اشعار فاروق جويدة عن الحب
لقد حدث ارتباط بين مفهوم الحب وبين الشعر العربي منذ قديم الزمان ؛ حيث أن الحب هو لغة المشاعر ، كما أن الشعر أيضًا يخاطب الأحاسيس والمشاعر ، لذلك تربع الحب في أشعار الشعراء ، ليجد مكانته المتميزة بين الموضوعات المختلفة ، ولقد نال الشعر المعاصر نصيبًا عظيمًا من لغة الحب التي انتشرت بين الشعراء المعاصرين ، ومن بينهم الشاعر المصري
فاروق جويدة
الذي أبدع في خلق روح شعرية ذات سحر خاص ، وقد تنوعت أشعاره في موضوعات مختلفة مثل القصائد الوطنية أو تلك التي تحدثت عن الحب.
من هو فاروق جويدة
وُلد فاروق جويدة بمحافظة كفر الشيخ المصرية عام 1946م ، ولكنه عاش طفولته بمحافظة البحيرة ، وقد تخرج من كلية الآداب قسم الصحافة عام 1968م ، وبدأ حياته العملية بجريدة الأهرام كمحرر صحفي ، حتى حصل على ترقية وصل من خلالها إلى منصب سكرتير التحرير بالجريدة ، ليصبح فيما بعد رئيسًا للقسم الثقافي بها ، وقد أصبح جويدة شاعرًا معروفًا ومتميزًا ؛ حيث أنه كان يقوم بتأليف الشعر منذ صغره ، وتمكن جويدة من رسم صور شعرية رائعة عن كافة نواحي الحياة بأسلوب راقي ومميز ، وهو ما جعل أشعاره تنتشر في كل أنحاء الوطن العربي ، كما تخطته لتصل إلى البلاد الأجنبية ؛ حيث تُرجمت أعماله إلى بعض اللغات ومنها اللغة الإنجليزية.
أشعار فاروق جويدة عن الحب
أبدع جويدة في التعبير عن الحب والحزن والأوطان ، ومن بين قصائده في الحب :
بقايا .. بقايا
لماذا أراكِ على كل شيء بقايا.. بقايا؟
إذا جاءني الليل ألقاك طيفًا
وينساب عطرك بين الحنايا؟
لماذا أراكِ على كل وجه
فأجري إليك.. وتأبى خطايا؟
وكم كنت أهرب كي لا أراك
فألقاك نبضًا سرى في دمايا
فكيف النجوم هوت في التراب
وكيف العبير غدا.. كالشظايا؟
عيونك كانت لعمري صلاة
فكيف الصلاة غدت.. كالخطايا؟
* * *
لماذا أراك وملء عيوني
دموع الوداع؟
لماذا أراك وقد صرت شيئًا
بعيدًا.. بعيدًا..
توارى.. وضاع؟
تطوفين في العمر مثل الشعاع
أحسك نبضًا
وألقاك دفئًا
وأشعر بعدك.. أني الضياع
* * *
إذا ما بكيت أراك ابتسامه
وإن ضاق دربي أراك السلامة
وإن لاح في الأفق ليل طويل
تضيء عيونك.. خلف الغمامة
* * *
لماذا أراك على كل شيءٍ
كأنك في الأرضِ كل البشر
كأنك دربٌ بغير انتهاءٍ
وأني خلقت لهذا السفر
إذا كنت أهرب منكِ .. إليكِ
فقولي بربكِ.. أين المفر؟!
شيء سيبقى بيننا
أريحيني على صدرك
لأني متعب مثلك
دعي اسمي وعنواني وماذا كنت
سنين العمر تخنقها دروب الصمت
وجئت إليك لا أدري لماذا جئت
فخلف الباب أمطار تطاردني
شتاء قاتم الأنفاس يخنقني
وأقدام بلون الليل تسحقني
وليس لدي أحباب
ولا بيت ليؤويني من الطوفان
وجئت إليك تحملني
رياح الشك.. للإيمان
فهل أرتاح بعض الوقت في عينيك
أم أمضي مع الأحزان
وهل في الناس من يعطي
بلا ثمن.. بلا دين.. بلا ميزان؟
* * *
أريحيني على صدرك
لأني متعب مثلك
غدًا نمضي كما جئنا
وقد ننسى بريق الضوء والألوان
وقد ننسى امتهان السجن والسجان
وقد نهفو إلى زمن بلا عنوان
وقد ننسى وقد ننسى
فلا يبقى لنا شيء لنذكره مع النسيان
ويكفي أننا يومًا.. تلاقينا بلا استئذان
زمان القهر علمنا
بأن الحب سلطان بلا أوطان
وأن ممالك العشاق أطلال
وأضرحة من الحرمان
وأن بحارنا صارت بلا شطآن
وليس الآن يعنينا
إذا ما طالت الأيام
أم جنحت مع الطوفان
فيكفي أننا يومًا تمردنا على الأحزان
وعشنا العمر ساعات
فلم نقبض لها ثمنًا
ولم ندفع لها دينًا
ولم نحسب مشاعرنا
ككل الناس.. في الميزان
لأنكِ مني
تغيبين عني..
وأمضي مع العمر مثل السحاب
وأرحل في الأفق بين التمني
وأهرب منكِ السنين الطوال
ويوم أضيع.. ويوم أغني..
أسافر وحدي غريبًا غريبًا
أتوه بحلمي وأشقى بفني
يولد فينا زمان طريد
يحلف فينا الأسى.. والتجني
ولو دمرتنا رياح الزمان
فما زال في اللحن نبض المغني
تغيبين عني..
وأعلم أن الذي غاب قلبي
وأني إليكِ.. لأنكِ مني
تغيبين عني
وأسأل نفسي ترى ما الغياب؟
بعاد المكان.. وطول السفر
فماذا أقول وقد صرت بعضي
أراكِ بقلبي.. جميع البشر
وألقاكِ.. كالنور مأوى الحيارى.