من هو الطبيب النفسي أبو زيد البلخي
أبو زيد البلخي هو عالم مسلم عاش في القرن التاسع الميلادي، اشتهر بكونه من أشهر علماء عصره المثقفين في العديد من الجوانب، وقد برع في مواضيع كثيرة مثل : الجغرافيا، الطب، الفلسفة، علم اللاهوت، السياسة، الشعر، الأخلاق، علم الاجتماع، الأدب، الفلك وغيرهم، وقد كتب البلخي أكثر من 60 كتاب ومخطوطة، لكن للأسف معظم كتاباته قد فقدت على مدار السنين ولم يصل لنا إلا القليل منها .
من هو أبو زيد البلخي
أبو زيد البلخي هو عالم سبق عصره بألف عام، ولد في 49 ميلاديا الموافق 235 هجريًا، في قرية تدعى سميسيسيان، وهي تقع داخل مقاطعة بلخ لهذا اشتق منها اسمه، وهي الآن جزءا من أفغانستان، وقد وصل إلينا من كتاباته أشياء في مجال الصحة النفسية، وقد وصلت إلينا كتاباته بسبب تأسيسه لمدرسة عرفت باسم مدرسة البلخي، وتلقى البلخي تعليمه في وقت مبكر على يد والده، ثم بدأ بدراسة الفروع العلمية والفنية التي اشتهرت في هذا الوقت مع تقدمه في السن، وقد اشتهر البلخي بأنه شخص خجول و يحب التأمل .
الصحة النفسية والروحية عند البلخي
أشهر أعمال البلخي في مجال الصحة النفسية والروحية هو كتاب ” مصالح الأبدان والأنفس “، وهي مخطوطة تناول فيها البلخي الصحة الجسدية أولا، ثم تعمق للروح والنفس والحالات النفسية في القسم الثاني، وما زال هذا الجزء من الكتاب يحظى باهتمام كبير في العصر الحديث، ومن أشهر ما قاله البلخي في الكتاب : ” إذا مرضت النفس فقد لا يجد الجسد أية فرحة في الحياة وربما هاجمته الأمراض ” .
البلخي أول من وضع فكرة تطبيع المرض
من أهم الأهداف الرئيسية التي يمارسها علماء النفس في العالم الغربي الآن هو تطبيع المرض أي تعويد المريض على التعايش مع مرضه النفسي وكأنه شيء طبيعي جدا، حيث أن المرض النفسي حتى في أكثر الدول المتقدمة ما زال يصاحبه وصمة عار وشعور بالخجل، وما يزال ينظر للمرضى النفسيين على أنهم أشخاص ملعونين ضعيفي الإيمان، وبالتالي تكون عملية تطبيع المرض مهمة جدا للمرضى النفسيين، لأنها تساعدهم في التوقف عن تصنيف أنفسهم كمرضى وتساعدهم في أن يصبحوا أشخاص طبيعيين، وقد كان البلحي يكتب عن تطبيع الآلام النفسية منذ أكثر من ألف عام .
العلاقة بين الجسد والعقل عند البلخي
كان البلخي يرى أن هناك علاقة قوية بين العقل والجسم، وقال أن صحة أحدهما تعود بصورة كبيرة على الآخر، حيث قال أن الجسم عندما يكون مريض يعاني العقل من صعوبة في تعلم الأنشطة، وعجز في أداء الوظائف بطريقة سليمة، وبالمقابل عندما تتأثر النفس يفقد الجسم قوته ويشعر بالتوتر والانزعاج وعدم الراحة، حيث يقول البلخي أن : ” الألم النفسي قد يؤدي إلى مرض جسدي ” .
علاج الاكتئاب عند البلخي
أكثر ما يميز أسلوب البلخي هو استخدامه لأسلوب رائد في العلاج المعرفي، حيث أنه كان صاحب فكرة العلاج بالكلام، وأعتقد أن الكلام مهم في تعديل أفكار الناس، وأنه يؤدي إلى تحسينات كبيرة في السلوك، وقد وصف البلخي الكلام المشجع لعلاج مرض الاكتئاب الذي يساعد في استعادة الشخص لسعادته، وقد وصف أيضا العلاج بالموسيقى وغيرها من الأنشطة التي تساعد في تحسين حالة الشخص النفسية .
وقد وصف البلخي العلاج بالكلام الذاتي الإيجابي عند التعامل مع الشخص الذي يشعر بالقلق والخوف، وقال أن هذا العلاج يساعد في تهدئة العقل، وقال أن أفضل ما يمكن أن يفعله الشخص هو التحدث مع صديقه المقرب، ويعد البلخي هو أول من وضح الفرق بين الاكتئاب الذي ينتج من عوامل بيئية أو ظروف معينة، وبين الاكتئاب الذي يكون سببه عوامل بيولوجية وكيميائية ” الاكتئاب العضوي “، وقال البلخي أن الوسواس القهري عبارة عن أفكار مزعجة لكنها غير حقيقية، وهي أفكار تعيق استمتاع الشخص بالحياة وأداء الأنشطة اليومية .