قصص التسامح في الاسلام

هناك العديد من القصص عن

التسامح في الإسلام

، فالعفو واحدة من أهم الصفات التي يجب أن يتحلى بها كل مسلم ومسلمة، فالعفو صفة إلهية وصف الله سبحانه وتعالى بها نفسه وأمر المسلمين بالتحلي بها قال تعالى في سورة الأعراف في الآية 199 : ” خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ “، ومن أشهر ما جاء في العفو في القرآن عفو سيدنا يوسف عليه السلام لأخوته، يقول تعالى : ” قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ” سورة يوسف آية 92 .

عفو الرسول صلِّ الله عليه وسلم في غزوة بدر

عندما انتهت غزوة بدر وقف رسول الله صلِّ الله عليه وسلم مع صحابته ليقوموا بحصر الأسرى من الكفار والمشركين، ووجدا منهم سهيل بن عمرو أسيرا، فجاء سهيل بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنظر عمر بن الخطاب رضي الله عنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم وقال له : ” دعني يا رسول الله أنزع ثنيتيه حتى لا يقوم بعد اليوم خطيبا في محافل مكة، ينال من الإسلام ونبيه “، رد رسول الله صلِّ الله عليه وسلم وقال : ” دعهما يا عمر، فلعلك ترى منهما ما يسرك إن شاء الله  ” .

العفو في صلح الحديبية

ومرت الأيام وجاء وقت صلح الحديبية، فأرسلت قريش نيابة عنها سهيل بن عمرو ليقوم بإبرام الصلح، فاستقبله الرسول صلِّ الله عليه وسلم مع عدد من الصحابة منهم ابنه عبد الله بن سهيل، وقام الرسول بدعوة علي بن أبي طالب رضي الله عنه لكي يقوم بكتابة العقد، والرسول هو من يملي عليه صلى الله عليه وسلم، حيث قال له : ” اكتب : بسم الله الرحمن الرحيم “، فقال سهيل له : ” نحن لا نعرف هذا، ولكن اكتب : باسمك اللهم، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه : ” اكتب باسمك اللهم “، ثم قال : ” اكتب : هذا ما صالح عليه محمد رسول الله  ” .

فقال سهيل : ” لو نعلم أنك رسول الله لم نقاتلك ، ولكن اكتب اسمك واسم أبيك، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم : ” والله إني لرسول الله وإن كذبتموني، اكتب محمد بن عبد الله ” حتى انتهى من العقد كله، وعندما عاد سهيل بن عمرو فخورا بنفسه لأنه يظن أنه انتصر على الرسول صلِّ الله عليه وسلم .

يوم فتح مكة المكرمة

ومرت أيام وأيام، حتى هزم الرسول قريش ودخل إلى مكة المكرمة وفتحها، فجعل المنادي ينادي بما يلي : ” يا أهل مكة، من دخل بيته فهو آمن، ومن دخل المسجد الحرام فهو آمن، ومن دخل بيت أبي سفيان فهو آمن ” .

وعندما سمع سهيل بن عمرو هذا النداء أصاب قلبه الرعب، وأغلق على نفسه البيت، وقال سهيل : ” أرسلت في طلب ابني عبد الله، وأنا أستحي أن تقع عيني على عينه، لما كنت قد أسرفت في تعذيبه على الإسلام، فلما دخل علي رضي الله عنه قلت له : ” اطلب لي جوارا من محمد، فإني لا آمن أن أقتل، فذهب عبد الله إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وقال له : ” أبي، أتؤمن يا رسول الله جعلت فداك ؟ قال  : ” نعم هو آمن بأمان الله، فليظهر “، بعدها التفت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه وقال لهم : ” من لقي منكم سهيلا فلا يسئ لقائه، فلعمري إن سهيلا له عقل وشرف وما مثل سهيل يجهل الإسلام، ولكن قدر فكان ” .

وكان عفو رسول الله وكرمه هذا ما جعل سهيل بن عمرو يسلم بعد ذلك، إسلاما خالصا من قلبه، وأحب رسول الله صلى الله عليه وسلم حبه كبيرًا، وقال الصديق رضي الله عنه : ” لقد نظرت إلى سهيل بن عمرو في حجة الوداع قائما بين يدي رسول الله، وهو يقدم له البدن، ورسول الله ينحرها بيده الكريمة، ثم دعا النبي صلى الله عليه وسلم الحلاق فحلق رأسه، فنظرت إلى سهيل، وهو يلتقط الشعرة من شعر النبي ويضعها على عينيه فذكرت يوم الحديبية، وكيف أبى أن يكتب محمد رسول الله فحمدت الله أن هداه ” .

لذا هناك دائما حكمة تقول : لا تكن صلبا مع الناس فتكسر، ولا تكن لينا معهم فتعصر، ولن كن بين بين .