الفرق بين المشاهدة والمكاشفة والتجلي
مع تعدد التحزب الديني في الإسلام ؛ ظهرت العديد من المسميات والمفردات والمعاني التي تتبناها وتؤمن بها بعض الأحزاب الإسلامية مثل الصوفية وغيرها ، حيث أن بعض الفئات تتبنى مجموعة من الأفكار الروحانية المختلفة مثل المكاشفة والتجلي التي يؤمن بها أهل التصوف وغيرهم .
علم المكاشفة
يرى أهل التصوف وجميع المنتمين إلى الصوفية أن الولي الصالح يكون ذو كرامات ومقامات خاصة مختلفة عن باقي المسلمين ؛ حيث يرون أنه بإمكانه أن يرى سيدنا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ أثناء اليقظة بل إنهم يرون أيضًا أن الأولياء الصالحين قادرين على الإطلاع على اللوح المحفوظ وعلى الذات الإلهية وغيرها من الكرامات الأخرى .
الاختلاف بين المشاهدة والمكاشفة والتجلي
على الرغم من تداخل معاني تلك المفردات نوعًا ما ؛ إلا أن كل منهم يحمل معنى مختلف بعض الشيء عن الآخرين ، وقد قام بعض علماء الدين الإسلامي بإصدار بعض الفتاوى عن المشاهدة والتجلي والمكاشفة ، على النحو التالي :
المشاهدة
لقد ورد عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال : { الإحسان أن تعمل لله كأنك تراه ، فإنك إن لم تره فإنه يراك } [1] ، والمقصود من الحديث الشريف أن المؤمن الذي يُراقب الله تبارك وتعالى في جميع تصرفاته وأفعاله ويفعل ما يرضي الله ويتجنب ما يغضبه هو قمة الإيمان بالله تعالى والإحسان ؛ وبالتالي فإن الرؤية هنا لا تعني رؤية الذات الإلهية ، وإنما المقصود بها الرؤية القلبية الإيمانية فقط ، أما إدعاء الصوفية بأن بعض الأشخاص لديهم علم المكاشفة والقدرة على رؤية الخالق عز وجل هو أمر جلل ولا يجوز التفوه به .
المكاشفة
بينما مصطلح المكاشفة أو المُعالمة ؛ فهو يُعني تمام اليقين وهو يأتي في عدة أوجه ؛ حيث تكون مكاشفة بالإخبار أو بالقلوب أو بإظهار القدرة ، وقد أشار الغزالي إلى أن علم المكاشفة يعني اكتشاف عظيم صفات الخالق عز وجل فقط واستقرار الإيمان بالله تعالى وصفاته في قلب المؤمن ، ولا يحمل أي نوع من أنواع المشاهدة عينية للذات الإلهية أو اللوح المحفوظ على الإطلاق [2] .
التجلي
كما ترى الصوفية أن الأولياء الصالحين ذو قدرة على الإطلاع على الغيب وعلى رؤية الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ عيانًا بيانًا ، ورؤية الذات الإلهية ، وقد أشارت الفتاوى الإسلامية أيضًا إلى أنه لا يجوز لأي شخص أن يدعي رؤية اللوح المحفوظ أو الإطلاع على الغيب ؛ حيث لم يرد في السيرة النبوية والقرآن الكريم أي نصوص تدل على ذلك الأمر ، حيث أنه لا يطلع على الغيب إلا الله تعالى ، وقد أطلع الله تعالى أنبيائه ورسله على بعض من الغيب من خلال الوحي السماوي من أجل تأييد دعوتهم للخليقة إلى التوحيد والإيمان بالله تعالى [3] ، وقد ورد في ذلك قول الخالق عز وجل : { عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَىٰ غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنِ ارْتَضَىٰ مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا } [4] .
وبالتالي ؛ فإن فتاوى علماء المسلمين فيما يخص علم المكاشفة أو التجلي أو المشاهدة للذات الإلهية أو الإطلاع على اللوح المحفوظ والإلمام بالغيب أو رؤية سيدنا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ أثناء اليقظة ؛ ما هي إلا أمور تأتي تحت بند الضلال والجهل بعظيم الدين الإسلامي وجوهره الحقيقي ، ولا تليق بالمسلمين ، ولذلك ؛ يجب عدم الركون إلى مثل هذه المعتقدات التي قد تكون أحد صور الشرك بالله تعالى .