الدروس المستفادة من سورة التغابن
القران الكريم مليء بالحكم والعظات التي تسرد عبر آياته وسوره المختلفة، ومن سور القرآن العظيمة التي نأخذ منها العظة والعبرة كلما قرأناها، سورة التغابن، تلك السورة المدنية والتي تقع بالجزء الثامن والعشرين، بالحزب السادس والخمسين من المصحف الشريف، وهي تعتبر من قصار السور فعدد آياتها هو ثمانية عشر آية فقط وتقع في الترتيب الرابع والستون بين سور القرآن بالمصحف العثماني.
سورة التغابن
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1) هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (2) خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ (3) يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (4) أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ فَذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (5) ذَلِكَ بِأَنَّهُ كَانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالُوا أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا فَكَفَرُوا وَتَوَلَّوْا وَاسْتَغْنَى اللَّهُ وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (6) زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (7) فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (8) يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (9) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ خَالِدِينَ فِيهَا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (10) مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (11) وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (12) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (13) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (14) إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (15) فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (16) إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ (17) عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (18)
نبذة عن سورة التغابن
تبدأ السورة الكريمة بالفعل المضارع “يسبح”، وهو أحد الأساليب التي يستخدمها الخلق للتقرب من الله عز وجل، فالسورة اختارت أسلوب الثناء والمدح في بداية آياتها.
كلمة التغابن تعني في المعجم وفي تفسير القرآن الكريم، يوم الفزع الأكبر، فالتغابن هو أحد الأسماء التي يتسمى بها يوم القيامة، ولقد نزلت تلك السورة على سيدنا محمد صل الله عليه وسلم بعد سورة التحريم.
سبب تسمية السورة يكمن في صحابة الرسول الكريم صل الله عليه وسلم الذين أطلقوا هذا الاسم على السورة بعد أن أوضحت الآيات لهم أن الله سيجمع جميع الخلق في يوم الواحد يطلق عليه يوم التغابن، وبذلك تبين لهم أن الله يقصد بيوم التغابن يوم القيامة المرتقب لكافة المؤمنين الموحدين بالله عز وجل ابتغاء لرؤية وجهه الكريم بذلك اليوم العظيم.
كلمة تغابن بالمعجم تعني التبادل وعقد المبادلة بين الخلق بعضهم البعض، ففي ذلك اليوم العظيم يدخل المؤمنون الموحدون الجنة ويتمتعون بنعيمها وخيراتها ويفرحون بجزاء الله لهم وفضله عليهم، وفي المقابل يدخل الكافرون والمنافقون نار جهنم خالدين فيها، نادمون على فعلتهم التي كان جزاءها النار وبئس المصير.
فضل سورة التغابن
لم يذكر حديث شريف صحيح واحد عن رسولنا المختار صل الله عليه وسلم يحث على تلاوة سورة التغابن أو يتحدث عن فضل قراءتها، ولكن ما ذكر عن رسولنا صل الله عليه وسلم هو فضل قراءة سور المسبحات، و سور المسبحات هو مصطلح أطلق على السور القرآنية التي تبدأ بفعل “يسبح” في أول آية قرآنية بها، وهم سبع سور بالقرآن الكريم، وسورة التغابن واحدة من تلك السور السبع.
كان رسول الله صل الله عليه وسلم لا يرقد بليلته إلا قبل أن يقرأ المسبحات، فتلك السور تضم أية أفضل من ألف أية بالقرآن الكريم، فوردَ حديث رواه العرباضُ بن سارية: “أنَّ النبيَّ -صل الله عليه وسلم- كانَ يقرأُ المسبِّحات قبلَ أنْ يَرقدَ، وقالَ: إنَّ فيهِنَّ آيَةً أفضلَ منْ ألفِ آية”.
الدروس المستفادة من سورة التغابن
-شكر الله على نعمه وفضله فهو خلق الإنسان وكرمه بأحسن صورة، وقد ميزه الله عز وجل عن باقي خلقه ووهب له العقل وسخر له الكون في خدمته، فنعم الله لا تعد ولا تحصى وسورة التغابن تحثنا على حمد وشكر الله على كل تلك النعم.
-تدبر نعمة الإسلام والإيمان الذي أخرجنا من ظلمات الجهل لنور الإيمان.
-الإيمان بالقضاء والقدر والثقة بالله عز وجل، فلا شيء يحدث بذلك الكون إلا بأمره وبمشيئته، وحده يعلم السر والغيب.
-طاعة الله عز وجل ورسوله صل الله عليه وسلم والتمسك بالطاعات وتجنب المنكرات، والإنفاق في سبيل الله وعمل الخير وابتغاء مرضاة الله.