قصة سبارتاكوس عبد الامبراطورية الرومانية
سبارتاكوس أحد أشهر الشخصيات في العصور القديمة ، لقد تم الاعتراف بذكائه كمخطط عسكري واستراتيجي حتى من قبل أعدائه ، كان مصارعًا وزعيمًا لآخر ثورة عبيد عظيمة لزعزعة
الإمبراطورية الرومانية
73-71 قبل الميلاد.
وبالرغم من أنه تم سحق انتفاضته ، وتم إبادته هو وأتباعه ، من قبل جيوش بومبي وكراسوس مجتمعتين ، لكن هناك بعض الجدل حول ما نتج عن ثورة العبيد ، فبالنسبة للعديد من المؤرخين القدماء ، كانت ثورة 73-71 قبل الميلاد بمثابة فشل كامل ، لكن هناك الذين يعتقدون أنه بالرغم من الهزيمة العسكرية لسبارتاكوس ، أن ثورته غيرت الإمبراطورية الرومانية ، مما أدى ذلك إلى صعود كراسوس ، ودمار معظم جنوب إيطاليا.
وسوف يناقش هذا المقال قصة سبارتاكوس عبد الامبراطورية الرومانية ، وأن تمرده قد نجح في تغيير تصور الرومان للعبيد ، الذي أدى إلى تحسينات في حياة ووضع العبيد وتقليص العبودية تدريجيًا. [1]
العبودية في المجتمع الروماني
كانت العبودية منتشرة في المجتمع الروماني ، فنسبة كبيرة من السكان كانوا عبيدا ، وقد كان لمؤسسة العبودية وضع قانوني في القانون الروماني ، وأي عبد كان ملكًا لصاحبه ، لدرجة كان للمالكين قوة هائلة على عبيدهم تصل لحد الحكم بالحياة أو الموت عليهم ، ولقد استغل الأسياد عبيدهم بكل طريقة ممكنة ، ماعدا بعض العبيد سعداء الحظ والذين تم إطلاق سراحهم من قبل أسيادهم وأصبحوا أحرارًا.
وقد تباين دور العبيد في المجتمع الروماني ، وعملوا كخادمات في المنازل ، وعمال زراعيين ، وعمال مناجم ، وحتى حرفيين ، وتم تعليم العديد من العبيد وعملوا كمسؤولين أو كمدرسين ، وقد تزايدت أعدادهم بشكل كبير خلال القرن الثاني والأول قبل الميلاد.
زيادة عدد العبيد بالامبراطورية الرومانية
بسبب غزو روما لمختلف الممالك في
البحر الأبيض المتوسط
، وجلب العبيد من الجيوش التي غزوها ، أدى ذلك إلى زيادة أعداد العبيد في روما وإيطاليا ، وتركزت أعداد كبيرة منهم في جنوب إيطاليا وصقلية ، وقد اشتغل معظمهم كعمال زراعيين لدى أصحاب العقارات الكبيرة.
وبسبب أعدادهم الكبيرة ، استخدم الرومان أيضًا العديد منهم كمصارعين ، ولضمان طاعة عبيدهم لهم وولائهم المطلق ، استخدم الرومان المعاملة الوحشية ضدهم ، ومع ذلك فشلت تلك الطرق لإرهابهم ، ومنع قيام حرب العبيد في صقلية في 135 قبل الميلاد و140 قبل الميلاد ، وقد شارك في هذه الحرب الآلاف من العبيد ، الذين حاربوا الرومان ودمروا مساحات واسعة من الريف الصقلي. [2]
سبارتاكوس وحرب العبيد الثالثة
وفق للفيلسوف والمؤرخ اليوناني لبلوتارخ ، كان سبارتاكوس ثراسيا ، أحد المصارعين لدى الرومان ، وذلك بسبب قوته ومهاراته القتالية ، لكنه قام بالهروب من مدرسته ، وقد خطط لذلك في عام 73 قبل الميلاد ، في مؤامرة انضم لها نحو 100 مصارع آخر ، بالقرب من كابوا بجنوب إيطاليا.
وقد تم اكتشاف المؤامرة ، ونجا 50 فقط من المصارعين ، وانتخب المصارعون الهاربون سبارتاكوس وكريكس الغال كقادة لهم ، وبرز سبارتاكوس كقائد للعبيد ، مع ضرورة بقاء القادة الآخرين على مكانتهم للعمل على نجاح التمرد ، وأسس سبارتاكوس ورجاله معسكرًا على سفوح جبل فيزوف في جنوب إيطاليا.
الاشتباك بين القوات الرومانية والمتمردين
أرسل الرومان حملتين مسلحتين لإخضاع المصارعين السابقين وإنهاء التمرد ، وشكل المصارعون السابقون الذين انضم إليهم الآن عبيد آخرون ، قوة هائلة تحت قيادة سبارتاكوس ، وتمكنوا من هزيمة كل من الحملات الرومانية.
وكان المتمردون محظوظين حيث كان العديد من الجحافل الرومانية ، منخرطة في الحرب ضد ميثريدات ، وقد أدى نجاحهم ضد القوات الرومانية ، إلى انضمام المزيد من العبيد إلى صفوفهم.
هناك بعض التكهنات بأن العبيد انقسموا إلى مجموعتين ، الأولى تحت قيادة سبارتاكوس ، والأخرى بقيادة بكريكس ، في 72 ق.م. هزم العبيد قوة من حراس المشاة الرومانية تحت قيادة اثنين من القنصلين ، وقد تسببت هذه الهزيمة في حالة من الذعر في روما ، فقد كان ينظر لهذا التمرد من قبل قادة روما ، طوال الوقت باستهانة.
وقد توقع الكثيرون أن يتقدم سبارتاكوس بمسيرة نحو المدينة ، ولكن بدلا من ذلك سار سبارتاكوس إلى الجنوب للنهب وجمع الغنائم ، وعند عودته بالمسيرة في اتجاه
روما
، اشتبكوا بقوة رومانية أخرى وهزموها. [3]
حصار المتمردون وسحق ثورتهم
في ذلك الوقت تقدم كراسوس ، وهو أحد الشخصيات البارزة والثرية في روما ، بعرض خدماته لمجلس الشيوخ ، وهي جمع قوة عسكرية رومانية هائلة وقوية ، والتقدم بها في مواجهة سبارتاكوس وجيشه المتمرد وقد كان له ما طلب.
كان كراسوس تكتيكًا ماهرًا ، وقد قام بالاشتباك مع العبيد في عدة مواجهات صغيرة فاز بها ، وركز على نقاط ضعفهم ودرسها جيدًا ، واستطاع اجبار سبارتاكوس على التراجع جنوبًا إلى تو بإيطاليا.
وبحلول عام 71 قبل الميلاد ، حدثت الاشتباك الأول بمضيق ميسينا ، ويذكر المؤرخ بلوتارخ أن سبارتاكوس كان يعتزم التحرك بجيشه إلى صقلية ، لكنه لم يتمكن من تأمين السفن اللازمة للقيام بذلك ، فأمر جيشه بالعودة إلى الشمال*
ولكنهم عندما شقوا طريقهم باتجاه الشمال ، واجههم كراسوس بجيشه الجرار وجحافله القوية ، كما قام الرومان ببناء سلسلة من التحصينات ، والتي تمكنوا من خلالها حصار سبارتاكوس وجيشه في مساحة صغيرة جدًا مع إمدادات ضعيفة.
انتصار كراسوس
على سبارتاكوس
كانت لقيادة كراسوس نتيجة كبيرة في هزيمة سبارتاكوس إلى حد كبير ، حيث اعتمدت استراتيجيته على احتواء سبارتاكوس بحصاره في مساحة صغيرة ، ثم إضعافه وعناصر جيشه بقلة الإمدادات ، قبل إجبارهم على الاشتباك في معركة حاسمة ، فتل فيها سبارتاكوس وهزم جيشه هزيمة ساحقة ، فعلى عكس القادة
الرومان
الآخرين ، لم يقلّل كراسوس من شأن خصمه ، وفي أعقاب هزيمة وموت سبارتاكوس ، تم الإشادة بقيادة كراسوس على نطاق واسع. [4]
وضع كراكوس في روما بعد الانتصار
ففي السابق كان لكراسوس تأثير في الحياة العامة الرومانية بسبب ثروته الهائلة ، لكن بعد دوره في هزيمة سبارتاكوس ، رحب به كثيرون باعتباره منقذ روما وأصبح يتمتع بشعبية واسعة ، سمحت له هذه الشعبية بأن يصبح قنصلًا ، وأنشأ لاحقًا أول سلطة سياسية ثلاثية الحكم مع قيصر وبومبي ، وقد سيطرت تلك السلطة على روما لعدة سنوات ، وقد كانت أحد أسباب
سقوط الامبراطورية الرومانية
أثر حرب العبيد الثالثة على روما
تعد حرب العبيد الثالثة ، أكبر تمرد للعبيد في العالم القديم ، وقد أثرت ثورة سبارتاكوس حتى وإن هُزِمت فيما يلي :
1- دمرت الحرب معظم جنوب إيطاليا ، ودمرت العديد من البلدات والعقارات التي طالتها.
2- تم تحرير العديد من العبيد أو هروبهم من مالكيهم ، وانضم العديد من الرعاة المحليين إلى التمرد.
3- استغرق الأمر سنوات عديدة لجنوب إيطاليا للبناء مرة أخرى ، وأصبحت اللصوصية متوطنة.
4- في أعقاب ثورة سبارتاكوس ، أصبح العديد من ملاك الأراضي في جنوب إيطاليا ، مفلسين أو دمرت ممتلكاتهم ، مما دفع العديد من الملاك لتبني استراتيجية جديدة ، بديلة للنظام الذي كان مهيمن على معظم المناطق الريفية الإيطالية.
5- حدث انخفاض حاد في أعداد الرقيق ، في السنوات التي تلت ثورة سبارتاكوس ، وبدلًا من استخدام ملاك الأراضي للعبيد ، استأجروا أجزاء من أراضيهم لهم ، وفي المقابل حصلوا على إيجار وحصة من المحاصيل المزروعة.
6- كان هذا النظام مشابهًا للنظام الإقطاعي في أوروبا في العصور الوسطى ، حيث كانت العديد من العقارات تستخدم عمالة العبيد ، وقد قاموا تدريجيًا بتخفيض عدد العبيد.
7- هزت ثورة سبارتاكوس ثقة النخبة الرومانية ، في تحولهم إلى استراتيجيات جديدة للسيطرة على عملهم ، فسبارتاكوس ورجاله قد أثبتوا أن العبيد يشكلون قوة عاملة غير مضمونة بل وخطرة.