مفهوم جودة الحياة الوظيفية
الجودة هي المفهوم الهام والأساسي الذي يسعى كل فرد إلى الوصول إليه في جميع جوانب حياته ، وقد امتد هذا المفهوم أيضًا ليشمل المهام والأنشطة والوظائف التي يعمل بها الإنسان من أجل
كسب المال
وتوفير حياة كريمة له ولذويه ، ومن هنا ظهر مفهوم
جودة الحياة
الوظيفية الذي قد تناول عدد لا حصر له من الأبحاث والدراسات للوصول إلى توصيف هذا المفهوم بشكل دقيق .
مفهوم الجودة
المقصود بالجودة هو الوصول إلى أفضل إنتاج وإتمام المهام المختلفة بأعلى قدر من الإتقان والكفاءة من اتباع مجموعة من الطرق والوسائل التي تختلف وفقًا لطبيعة الهدف المُراد الوصول إليه ؛ وبالتالي ، يتم إطلاق لفظ الجودة على المهام التي قد تم تحقيقها إذا كان متوافقة مع معايير الجودة التي تحكم كل مهمة ، وقد أشار بعض علماء
علم النفس
إلى أن النفس البشرية بطبيعتها تميل دائمًا إلى الحصول على الجودة وعلى أفضل أداء وأجود منتج سواء كانت هي الطرف المُنتِج أو الطرف المستهلك .
الحياة الوظيفية
أما الحياة الوظيفية ؛ فهي لا تعني
المسميات الوظيفية
فقط ، وإنما هي تتعمق أكثر في وصف المفهوم الوظيفي الذي يعتبر جزء أساسي من حياة كل موظف ؛ ولا سيما أن الكثير من الأشخاص يقضون الجزء الأكبر من يومهم في مقر عملهم سواء في المؤسسات العامة أو الخاصة ، وبالتالي ؛ فإن بيئة العمل وأسلوب ونظام الإدارة وتطبيق معايير الجودة والسلامة داخل مؤسسة العمل وغيرها تأتي ضمن مفهوم واحد شامل وهو مفهوم الحياة الوظيفية .
جودة الحياة الوظيفية
لقد أشار مجموعة من الدارسين والخبراء إلى أن مفهوم جودة الحياة الوظيفية هو توصيف لعملية مدروسة ومحكمة وواعية قد تكون طويلة أو قصيرة الأجل ، ويتم تطبيقها عبر منظومة جماعية ديناميكية وتشاركية تهدف بشكل أساسي إلى رفع مستوى مهارة وقدرات الموظفين وتعزز من دور ومشاركة العاملين في عملية التنظيم الوظيفي ومن جهة أخرى تهدف إلى تحقيق الرضا الوظيفي لدى أفراد العمل .
كما أن جودة الحياة الوظيفية تشمل أيضًا مساعدة الموظف على تحقيق التوازن بين متطلبات الوظيفة وحياته الأسرية والخاصة ، ولا سيما أن تطبيق هذه الجودة قائم على مبدأ
العدالة الاجتماعية
بين الجميع وعدم التفريق بين أي موظف والاخر إلا وفقًا لقدرات ومهارات وخبرات كل شخص بل ومساعدة أصحاب المهارات الأقل أيضًا على الرقي بمستواهم الوظيفي عبر عقد الدورات التدريبية المستمرة لهم .
أبعاد جودة الحياة الوظيفية
هناك مجموعة من الأبعاد التي يعتمد عليها مفهوم الجودة ، مثل :
-تحقيق ونشر مبادئ الجودة الوظيفية في جميع المؤسسات ومنشات العمل العمل الصغيرة أو المتوسطة أو الكبيرة .
-التأكيد على أهم المهارات التي لا بُد أن تتوفر في قادة مؤسسات العمل وتفعيل قدرتهم على تحقيق
الرضا الوظيفي
وجودة الحياة الوظيفية سواء كانت مؤسسات عامة أو خاصة .
-توضيح حق الموظف في أن ينعم بحياة وظيفية مُريحة وعدم إثقاله بالأعباء الكثيرة التي تحول دون قدرته على الموازنة بين الحياة العملية والحياة الاجتماعية ؛ لأن ذلك من شأنه أن يُساعده على تجديد نشاطه والإقبال على العمل بتفاؤل .
-كما يُعد توفير بيئة عمل هادئة وخالية من الصراع الوظيفي هو أحد أهم أبعاد تحقيق مفهوم جودة الحياة الوظيفية .
أهداف جودة الحياة الوظيفية
ومن جهة أخرى ؛ فإن تحقيق مبدأ جودة الحياة الوظيفية يهدف بشكل أساسي إلى تحقيق مجموعة من الأغراض الهامة التي سوف ينتج عنها تحقيق الرضا الوظيفي ومن ثَم تحسين الإنتاج ورفعة شأن مؤسسة العمل ككل ، ومن هذه الأهداف ، ما يلي [1] :
-الحرص على تحسين الظروف المادية في مؤسسة العمل ولا سيما في المؤسسات الأهلية وغير الحكومية ، من خلال توفير بيئة عمل أكثر راحة للموظف ، ومن الأمثلة على ذلك تصميم مكاتب مريحة ودرجة إضاءة وتهوية جيدة وتوفير المكيفات واستخدام طلاء مناسب وتوفير كل أدوات العمل التي تجعل تنفيذ المهمة أكثر سهولة ، لأن ذلك سوف ينعكس على نفسية الموظف ويُساعده على إتمام عمله على أكمل وجه .
-مراعاة معايير الصحة والسلامة المهنية للموظفين ، من خلال توفير نظام وقاية ضد الحرائق وضد انتشار الأمراض عبر الكشف الدوري على الموظفين من أجل الحد من إصابات العمل قدر الإمكان .
-حث القائمين على شؤون وإدارة مؤسسة العمل على التخطيط الجيد للمهام الوظيفية والربط بين مهام الوظيفة وطاقة وقدرات كل موظف ، وإعطاء الموظف مساحة من الحرية حتى يتمكن من الإبداع في تنفيذ مهمته ، حتى تتمكن المؤسسة من أن تحصل على أعلى إنتاجية وأفضل أداء لموظفيها .
-كما أن الأمان الوظيفي يُعتبر من أهم وأبرز مبادئ وأسس وأهداف جودة الحياة الوظيفية ؛ وبالتالي ، يجب على جميع مؤسسات العمل أن تحرص على توفير الاستقرار والأمان الوظيفي لكل العاملين بها وعدم تهديدهم بالفصل أو الاستغناء عنهم طوال الوقت ؛ لأن ذلك من شأنه أن يخلق نوعًا من القلق والتوتر الذي يؤثر لا محالة على أداء ومعدل إنتاجية الموظف .
-مراعاة المساواة وعدم تمييز موظف على الاخر ؛ إلى جانب أهمية توفير بيئة عمل شفافة وصادقة ونظام ترقيات وفقًا لمهارات وخبرات وقدرات كل موظف والابتعاد تمامًا عن التمييز والمحسوبية التي تؤدي إلى ظهور الضغينة والصراع بين الموظفين وتؤدي في نهاية الأمر إلى التأثير السلبي على سير العمل وعلى جودة الإنتاجية الخاصة بالشركة .
-تقديم يد العون إلى جميع الموظفين من أجل مساعدة كل منهم على تطوير قدراته المهنية والعملية عبر تقديم
الدورات التدريبية المجانية
المكثفة على أيدي خبراء ومتخصصين في المجال من أجل رفع كفائتهم وقدرتهم على الإنجاز في العمل ، ولا سيما إذا تمكنت مؤسسة العمل من توفير بعثات تدريبية لموظفيها في بعض البلدان الخارجية .
-وتهدف جودة الحياة العملية كذلك إلى وضع جداول مُحددة لإنجاز المهام المختلفة ؛ حتى يتمكن الموظف من التعرف على الوقت الخاص بتنفيذ كل مهمة على حدا ؛ حيث أن تنظيم الوقت من شأنه أن يُساعد الموظف على الإنجاز دون أن يشعر بعبء وثقل المهام الموكلة إليه ، وينعكس ذلك دون شك على معدل الإنتاجية وتحسين الأداء الوظيفي داخل المؤسسة .
-تفعيل دور ومشاركة الموظفين في صنع القرار داخل الشركة ؛ حيث أن إتاحة الفرصة لكل موظف للتعبير عن رأيه وأفكاره تجاه أي قضية أو موضوع يتم مناقشته داخل الشركة وخصوصًا إذا كان صاحب تخصص سوف يُساعد على الوصول إلى أفضل الاراء ومن ثَم تطبيقها والوصول إلى أفضل وضع عمل داخل المؤسسة .
-الحرص على إعطاء الموظف وقت مستقطع من الراحة خلال يوم العمل ؛ حيث أن الكثير من الدراسات والأبحاث قد أشارت إلى أن العقل البشري يحتاج إلى فاصل زمني كل مدة قدرها 45 دقيقة حتى يستعيد نشاطه وتركيزه ، وبالتالي ؛ من الصعب أن يستمر الموظف على نفس الدرجة من التركيز خلال يوم عمل ودوام كلي أو جزئي ، مما يوضح ضرورة إعطاء الموظف وقت يتراوح بين 30 إلى 45 دقيقة من الراحة مرة واحدة يوميًا في حالة الدوام الجزئي ومرتين في حالة الدوام الكلي دون الاستقطاع من مرتب الموظف .
-وأخيرًا ؛ فإن استمرار تطبيق جودة الحياة الوظيفية يتطلب القيام بعمل تقارير دورية عن مستوى أداء الموظفين ومعدل الإنتاجية داخل الشركة والتعرف على أهم معوقات العمل ومشاكل الموظفين والعمل على إيجاد حلول لها قبل أن تتفاقم وتؤثر سلبيًا على معدل تقدم مؤسسة العمل .