أسباب وضع السجادة الحمراء في استقبال الضيوف

السجادة الحمراء red carpet هي البساط الرسمي الممتد لاستقبال الملوك والرؤساء ، وتطور استخدامها حتى أصبحت اللون الرسمي للسجاد الذي يوضع في القاعات الكبرى التي يتم بها تكريم الفائزين في المؤتمرات وفي المناسبات الرسمية ، وتطور استخدامها أكثر حتى أصبحت الراعي الرسمي لاستقبال الفنانين في المهرجانات السينمائية وأشهرها الأوسكار.

وللسجادة الحمراء أصل وتاريخ وقصص تسرد ، وأسباب لوضع السجادة الحمراء في استقبال الضيوف ، وما سبب أن دولة تركيا هي الدولة الوحيدة في العالم ، التي خالفت تلك القاعدة.


تاريخ السجادة الحمراء


السجادة الحمراء في عهد البابليون

يذكر التاريخ أن البابليون هم أول من استخدموا البساط الأحمر ، فقد كان يوضع لاستقبال قادة الحرب والشخصيات العسكرية المهمة ، وسر اختيارهم للون الأحمر كان بسبب التكلفة العالية لصناعة النسيج حتى يصل للون الأحمر ، حيث يدخل في مكوناته العديد من المواد باهظة الثمن لتثبيت اللون ، عكس الألوان الأخرى.

ويعود أيضًا سر اختيار البابليون للسجاد الأحمر ، لما له من فخامة وجمال وجاذبية ، تدل على تميزه وأهميته حتى إنه قام الأثرياء باستخدامه في قصورهم للدلالة على مدى الثراء ، وهو ما جعل السجاد ذو اللون الأحمر مرتبط بالثراء ، وتوارث الأجيال تلك الفكرة حتى عصرنا الحالي.


السجادة الحمراء في عصر الإغريق

وفي عصر الإغريق فنجد اليونانيون يروون أساطير ، تؤكد أنهم أول من استخدم السجادة الحمراء ، في استقبال الأباطرة وأبطال الحروب الإغريقية ، ففي الأدب اليوناني القديم في مسرحية اخيليوس عام 458 قبل ميلاد ، ما يؤكد أن بداية من استخدم اللون الأحمر بالترحيب بالقادة والعظماء.

فتروي الأسطورة أن زوجة الملك الإغريقي اجاممنون ملك ارغوس ، والتي بسطت له سجادة حمراء ضخمة حين عودته من حرب طروادة التي انتصر فيها ، وقد تم فرش السجادة الحمراء من بوابة المدينة المحصنة ، وحتى قصره.

ولكي يتم صبغ السجادة باللون الأحمر ، فقد تم هرس كمية كبيرة جدا من الأصداف البحرية ، والتي تم استخراجها من البحر الأبيض المتوسط ، وقد كان ذلك تكريمًا لجهوده الكبيرة ، وتضحيته لبلاده حتى جاء بالنصر للبلاد ، وللون الأحمر دلالة على الدم الذي تم اراقته للوصول لذلك النصر العظيم.


الاستخدامات المتعددة للسجادة الحمراء


السجادة الحمراء ومحطات القطار

في عام 1902م في مطلع القرن الماضي ، كان أول استخدام للسجادة الحمراء في محطات القطار بمدينة نيويورك ، وذلك عندما قرر مسؤولين محطات السكك الحديدية بالولايات المتحدة الأميركية ، تغطية ممرات الركاب وحتى بوابات القطار بلون مميز ، حتى يعطي شعور بالترحيب وحسن الضيافة للراكب ، وفي نفس الوقت يكون اللون ملائم لفترات الليل والظلام ، حتى أصبحت ظاهرة تبعتها العديد من الولايات الأميركية تباعًا ومن ثم انتشرت حول العالم.


السجادة الحمراء والفنادق الفاخرة والقصور

انتشر استخدام السجادة الحمراء في القصور الفارهة والفنادق الفاخرة ، لما يتميز به اللون الأحمر من فخامة ولفت للنظر ، والشعور بالرقي والثراء ، فوجود السجاد الأحمر من باب الوصول وحتى مكان الاستقبال ، وعلى الدرج وفي الممرات بين الغرف ، يجعل النزيل في حالة نفسية متميزة ، وكأنه في حفل استقبال ملكي ، مليء بالحفاوة والترحاب ، حتى أصبح لون السجاد الأحمر ، قاعدة أساسية في الفنادق الفاخرة والقصور الفارهة ، وهو عرف سائد في جميع الفنادق حول العالم.


السجادة الحمراء في المهرجانات الدولية

لا يخلو أي مهرجان من وجود السجادة الحمراء لاستقبال الضيوف ، ويرجع ذلك لما تمنحه التمشية على السجادة الحمراء من شعور بالفخر ، فاللون الأحمر أكثر الألوان تماشي مع الفخامة والرقي ، مما جعله الأكثر استخدامًا في حفلات الاستقبال الرسمية والمؤتمرات الدولية ، والمهرجانات الدولية والاجتماعات الدبلوماسية.

حتى في مهرجانات عروض الأفلام السينمائية تعتمد على السجاد الأحمر كلون أساسي في تنظيمها ، لما يمنحه من شعور بالدفء والحب.


السجاد الأحمر واستقبال الرسمي في الدول

وفي عام 1821م ، تم فرش السجادة الحمراء حتى النهر في التاريخ الحديث ، وذلك على شرف استقبال الرئيس الأمريكي جيمس مونرو ، وتختلف أطوال السجاد في الاستقبال الرسمي في الدول ، تبعًا لنوع الزيارة الرسمية كالتالي

:


زيارة الدولة :

من المعروف أن زيارة الدولة يشترط أن تكون بدعوة رسمية للضيف الزائر ، من قبل رئيس الدولة ، وفيها يتم استقبال الضيف تسكينه في مقرات الإقامة الرسمية التابعة للدولة ، حتى انتهاء مدة زيارته ، وتحظى تلك الزيارة دائمًا باهتمام كبير حيث يسودها أجواء احتفالية وتشريفيه للضيف والوفد المرافق معه ، ويراعى بها جميع قواعد البروتوكول المتفق عليه ، ومن مظاهر قواعد البروتوكولات هو أن يكون السجاد الأحمر أساسي في استقبال الزوار ، ويكون طول السجاد 50 متر .


الزيارات الخاصة :

وتلك الزيارة يقوم بها رئيس دولة أو وزير أو رئيس حكومة ، وتكون زيارة خاصة بالعمل أو زيارة شخصية أو زيارة متعلقة بأمر من أمور السياحة ، وهذا النوع من الزيارات ليس له قواعد استقبال رسمية ، ولا بروتوكولات خاصة ، ولا تشريفات ملفتة للنظر ، وبها يكون طول السجادة الحمراء لاستقبال الضيف 10 أمتار فقط.


السجادة الحمراء في هوليود

في عام 1922م ، في العرض الأول لمسرحية روبن هود على المسرح المصري لهوليود ، تم استخدام السجادة الحمراء لاستقبال الفنانين والضيوف ، وقد وجدت السجادة الحمراء طريقها لحفل توزيع جوائز الأوسكار العالمي منذ ذلك اليوم.

وليس من العجب أنه يتم فرش السجاد الأحمر لمهرجان الاوسكار بهوليود على مدار يومين ، إذ يبلغ طولها 153.50 متر مربع.

وفي عام 1992م قامت الشركة الأميركية للسجاد the american truf and carpet بمزج لون السجاد الأحمر ، بألوان مختلفة ليتخذ لون السجاد الأحمر القاني ، ويتم وضع طبقات فوق السجاد لحمايته ، ويتم استبداله كل عامين.


السجاد الأحمر وتكريم نجوم العالم

ارتبطت وجود السجادة الحمراء بتكريم النجوم ومشاهير العالم ، ففي مهرجان كان السينمائي وهو أهم المهرجانات العالمية ، والذي تم انطلاقه عام 1939م بشكل سنوي في مدينة كان جنوب فرنسا ، تم فرش السجاد الأحمر ، والذي منذ ذلك الحين أصبح اللون الرسمي لجميع المهرجانات السينمائية والعالمية.

وأصبح ممشى السجادة الحمراء لاستقبال النجوم ومشاهير العالم ، والتقاط الصور الفوتوغرافية عليها ، وعمل المقابلات التلفزيونية القصيرة ، قبل وبعد المهرجان أمر أساسي للاحتفال بالنجوم.


منع السجاد الأحمر في تركيا

وخلافا لجميع دول العالم ، منعت تركيا فرش السجاد الأحمر لاستقبال ضيوف الدولة ، ويعود ذلك لقرار رسمي أصدره الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ، في 19 نوفمبر عام 2013م ، بشأن لون السجاد المستخدم في استقبال الزيارات الرسمية ، حيث تقرر استبدال السجاد الأحمر باللون الأزرق ، وذلك لتطبيق القرار الرسمي الصادر.

وأوضحت وسائل الإعلام التركية عن سبب ذلك ، حيث يرجع لأن الرئيس رجب طيب أردوغان ، رفض أن يكون لون علم الدولة ، هو نفس لون السجاد الذي يتم السير عليها بالأقدام.