاثين من العمر ، بسبب نضاله من أجل الحرية ، وفي سبيل العدالة و
الديمقراطية
، وبسبب ذلك نال الشهرة العالمية .
نبذة عن الشاعر ناظم حكمت
وُلد ناظم حكمت في الخامس عشر من يناير من العام 1902 في مدينة سالونيك بتركيا ، وهو شاعر تركي مشهور ، وكانت عائلته ثرية وكان معارض للإقطاعية في تركيا ، وشارك في الحركة التجديدية بقيادة
أتاتورك
، ولكنه ما لبث أن عارض النظام بعد ذلك مما أدى لسجنه .
فر بعد ذلك للاتحاد السوفيتي أو روسيا الاتحادية في الوقت الحالي ، وهو من الشعراء الشيوعيين لذلك تم منع أشعاره في تركيا ، ولكن تم إعادة الاعتبار له بعد ذلك ، وقد توفي في العام 1963 ، وما يميز شعره هو البساطة والمواقف الواضحة، حيث تناول في أشعاره جميع الأشكال ، واستفاد من مختلف الثقافات التي مر عليها ، وكان له العديد من العلاقات المتعددة مع العديد من
الشخصيات الأدبية في روسيا
، والبلاد الأوروبية ، والأمريكية، وبالدول العربية ، وله بصمة فريدة في الشعر ، ونجدها في أشعار نزار قباني وعبد الوهاب البياتي ، وغيرهم من شعراء العامية فقد تناول أسلوب شعري جديد لم يكن واضحاً قبل ذلك .
حياة ناظم حكمت
عاش ناظم حكمت بداية حياته في مدينة سالونيك بتركيا
العثمانية
، وتوجد في شمال اليونان وهو حفيد لناظم باشا الذي كان يشغل منصب عمدة مدينة حلب ، وكان ينتمي للطريقة المولوية ، وعمل في بداية حياته بالبحرية التركية محاولاً بعد ذلك الانضمام لحركة تحرير تركيا ، وذلك لتحرير اسطنبول والأناضول والتغلب على اليونانيين وحلفائهم الغربيين ، وقد تنقل بين السجون وأكثر من منفى بعد ذلك لمناهضته للحكم في تركيا ، ولكنه استمر في نظم الشعر من الخارج ، وله العديد من القصائد الشعرية التي سنتناول البعض منها في السطور التالية .
تأثير ناظم حكمت في الشعر التركي
يعتبر ناظم حكمت من الشعراء الذين أحدثوا طفرة في الشعر التركي منذ صدور ديوانه المدينة التي فقدت صوابها ، وهو الديوان الأول له في العام ،1931 ، ولكن كان له كتيب شعري قبله في العام 1929 ، وقد اهتم بتأسيس نوع من الشعر الجديد الذي استخدم تقنية شعرية حديثة ، تفتحت على ما يُعرف بالأيديولوجية الثورية ، فقد تبنت قصائده رؤية مختلفة للعالم ، وذلك بعد التغير الذي حدث في الحياة المدنية والمجتمع الصناعي ، وذلك من خلال الرؤية المأساوية التي كانت لا تخلو من التفاؤل ، والأمل ، والرغبة في تحقيق الثورة الاشتراكية لمبادئها .
ناظم حكمت والشعر العربي
لقد أثر ناظم حكمت بالأدب العربي وفي مختلف الأدباء العرب بشكل واضح ، وذلك لتميز أشعاره بالبساطة والمواقف التي كانت واضحة ، حيث أنه تعمد تجربة جميع الأشكال الشعرية الممكنة، سواء الموروث منها أو الحديث، وقد أثرت جميع الثقافات في تجربته الشعرية بشكل كبير ، وكان له العديد من العلاقات الشخصية بالكثير من الأدباء ، فأعطى شعره فخامة فريدة من نوعها للشعر العربي .
سجن ناظم حكمت
كان لناظم حكمت دور في جبهة الحرب ضد الحلفاء بقيادة
كمال أتاتورك
، وبعد العودة من الحرب أرسله أتاتورك في بعثة للدراسة في موسكو ، وذلك لكي يدرس علم الاجتماع بجامعة كوتييف ، واستمر في الدراسة حتى العام 1924 ، وبعد ذلك عاد لإسطنبول عند إعلان الجمهورية بدولة تركيا ، وقد تأثر ناظم بالشعر الروسي خلال دراسته بموسكو ، وخاصة بشعر يسينين وماياكوفسكي ، واهتم بالفكر الثوري والماركسية ، ودخل في الحزب الشيوعي التركي ، وكان ذلك سبباً في دخوله السجن عندما قام بنشر ديوان ثوري ، وتم الحكم عليه بمدة 15 عام لم يستكملها بسبب فراره من السجن بمساعدة زملائه ، وعاش بعدها حياة غير مستقرة ما بين السجن والمنفى ، وكتب مقالات باسم مستعار وهو أورخان سليم ، وعمل في السر بالصحف والمطابع ، كما عمل بمجال ترجمة الأفلام السينمائية باستديو الأفلام .
حُكم عليه بالسجن مرة أخرى في العام 1925 ، وتم تضييق الحصار عليه فهرب إلى موسكو ثم إلى
أذربيجان
، وأقام بها حتى العام 1928 ، وبعد ذلك عاد للبلاد مرة أخرى لكي يستكمل نشاطه السياسي ، عندما استقرت الأوضاع ، واستمر في الكفاح الوطني حتى توفي في الثالث من يوليو بالعام 1963 ، وترك ورائه ثروة أدبية كبيرة للقراء ، وأثراً إنسانياً بقي في القلوب حتى الأبد .
نماذج من قصائد ناظم حكمت
من قصيدة غابة السرو
ترامى إلى سمعي أنين ينبعث من غابة السرو
سألت نفسي: أيبكي أحد في هذا المكان ؟
أم أنَها الرياحُ وحيدة !
تردِّد هاهُنا ذكرياتُ حبّ عتيق ؟
ظننتُ أن الموتى يضحكون
حين تسدُل فوق عيونهم السِتارات السود
أم أن الموتى الذين أحبُّوا في حياتهم
مازالوا، بعد موتهم، ينوحون مع أشجار السرو ؟
من قصائد ناظم حكمت في الكفاح الوطني
يا وطني يا وطني
اهترأت قبعتي التي اشتريتها من دكاكينك
تقطع حذائي الذي حمل تُراب شوارعك
آخر قميص اشتريته في تركيا
صار مقطع الأوصال منذُ زمن
يا وطني لم يبق لدي منك سوى الشيب في شعري
ما عندي منك غير خطوط من الهموم تعلو جبهتي
يا وطني يا وطني يا وطني
قصيدة وحيدتي التي أهداها لزوجته وهو في المنفى
أنتِ وحيدتي في العالم
و تقولين في رسالتك الأخيرة :
«رأسي ينفجر ، قلبي يخفق
إذا شنقوك
إذا فقدتك
أموت
ستعيشين! امرأتي!
و ذكراي كدخان أسود
ستتبدّد في الريح
ستعيشين , يا أخت قلبي ذات الشعر الأشقر
فالموتى لا يشغلون أكثر من سنة
ناس القرن العشرين .