بحيرة قراتشاي أكثر مكان ملوث على الارض
لقد غيرت
الحرب العالمية الثانية
أشياء كثيرة في العالم، لا سيما فيما يتعلق بكيفية حماية البلدان لأنفسها، حيث بدأت روسيا في السعي بنشاط لإنتاج
الطاقة النووية
والأسلحة في مختلف المفاعلات بنهاية الحرب، وبنوا منشأة نووية سرية تستخدم المياه من البحيرات القريبة للتبريد وإلقاء النفايات فيها، وتم استخدام واحدة من تلك البحيرات ” بحيرة قراتشاي ” للتخلص من النفايات المشعة بحلول عام 1990 لدرجة أن مجرد الوقوف بجانبها كان من شأنه أن يوفر لك جرعة مشعة كافية لقتلك .
بحيرة قراتشاي
تم استخدام بحيرة قراتشاي التي تقع في جبال الأورال الجنوبية في وسط روسيا، كموقع لإلقاء النفايات المشعة من مرافق الأسلحة النووية في
الاتحاد السوفيتي
، فقد كانت بحيرة كيزيلتاش أكبر مسطح مائي طبيعي قادر على توفير مياه التبريد للمفاعلات القريبة، ومع ذلك سرعان ما أصبحت ملوثة بسبب نظام الدورة المفتوحة، الأمر الذي جعل بحيرة قراتشاي والتي هي أقرب بكثير من المفاعلات، موقع مثالي للإلقاء السريع للنفايات النووية التي كانت ساخنة للغاية بالنسبة لأحواض التخزين تحت الأرض .
وقد تم التخطيط لاستخدام بحيرة قراتشاي كمخزن للمواد النشطة للغاية حتى يمكن إعادتها إلى أحواض التخزين في ماياك، ولكن ثبت أن ذلك مستحيل بسبب المستويات المميتة للغاية من الإشعاع، وتسببت كارثة Kyshtym عام1957 الناجمة عن انفجار الأوعية تحت الأرض في تلوث منطقة ماياك بأكملها، وقد كان ماياك أول مفاعل تم بناؤه سرا لإنشاء البلوتونيوم كجزء من مشروع
القنبلة الذرية
السوفيتية في أعقاب التفجيرات الذرية لهيروشيما وناجازاكي من قبل الولايات المتحدة [1] .
كيف تلوثت بحيرة قراتشاي
بين عامي 1945 و 1948 تم بناء مصنع ماياك على عجل وسرية كبيرة، وكان الهدف من بناء المحطة هو التوفيق بين القوة النووية للولايات المتحدة، ولم يتم إيلاء أي اهتمام لسلامة العمال أو كيفية التخلص من النفايات النووية بأمان، وتم تحسين جميع المفاعلات لإنتاج
البلوتونيوم
، مما يعني إنتاج أطنان من المواد الملوثة كذلك، لقد استخدموا نظام تبريد مفتوح الدورة، وكانت المياه المستخدمة لتبريد المفاعلات ملوثة بآلاف الجالونات يوميا .
وقد تم الكشف عن وجود ماياك رسميا في عام 1990، حيث حدثت زيادة بنسبة 21 بالمائة في حالات السرطان، وزيادة بنسبة 25 بالمائة في العيوب الخلقية، و 41 بالمائة في سرطان الدم في المنطقة المحيطة، ويقدر أن رواسب البحيرة تتكون من رواسب نفايات مشعة عالية المستوى على عمق يصل إلى 11 قدما، ويعتقد العلماء أن أكثر من 5 ملايين متر مكعب من المياه الملوثة قد هاجرت بمعدل 80 مترا سنويا، وفي عام 1990 ، انبعثت المنطقة التي تم تصريفها من النفايات 600 رونتنج في الساعة من الإشعاع، وهو ما يكفي لإعطاء جرعة قاتلة للإنسان إذا تعرض لها لمدة ساعة فقط [2] .
جفاف بحيرة قراتشاي
منذ الستينيات بدأت البحيرة في الجفاف وانخفضت مساحتها من 0.5 كيلومتر مربع في عام 1951 إلى 0.15 كيلومتر مربع بحلول نهاية عام 1993، وفي عام 1968 عانت المنطقة من الجفاف مما تسبب في انتشار الغبار من البحيرة المجففة وهذا أثر على نصف مليون شخص، لذلك بين عامي 1978 و 1986 قام المهندسون الروس بتعبئة البحيرة تدريجيا بكتل خرسانية لمنع التلوث الذي يحمله الهواء، واستخدموا أكثر من 10000 كتلة خرسانية مجوفة لمنع الترسبات، وتبدو البحيرة الآن ممتلئة بالكامل بالخرسانة رغم هذا فهي لا تزال خطرة [3] .
أين تقع بحيرة قراتشاي
تقع بحيرة قراتشاي في منطقة Chelyabinsk جنوب غرب روسيا، بالقرب من الحدود مع كازاخستان في جبال الأورال، وتقع هذه البحيرة داخل منطقة إنتاج ماياك، التي تعد واحدة من أكبر المنشآت النووية وأسرعها في روسيا، وهي ملوثة بالإشعاع لدرجة أنها تعتبر أكثر الأماكن تلوثا على الأرض، وقد ظلت ماياك سرية من قبل الحكومة الروسية حتى عام 1990، حيث تم بناءها في الأربعينيات بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، وكان ماياك أهم مصانع الأسلحة النووية في روسيا [4] .
الأسلحة النووية في روسيا
أصبحت
روسيا
ثاني دولة حائزة للأسلحة النووية في العالم بعد أن أجرت أول اختبار لها في سيميبالاتينسك كازاخستان في 29 أغسطس 1949، وهي اليوم واحدة من خمس دول معترف بها في مجال الأسلحة النووية بموجب معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (NPT)، وقد أسفر سباق التسلح خلال الحرب الباردة أيضا عن تكديس الاتحاد السوفياتي لترسانة واسعة من الأسلحة النووية الاستراتيجية وغير الاستراتيجية، وعلى الرغم من أن النكسات الكبيرة الأخيرة في العلاقات الأمريكية الروسية قد أثرت سلبا على تحديد الأسلحة الثنائية و
منع انتشار الأسلحة النووية
، فقد شاركت روسيا تاريخيا في العديد من المعاهدات والمبادرات الثنائية لتحديد الأسلحة مع الولايات المتحدة .
وبموجب شروط اتفاقية ستارت الجديدة الموقعة في أبريل 2010 طلب من روسيا خفض ترسانتها النووية الاستراتيجية إلى 1550 رأس تشغيلي و 800 قاذفة، وبالإضافة إلى قدراتها في مجال الأسلحة النووية، تمتلك روسيا بنية تحتية مدنية واسعة للطاقة النووية، بما في ذلك 35 مفاعلا يعمل بالطاقة النووية في 10 محطات للطاقة النووية، وشبكة واسعة من مرافق دورة الوقود، وتخطط الحكومة الروسية لتوسيع الطاقة النووية المدنية خلال العقود القادمة من خلال بناء مفاعلات جديدة [5] .
تلوث الماء بالنووي
يعرف التلوث الإشعاعي بأنه التلوث المادي للكائنات الحية وبيئتها كنتيجة لإطلاق
المواد المشعة
في البيئة أثناء التفجيرات النووية واختبار الأسلحة النووية، وإنتاج الأسلحة النووية وإيقاف تشغيلها وتعدين الخامات المشعة والتعامل معها والتخلص منها، والنفايات المشعة والحوادث في محطات الطاقة النووية، ويتم إجراء الاختبارات النووية لتحديد مدى فعالية الأسلحة النووية وإنتاجيتها وقدرتها التفجيرية، وتبلغ نسبة التلوث الإشعاعي 15 بالمائة من إجمالي طاقة الانفجار، والتلوث الإشعاعي للمياه ومصادر المياه هو نتيجة السقوط الإشعاعي من سحابة الانفجار النووي، وتمثل النويدات المشعة المصادر الرئيسية للتلوث، حيث تنبعث منها جزيئات بيتا و
أشعة جاما
والمواد المشعة [6] .
حوادث النووي
يحدث التلوث الإشعاعي عندما يكون هناك وجود أو ترسب للمواد المشعة في الغلاف الجوي أو البيئة، ويرجع التدمير الناجم عن المواد المشعة إلى انبعاثات الإشعاعات المؤينة الخطرة (الانحلال الإشعاعي)، مثل جسيمات بيتا أو ألفا أو أشعة جاما وغيرها، ونظرا لأن المواد تتميز بالإشعاع لوجود الكثير من الجسيمات الغير مستقرة فيها، يمكن أن تؤثر بشكل خطير على حياة النبات والحيوان والإنسان وتغييرها بل وتدميرها، ويعتمد مدى الضرر أو الخطر على البيئة على تركيز المادة المشعة، والطاقة المنبعثة من
الإشعاع
، وقرب المواد المشعة، ونوع الإشعاع .
وفي عالم ما بعد الحداثة يتم اكتشاف أشكال مختلفة من الطاقة، من بينها الطاقة النووية التي توصف بأنها أكثر مصادر الطاقة قوة بسبب قوتها الكامنة العالية، وتشير التقارير إلى أن الطاقة الكامنة العالية ترجع إلى ارتفاع
مستوى الإشعاع
، لذلك يحظر استخدامه، ولكن الأبحاث جارية لتحديد سلامتها البيئية وتطبيق التدابير الاحترازية الأنسب لاستخدامها، ومع ذلك في بعض الحالات والبلدان وقعت حوادث في محطات الطاقة النووية مثل كارثة فوكوشيما دايتشي النووية، وكارثة تشيرنوبيل، وحادث جزيرة ثري مايل، الذي خلفت العديد من القتلى، وغيرهم الكثير ممن تأثروا بالإشعاعات الصادرة سلبا [7] .