قصة غباء فرانسيسكو سولانو
حينما يذهب زمام الحكم في يد مَن يفتقر إلى الحكمة والعقل ؛ فحتمًا ستُجر البلاد إلى حافة الهاوية وقد تسقط ويتكالب عليها الأعداء ، وقد سجّل التاريخ العديد من القصص التي تتحدث عن هؤلاء الذين يقودون بلادهم إلى الدمار نتيجة لسوء تفكيرهم أو لعدم التفكير على الإطلاق ؛ أو نتيجة لطموحهم المتزايد وشغفهم بأبطال الحروب ، وكانت قصة رئيس الباراجواي فرانسيسكو سولانو لوبيز Francisco Solano López إحدى هذه القصص التاريخية التي أكدت مدى سوء إدارته للبلاد التي أسقطها بقراراته تحت أنياب العدو.
فرانسيسكو سولانو
وُلد فرانسيسكو سولانو عام 1827م ، ووالده هو الرئيس كارلوس أنطونيو لوبيز ، وكان سولانو هو الابن الأكبر لذلك تولى حكم الباراجواي بعد أبيه ، ولقد خدم في جيش الباراجواي في سن مبكر جدًا ، ثم أصبح سفيرًا لبلاده في العديد من الدول الأوروبية ، ليتولى فيما بعد منصب نائب رئيس الحكومة العليا لوالده أنطونيو لوبيز ؛ حتى سنحت له الفرصة لإعتلاء العرش بعد وفاة والده عام 1862م ، وقد أصبح أحد أهم الشخصيات إثارة للجدل في تاريخ أمريكا الجنوبية ؛ حيث أنه اتسم بالطموح الزائد الذي أطاح بعقله ليأخذ البلاد إلى الجحيم.
حروب فرانسيسكو سولانو
حكم فرانسيسكو سولانو الباراجواي في الفترة ما بين عامي 1862م و 1870م ، وقد وُصف بأنه أسوأ الرؤساء الذين حكموا البلاد نتيجة لما اتصف به من غباء وعدم القدرة على التفكير السليم ، وهو ما قاد بلاده إلى حرب غاشمة تركت خلفها الكثير من الخسائر البشرية والمادية ، لقد كان سولانو مهووسًا بشخصية القائد نابليون بونابرت ؛ وهو ما جعله يفكر في خوض حرب تجعل منه قائدًا تكتيكيًا متمرسًا ، ولكنه لم يفكر في نتائج ما هو قادم عليه ؛ فكان أكثر ما يُشغل تفكيره هو تحقيق ما تصبو إليه ذاته دون أن يفكر في مصير بلاده.
قرر سولانو إعلان الحرب على ثلاثة من الدول المجاورة لبلاده وهم البرازيل والأرجنتين والأوروجواي خلال عام 1864م ، وما يثير الدهشة في الأمر أنه لم يكن هناك أسباب واضحة لخوض مثل هذه الحرب ضد دول كانت أقوى بكثير من بلاده في ذلك الوقت ؛ وهو ما يؤكد أنه لا يستطيع أن يفكر بشكل طبيعي سوى في صورته الخيالية وهو بطل حرب مشهور ، وقد أخذته الحرب في طريق لا رجوع منه ؛ حتى وقعت بلاده مهزومة مكسورة ؛ حيث أن الحرب خلفّت نتائج كارثية ، وقد عُرفت هذه الحرب باسم “حرب التحالف الثلاثي”.
تدمير الباراجواي
قامت الحرب بتدمير الباراجواي ؛ حيث تركت العديد من الخسائر الفادحة سواء بشرية أو مادية ، وقد أدت إلى هلاك نسبة هائلة من السكان الذكور خاصةً نتيجة للجوع والمرض أثناء مواجهة تلك الجيوش الثلاثة في ساحات المعركة ، كما تم تدمير أسطول الباراجواي عام 1865م والذي كان بمثابة أولى الانتكاسات الكبرى التي حلّت بالبلاد والتي توالت فيما بعد على مدار سنوات الحرب ، ولم تنته حرب التحالف الثلاثي إلا بعد اغتيال الرئيس سولانو لوبيز خلال عام 1870م ، وعلى الرغم ما فعله لوبيز ببلاده إلا أنه قد أقيم يوم وطني على شرف ذكرى وفاته يوم 1 مارس ؛ ليصبح هذا اليوم أهم عطلة في البلاد بعد يوم الاستقلال.