حضارات العصر الحجري الحديث
تختلف الأزمنة والعصور بمرور الزمن ، وقد اهتم المؤرخون بتدوين كل ما مرّ به الإنسان من مراحل تطورية في حياته ؛ حيث ذكر التاريخ العديد من العصور التي مرّ بها الإنسان وكيف تم التحول من مرحلة إلى أخرى ، ومن العصور التاريخية التي اهتم بها الباحثون هو
العصر الحجري الحديث
أو ما يُعرف بالنيوليت neolithique وهو مصطلح يوناني ، وقد تم استخدام هذا المصطلح منذ منتصف القرن التاسع عشر تقريبًا ، وهو يدل على عصر تم تأريخه في الشرق الأوسط وفي بعض أجزاء من العالم.
العصر الحجري الحديث
هو العصر الذي حدث فيه تحول حضاري كبير ؛ حيث تم الانتقال من مظاهر حياة العصر الحجري القديم الذي كان يعتمد على الصيد والتنقل إلى حياة الاستقرار التي اعتمدت على الزراعة وتربية الحيوانات ، وتم تقسيم العصر الحجري الحديث إلى قسمين أساسيين وهما العصر الحجري الحديث ما قبل الفخار ويقع ما بين 10000 – 8000 سنة قبل الميلاد ، والعصر الآخر يُعرف باسم العصر الحجري الحديث الفخاري والذي يقع بين 7000 – 6000 سنة قبل الميلاد.
وهناك تباين في الآراء حول بداية هذا العصر ونهايته بوجه عام ؛ حيث يُذكر أن بدايته كانت في الألف العاشر أو الثامن قبل الميلاد ، كما يوجد رأي آخر يقول أنه بدأ تقريبًا عام 6500 قبل الميلاد ، ويوجد كذلك رأي مخالف يقول بأنه بدأ نحو سنة 5000 قبل الميلاد ، وهكذا اختلفت الآراء حول المدة الزمنية ولكن لا خلاف على العصر نفسه بمتغيراته وحضاراته.
حضارات العصر الحجري الحديث
لقد حدثت حالة من الانقلاب في العصر الحجري الحديث ؛ حيث انتقل الإنسان من الصيد إلى الزراعة ، والتي تُعد تطورًا هائلًا في حياة الإنسان آنذاك ، لقد استقرت الحياة نتيجة لوجود الزراعة ، وقد أثبتت الدراسات إن الإنسان في هذا العصر كان يأكل الذرة والقمح والشوفان والشعير ، والعديد من أنواع الفواكه ، وساهمت الزراعة في مد الناس بالحياة الطيبة المستقرة ؛ حيث تحولت حياتهم إلى الأفضل وهو ما جعلهم يسعون للتكاثر الذي يؤيد سيادتهم في الأرض.
لم يقتصر الأمر الحضاري على الزراعة فقط ؛ بل إن الإنسان في هذا العصر قام بتربية الحيوانات مثل الخروف والماعز والثور وغيرهم ، وربما كانت بداية ارتباط الإنسان بالحيوان تسبق ذلك العصر ؛ إلا أنها ظهرت بوضوح أثناء هذه الفترة ؛ حيث قام الإنسان بالتنويع في اختيار الحيوانات التي يربيها ومنها الحصان الذي لم يكن سوى مجرد حيوان يتم صيده في العصر الحجري القديم ، ولكن التطور جعله حيوانًا يتم تربيته بعناية من قِبل الإنسان الذي استخدمه في كل الأزمنة ليساعد في زيادة ثروته وقوته ، وقد زادت موارد الطعام من خلال تربية الحيوان وصيده في هذا العصر.
ولقد أخذت الحضارة في التطور ؛ ليحدث الانقلاب الصناعي الذي زاد من تطور الإنسان ، ونجح المخترعون في تحسين صناعاتهم من الآلات والأسلحة ؛ حيث صنعوا الرافعات والبَكَرات والملاقط والمغارز و الفؤوس والمناجل والمناسج وقباقيب الانزلاق على الجليد والعجلة وغير ذلك الكثير مما ظهر في مخلفاتهم الصناعية ، وبدأ كذلك العمل في النسيج ؛ حيث تم استخدام ألياف النبات وصوف الخراف في صناعة الأردية ، وقد ترك هذا العصر آثارًا مميزة مثل فضلات المطبخ والتي تدل على التقدم في مجال الصناعة آنذاك ، وبذلك فإن العصر الحجري الحديث قد أثبت تطورًا هائلًا في حياة الإنسان والذي يذكر التاريخ معالمه في كل زمان.