سبب حب النبي للانصار
لقد كانت الصداقة والحب والمودة من السمات الرئيسية بين الرسول صلِّ الله عليه وسلم وبين المؤمنين في كل مكان ، وكان يظهر ذلك بوضوح في العلاقات الإنسانية الطيبة بين المؤمنين في عهد رسول الله صلِّ الله عليه وسلم ، وقد احتفى الأنصار بقدوم الرسول إلى المدينة عند الهجرة ؛ فكانت لهم مكانة خاصة عند الرسول الكريم والصحابة رضوان الله عليهم ، وفي ذلك ورد أكثر من
حديث يدل على محبة الرسول للانصار
؛ حيث أنهم كانوا نِعم الصحبة الصالحة والإخوة الصادقة.
أسباب حب النبي للأنصار
كان الأنصار جماعة سكنوا المدينة المنورة من قبيلتي الأوس والخزرج ، وقد ربطتهم علاقة محبة ومودة مع الرسول صلى الله عليه وسلم والمؤمنين ، وأحبهم النبي للعديد من الأسباب منها :
حينما هاجر الرسول صلى الله عليه وسلم ومن معه من مكة إلى المدينة ؛ قابله الأنصار باحتفاء كبير ومحبة لا مثيل لها ؛ فآمنوا به ونصروه وعزروه ، وقد تحدث الله عزّ وجل عن فضلهم في قوله تعالى “وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ۚ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ “
أظهر الأنصار مدى محبتهم للرسول صلى الله عليه وسلم والمؤمنين ؛ حينما قدموا كل ما هو ثمين من أجلهم من بيوت وأموال وجهاد في سبيل الله ، وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم “آيَةُ الْإِيمَانِ حُبُّ الْأَنْصَارِ وَآيَةُ النِّفَاقِ بُغْضُ الْأَنْصَارِ” ، وهو ما يؤكد مدى قوة العلاقة بين النبي والأنصار ، وفي ذلك ورد أيضًا قوله عليه أفضل الصلاة والسلام “الأنصار لا يحبهم إلا مؤمنٌ ، ولا يُبغِضهم إلا منافقٌ ، مَن أحبهم أحبه الله ، ومن أبغَضهم أبغَضه الله”
وقد ورد عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه يوم حفر الخندق كانت الأنصار تقول “نحن الذين بايعوا محمدًا على الجهاد ما حيينا أبدًا” ؛ فأجابهم الرسول صلِّ الله عليه وسلم “اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة فأكرم الأنصار والمهاجرة” ، ونتيجة لما بذله الأنصار في حب النبي وأصحابه بكل ما هو ثمين ؛ فإنهم نالوا محبة ومكانة عظيمة لديه.
مظاهر حب النبي للأنصار
لقد جمع الرسول صلى الله عليه وسلم الأنصار والمهاجرين في نسيج واحد مترابط برباط العقيدة وهو أسمى رباط ؛ حيث أنه رباط المؤاخاة في الله ، وقد ورد عن ابن حجر في الفتح قوله “لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة ؛ آخى بين المهاجرين ، وآخى بين المهاجرين والأنصار على المواساة ، وكانوا يتوارثون ، وكانوا مائة ، فلما نزل (وأولو الأرحام) بطلت المواريث بينهم بتلك المؤاخاة”.
حافظ الرسول صلى الله عليه وسلم على كافة حقوق الأنصار ، وأظهر محبته لهم وامتنانه لعظيم صنيعهم وإيمانهم الصادق ، وقد ورد أنه أتاهم فحمد الله وأثنى عليه ثم قال عليه أفضل الصلاة والسلام “يا معشر الأنصار ما مقالةٌ بلغتني عنكم أوجدتم عليَّ في لعاعة من الدنيا أعطيتها أقواماً أتألفهم بها إلى الإسلام ووكلتكم إلى إسلامكم ، يا معشر الأنصار ألم أجدكم ضلالاً فهداكم الله بي؟ ألم أجدكم عالة فأغناكم الله بي؟ ألم أجدكم متفرقين فألف الله بين قلوبكم بي؟ ؛ فقالوا جميعاً بلسان واحد : لله ولرسوله المنُّ والفضل ، ثم قال يا معشر الأنصار ألا تجيبون ؛ فقالوا بم نجيب يا رسول الله لله ولرسوله المنُّ والفضل ؛ فقال صلى الله عليه وسلم أما إنَّكم لو شئتم لقلتم فلَصَدَقتُم ولًُصدِّقتُم أتيتنا مكذبا فصدقناك وطريدا فآويناك ومخذولا فنصرناك وعائلا فآسيناك”
وقد وعد الله عباده من المهاجرين والأنصار بالمغفرة والفوز بجنات النعيم ؛ حيث قال عزّ وجل في كتابه العزيز ”
وَٱلسَّٰبِقُونَ ٱلْأَوَّلُونَ مِنَ ٱلْمُهَٰجِرِينَ وَٱلْأَنصَارِ وَٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُم بِإِحْسَٰنٍۢ رَّضِىَ ٱللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّٰتٍۢ تَجْرِى تَحْتَهَا ٱلْأَنْهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَآ أَبَدًا ۚ ذَٰلِكَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ”.