طرق اصلاح ذات البين
لقد جاء الدين الإسلامي بالعديد من الأوامر التي من شأنها الحفاظ على أواصر المودة بين البشر ؛ حيث أمر الله تعالى بنشر السلام والأمان والبعد عن الكذب والنميمة والعديد من الأمور التي قد تتسبب في زعزعة العلاقات الإنسانية وهدمها ، ومن أهم ما جاء به الله تعالى للحفاظ على الرابطة بين الناس وبعضهم البعض هو إصلاح ذات البين ، وذلك من خلال السعي للإصلاح ما بين المتخاصمين أو المتنازعين حول أمور مختلفة ، وقد قال الله تعالى “يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنفَالِ ۖ قُلِ الْأَنفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ ۖ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ ۖ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ” ، وذلك لأن
الاثر المترتب على اصلاح ذات البين
عظيم ؛ حيث ينشر الأمان والسلام والمودة بين البشر.
معنى إصلاح ذات البين
هو إشارة إلى العمل الجاد الدؤوب الذي يسعى إلى إزالة أسباب الفرقة والخلاف بين الناس من خلال إيجاد طرق للوفاق بين المتنازعين ، ولقد أمر الله تعالى على هذا الإصلاح في القرآن الكريم في جملة من الآيات المباركة مثل قوله تعالى “إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ” ، كما حثّ عليه الرسول صلّ الله عليه وسلم في الأحاديث الشريفة ومنها قوله “ألا أخبرُكُم بأفضلَ من دَرجةِ الصِّيامِ والصَّلاةِ والصَّدَقةِ قالوا بلَى قال صلاحُ ذاتِ البينِ فإنَّ فسادَ ذاتِ البينِ هيَ الحالِقةُ” ؛ حيث أن الإصلاح هو طريق للخير والسلام ، بينما الإفساد بين البشر هو طريق شر ونزاعات ؛ لذلك فإن عواقبه وخيمة في الدنيا والآخرة.
طرق إصلاح ذات البين
يوجد العديد من الطرق التي يمكن اتباعها من أجل الإصلاح بين الناس ، ومنها ما يلي :
وجود النية الصادقة الساعية للإصلاح دون أي مصالح شخصية
الاعتماد على معايير العدل واتباع ما أمر به الله بعيدًا عن الأهواء المكروهة والمحرمة
استخدام آداب النصح بوجه عام ومنها أسلوب التقديم واختيار جمل تناسب ذلك ، مع ضرورة اعتماد السر في الأمر
الحفاظ على خصوصيات الأطراف المتنازعة واحترامها وعدم إهمالها أو تجاهلها
الوقوف من المتخاصمين موقف القاضي العادل الذي لا يميل لأحد الأطراف حتى يستعيد كل ذي حق حقه والوصول إلى الصلح
اختيار منهج الحوار ليكون هو السبيل الذي يربط بين المتخاصمين ؛ حيث أنه له عظيم الأثر في تقريب وجهات النظر بين الأطراف المتنازعة
تقديم النصائح والإرشادات الواعظة عن طريق توضيح الفضل في عملية إصلاح ذات البين ، وبيان ما يترتب على إفساد ذات البين من عواقب وخيمة في الدنيا والآخرة
اللجوء إلى القضاء والتحكيم في حال استلزم الصلح لذلك الأمر من أجل فضّ النزاع ومعرفة أسبابه ، ومن ثَم بيان الحقوق.
الصفات التي يجب توفرها في المصلح
المصلح هو الشخص الذي يتدخل من أجل فضّ النزاع القائم والإصلاح بين الأطراف المتخاصمة ، ولذلك يجب أن يكون على دراية تامة بما هو قادم عليه من عمل عظيم ، وهو ما يجعله يتميز بجملة من الصفات ومنها :
أن يكون لديه العلم الكافي بالطرق المستخدمة في الإصلاح ، والتحقق من الوقائع التي يتم الإصلاح حولها
أن يتمتع بالسيرة الطيبة والأخلاق الحسنة ، وذلك لأنه من الضروري تقبل المصلح والثقة في فكره والارتياح إلى رأيه
أن يكون مخلصًا في مساعي الصلح بين الناس ؛ بحيث لا يكون لديه مسعى شخصي أو دنيوي فيما يفعله من خير
أن يكون لديه القدرة على تحقيق مبدأ العدل والوقوف بدرجة متساوية من جميع الأطراف المتنازعة دون الميل لجهة دون الأخرى.