فن المنمنمات الاسلامية
لقد تضمنت الفنون الإسلامية العديد من الحرف أو الصناعات التي كان المسلمون يقومون بإنتاجها تحت رعاية الحكام والأمراء ، وقد تمثلت تلك الفنون في العمارة بأنواعها وصناعة التحف الفنية التطبيقية والورق والمخطوطات وغيرهم الكثير من الفنون ، والتي نتج عنها جميعًا أجمل
زخارف اسلامية
والتي عبّرت عن الحضارة الإسلامية ومدى تطورها ، وقد ظهر أيضًا ما يُعرف باسم فن المنمنمات الذي يُعتبر من أحد أهم فروع الفنون الإسلامية في التراث الإسلامي.
مفهوم فن المنمنمات الإسلامية
هو الفن الذي يشير إلى توشيح النصوص عن طريق الرسوم التوضيحية المصغرة أو التصاوير ، وتُعرف كلمة “منمنمة” في المعجم الوجيز بمعنى الشيء المزخرف والمزركش ، وتعني النمنمة التصوير الدقيق الذي يقوم بتزيين صفحة أو صفحات من كتاب أو مخطوط ، وفن المنمنمات الإسلامية هو عبارة عن فن يختص بالتصوير الإسلامي في المخطوطات ، وتُستخدم الألوان المائية والذهب على الورق كتقنية لهذا الفن ، ومن المعروف أن فن التصوير الإسلامي يشير بوجه عام إلى فن زخرفة المنتجات بالحضارة الإسلامية مثل التحف الفنية ، ومن الجدير بالذكر أن فن المنمنمات يُعرف أيضًا باسم فن تزويق المخطوطات ، والتزويق هنا يشير إلى الزخرفة التي تقوم بإبراز المشاهد في علاقة مباشرة مع النص.
نشأة فن المنمنمات الإسلامية
لقد كان استخدام العرب للورق أحد أهم العوامل الرئيسية التي أدت إلى نشأة فن المنمنمات الإسلامية ؛ حيث تم نقل صناعة الورق من الصين ليصبح بديلًا للبردي ؛ والرق وهو ما يُعرف بالجلد المستخدم للكتابة ، وحينما انتشر الورق بالعالم العربي ظهرت مهنة الوراقة وهي عبارة عن مهمة انتساخ الكتب والعمل على تصحيحها ثم نشرها ، وقد اهتم العرب والمسلمون بفن صناعة الكتب بشكل كبير ، وكان يعمل على صناعته مجموعة من الحرفيين مثل النساخين والمذهبيين والمجلدين والمصورين.
وكانت مكانة المصور هي الأقل بين الحرفيين نظرًا لموقف الإسلام من التصوير ، وقد عمل المصور كتابعًا للخطاط ، وكان يقوم بتوضيح النصوص من خلال التصاوير في حدود ما يُترك من أجله من مساحة معينة بصفحات المخطوط ، وقد كان كتاب “كليلة ودمنة” أول شاهد من الكتب العربية على ظهور فن المنمنمات الإسلامية ، وهذا الكتاب في الأصل هو كتاب هندي ، ولكن ابن المقفع قام بترجمته إلى اللغة العربية ، ولقد كانت تلك الرسوم أو التصاوير الفنية فرصة للتعرف على المجتمع الإسلامي بوجه عام في كل مكان في تلك الحقبة الزمنية ؛ حيث أنها أتاحت الفرصة للإطلاع على التفاصيل اليومية التي لم يتم تأريخها بالكتب.
ومن أبرز الكتب التي تضمنت فن المنمنمات بعد كليلة ودمنة “كتاب الأغاني لأبي فرج الأصفهاني” و “مقامات الحريري” ، ومن الكتب العلمية ظهر كتاب “خواص العقاقير” و “البيطره” ، وغيرهم العديد من الكتب التي اهتمت بتقديم التفاصيل من خلال تصاوير فن المنمنمات ، ولقد كان الفنان المسلم “كمال الدين بهزاد” واحدًا من أشهر فناني المنمنمات في التاريخ الإسلامي.
فن المنمنمات الإسلامية في البلاد العربية
لقد كانت كل من إيران والعراق وسوريا من أنشط البلدان العربية في تقديم فن المنمنمات والاهتمام به ، وذلك بسبب تراثهم السابق في فنون التصوير والنحت ، كما أن الفنان في هذه البلاد تحديدًا قد ابتعد عن الأسباب الرادعة التي تؤدي إلى تقهقر الفن التشخيصي ، وقد كان فن التصوير محرمًا في الجزيرة العربية خوفًا من العودة إلى عبادة الأوثان ، ولقد ظلّ هذا التحريم موجود حتى الوقت الحالي ، ومن الجدير بالذكر أن كل البلدان الإسلامية قد فقدت فن المنمنمات ماعدا إيران والعراق ؛ حيث أنهما لا تزالان تستخدمان هذا الفن ، كما أن إيران قد أضافت عليه ما يُعرف باسم البُعد الثالث.