دور معاهدة وستفاليا في العلاقات الدولية

تعتبر

معاهدة وستفاليا

التي انعقدت بمنطقة وستفاليا في شمال غرب ألمانيا ، أولى معاهدات الصلح والسلام التي انعقدت بالعالم في العصر الحديث ، فهي أولى العلاقات الدبلوماسية الدولية ، التي أرست مبدأ السلام بأوروبا ، وأنهت تاريخ طويل من الحروب الدينية ، التي عانت منها قارة أوروبا ودفعت على إثرها المزيد من الصراعات الدموية ، التي حصدت آلاف الأرواح على مدار السنوات.


أوروبا قبل معاهدة وستفاليا

في عام 1618م بدأت سلسلة من الحروب ، عندما قام هابسبورغ النمساوي بفرض الكاثوليكية الرومانية على رعاياهم البروتستانت في بوهيميا ، وفي المقابل حرض البروتستانت ضد الكاثوليك ، الإمبراطورية الرومانية المقدسة ضد فرنسا.

ثم تحول الصراع بين الأمراء بعضهم البعض ، وتطور الصراع أكثر ليكون بين الأمراء ضد الإمبراطور ، وفرنسا ضد هابسبورغ في إسبانيا ، واشتعل الصراع وتحول من صراع ديني لصراع على الحكم ، ثم انغمس في الصراع كل من السويد والدنمارك ، وبولندا وروسيا ، وهولندا وسويسرا ، ثم تدخلت المصالح والمنافسات التجارية في الصراع ، مثلما تفعل سياسة الدين والقوة دائمَا.


حرب الثلاثين عام قبل معاهدة وستفاليا

استمرت الصراعات والحروب لمدة ثلاثين عام ، من عام 1618م وحتى عام 1648م ، استخدمت فيها جيوش المرتزقة بكثرة ، وتحولت الأراضي الألمانية إلى خراب ، ونهبت القرى والمزارع ، وحلت المجاعة على البلاد ، ووصل بهم الحال من شدة الجوع إلى ظهور آكلي لحوم البشر ، وأصبح الرعب يطارد الجميع

[1]

.


انعقاد معاهدة وستفاليا

وفي شهر ديسمبر عام 1644م ، تم افتتاح مؤتمر السلام لإنهاء الحرب في مونستر وأوسنابروك ، شارك فيه أكثر من 195دولة ، يمثلها أكثر من 180 مفوض ، والآلاف من دبلوماسيين ومساعدين دائمين ، عملوا بجد على مدار أربع سنوات ، وكان على رأس المؤتمر كل من بابا نونسيو ، وفابيو شيغي البابا ألكسندر السابع ، وسفير البندقية.

وقد تم إبرام الصفقات ببطء ، حيث كان النظام البريدي يستغرق للوصول إلى البلدان قرابة الشهر، وبين المبعوثين ومدرائهم من عشر أيام لأكثر، ومن مونستر لباريس أو فيينا عشرين يوم أو أكثر ، وهكذا حتى تم الاتفاق على تحديد حفل توقيع الاتفاقية الرسمي ، في 24 أكتوبر عام 1648م.


معاهدة وستفاليا وإرساء السلام في القارة

1- منحت معاهدة وستفاليا الاستقلال السويسري للنمسا ، واستقلال هولندا من إسبانيا.

2- كما منحت الإمارات الألمانية سلطة الحكم الذاتي المستقل.

3- حصلت السويد على أراضي من المناطق المحيطة بها مقابل دفع المال نقدًا.

4- كما استحوذت فرنسا على معظم أراضي الألزاس واللورين الإمبراطورية.

5- أصبحت البروتستانتية هي الأقوى بالعالم ، مع استحالة عودة الكاثوليكية الرومانية مرة أخرى.

[2]


معاهدة وستفاليا ودورها في تنظيم العلاقات الدولية

أرست معاهدة وستفاليا ثلاث مبادئ دولية هامة ، أكد عليهم ميثاق الأمم المتحدة لعام 1945م فيما بعد ، وتلك المبادئ هي:


مبدأ سيادة الدولة :

من أهم مكتسبات معاهدة وستفاليا إقرار مبدأ السيادة ، أي انفراد الدولة بالحكم ، وإصدار قرارتها في حدود إقليمها الجغرافي ، وعدم الرضوخ للضغوط الخارجية في قرارتها إلا بإرادتها ، فلكل دولة الحق في اختيار كافة أنظمتها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية بحرية تامة.

[3]


مبدأ الولاء القومي :

إقرار مبدأ الولاء القومي ، يعد من أفضل مكاسب معاهدة وستفاليا حيث وضع حد نهائي للحروب الدينية للأبد ، فالمبدأ يرسخ وفاء المواطنين والحكام للدولة فقط دون الكنيسة ، أي فصل الدين عن الدولة.


مبدأ عدم التدخل في شؤون الدول الداخلية :

وإقرار مبدأ عدم التدخل في شؤون الدول الداخلية ، يعتبر تأكيد لمبدأ سيادة الدولة بقرارتها ، دون التدخل من أي قوى خارجية ، وقد نص ميثاق الأمم المتحدة على هذا المبدأ بوضوح فيما بعد بعام 1945م.

[4]