الفرق بين اعوذ والوذ
قد يحدث خلط بين معاني بعض الكلمات التي قد تتشابه مع بعضها البعض ، في حين أنه قد يكون الطرفان مضادين لبعضهما في المعنى أو مترادفين ولكنهما يختلفان في قوة المعنى ، ومن بين الكلمات التي قد لا تُفهم بمعناها الصحيح كلمتي “أعوذ ؛ ألوذ” ؛ حيث أن هناك فرق بين هاتين الكلمتين في المعنى ، وقد قال أحد الشعراء “يا من ألوذ به فيما أؤمله .. وأعوذ به مما أحاذره” ، فما هو الفرق بينهما ؟.
ما الفرق بين أعوذ وألوذ
هناك فرق في المعنى اللغوي ووضع الاستخدام لكلمتي أعوذ وألوذ :
كلمة أعوذ
ومصدر هذه الكلمة هو “العوذ” بمعنى الملجأ ، وتأتي هذه الكلمة حينما يكون هناك خطر يداهم الإنسان فيدفعه إلى الإلتجاء إلى مَن يحتمي به ليدفع عنه هذا الأذى بقوته ، حيث أنه لا يطلب هنا مجرد ملاذ ليختفي وراءه ؛ بل إنه يطلب مصدر قوة يدفع عنه الخطر كليةً ، وهو ما يوضحه القرآن الكريم من خلال استخدام كلمة أعوذ في بعض آياته ، مثلما ورد في قوله تعالى “قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ” ، “قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ” ؛ حيث تم الاعتصام والالتجاء إلى المولى عزّ وجل في هاتين الآيتين.
وقد وردت كلمة العوذ بمعناها ولكن في شكل آخر في قوله تعالى “قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ أَن نَّأْخُذَ إِلَّا مَن وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِندَهُ إِنَّا إِذًا لَّظَالِمُونَ” ؛ حيث يستجيرون بالله تعالى في هذه الآية من أخذ إنسان بريء على أنه متهم ، كما وردت الكلمة نفسها أيضًا في قوله تعالى “وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ” ؛ حيث يلجأ أيضًا إلى الله تعالى القادر على كل شيء كي ينجيه من الوقوع في الخطأ.
كلمة ألوذ
تُعتبر كلمة ألوذ أضعف في المعنى من كلمة أعوذ ؛ حيث أنها لا تعني أكثر من الالتجاء من أجل الاختفاء عن الأعين والاختباء ؛ بينما كلمة أعوذ تتطلب المزيد حيث أنها تستبطن الالتجاء مع الحماية والأمان والدفع بالقوة ؛ فتكون كلمة الملاذ هي الملجأ والحصن كما وردت في معجم المعاني ، وقد وردت هذه الكلمة بتصريف مختلف في قوله تعالى “لَّا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُم بَعْضًا ۚ قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنكُمْ لِوَاذًا ۚ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ”.
وقد جاءت كلمة “لوذًا” في هذه الآية الكريمة بمعنى الالتجاء إلى بعضهم البعض من أجل التخفي ؛ حيث ورد في تفسيرها أن خطبة يوم الجمعة كانت تثقل على نفوس المنافقين ؛ وكان لا يجوز الخروج من المسجد إلا بعد استئذان الرسول صلى الله عليه وسلم عن طريق الإشارة بالإصبع حتى يأذن له النبي دون أن يتكلم ، فكان المنافقون في هذه الحالة يلوذون ببعض الصحابة أو الموجودين بمعنى يستتروا عن الأعين حتى يستطيعون الخروج من المسجد حتى لا يراهم النبي ، وجاءت “لواذًا” من الفعل “لاوذ” ومعناه هنا “لاذ”.
معنى آخر
: وردت بعض الآراء اللغوية التي تفيد بأن الهدف من الكلمتين عكسي ، بمعنى أن استخدام كلمة “أعوذ” يكون من أجل الفرار من الشر ، بينما اسخدام كلمة “ألوذ” يأتي من أجل طلب الخير.