قصيدة النابغة الجعدي في مدح الرسول
النابغة الجعدي هو أبو ليلى عبدالله بن قيس بن عدس بن جعدة بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن بن نزار بن معد بن عدنان، وقيل عنه أن اسمه حسان وقيل قيس نسبة إلى قبيلة هوزان، وهو صحابي شاعر له العديد من القصائد التي تتميز بالروح الإسلامية.
قصيدة الجعدي في مدح الرسول
عندما جاء
النابغة الجعدي
الرسول محمد صلّ الله عليه وسلم أنشده في
مدح الرسول
قائلًا :
تبعت رسول الله إذ جاء بالهدى ويتلو كتابا كالمجـرة نـيرا
بلغنا السماء مجدنا وجــدودنا وإنا لنرجو فوق ذلك مظهرا
فقال النبي: «أين المظهر يا أبا ليلى؟» فقال: «الجنة»، قال النبي: «أجل إن شاء الله»، ثم أكمل إنشاده:
ولاخير في حلم إذا لم يكن له بوادر تحمى صفوه أن يكدرا
ولاخير في جهل إذا لم يكن له حليم إذا ما أورد الأمر أصدرا
فقال النبي: «لايفض الله فاك مرتين».
وألقى أمام الرسول صلّ الله عليه وسلم قصيدة مكونة من أكثر من 200 بيت مطلعها :
خليلي عوجا ساعة وتهجرا *** ولوما على ما أحدث الدهر أو ذرا
ولا تجزعا إن الحياة ذميمة *** فخفا لروعات الحوادث أو قرا
وإن جاء أمر لا تطيقان دفعه *** فلا تجزعا مما قضى الله واصبرا
ألم تريا أن الملامة نفعها *** قليل إذا ما الشيء ولى وأدبرا
تهيج البكاء والندامة ثم لا *** تغير شيئا غير ما كان قدرا
أتيت رسول الله إذ جاء بالهدى *** ويتلو كتابا كالمجرة نيرا
خليلي قد لاقيت ما لم تلاقيا *** وسيرت في الأحياء ما لم تسيرا
تذكرت والذكرى تهيج لذي الهوى *** ومن حاجة المحزون أن يتذكرا
نداماي عند المنذر بن محرق *** أرى اليوم منهم ظاهر الأرض مقفرا
كهولا وشبانا كأن وجوههم *** دنانير مما شيف في أرض قيصرا
وما زلت أسعى بين باب ودارة *** بنجران حتى خفت أن أتنصرا
لدى ملك من آل جفنة خاله *** وجداه من آل امرىء القيس أزهرا
يدير علينا كأسه وشواءه *** مناصفه والحضرمي المحبرا
حنيفا عراقيا وريطا شآميا *** ومعتصرا من مسك دارين أذفرا
وتيه عليها نسج ريح مريضة *** قطعت بحرجوج مساندة القرا
خنوف مروح تعجل الورق بعدما *** تعرس تشكو آهة وتذمرا
وتعبر يعفور الصريم كناسه *** وتخرجه طورا وإن كان مظهرا
كمرقدة فرد من الوحش حرة *** أنامت بذي الذئبين بالصيف جؤذرا
فأمسى عليه أطلس اللون شاحبا *** شحيحا يسميه النباطي نهسرا
طويل القرا عاري الأشاجع مارد *** كشق العصا فوه إذا ما تضورا
فبات يذكيه بغير حديدة *** أخو قنص يمسي ويصبح مقفرا
فلاقت بيانا عند أول مربض *** إهابا ومعبوطا من الجوف أحمرا
ووجها كبرقوع الفتاة ملمعا *** وروقين لما يعدوا أن تقمرا
فلما سقاها البأس وارتد همها *** إليها ولم يترك لها متأخرا
أتيح لها فرد خلا بين عالج *** وبين حبال الرمل في الصيف أشهرا
كسا دفع رجليها صفيحة وجهه *** إذا انجردت نبت الخزامي المنورا
مروج كسا القريان ظاهر لونها *** مرارا من القراص أحوى وأصفرا
فباهى كفحل الحوش ينغض رأسه *** كما ينغض الوضع الفنيق المجفرا
وولت به روح خفاف كأنها *** خذاريف تزجي ساطع اللون أغبرا
كأصداف هنديين صهب لحاهم *** يبيعون في دارين مسكا وعنبرا
فباتت ثلاثا بين يوم وليلة *** وكان النكير أن تضيف وتجأرا
وباتت كأن كشحها طي ريطة *** إلى راجح من ظاهر الرمل أعفرا وعاش النابغة الجعدي مائة وعشرين سنة، وبعض الكتب قالت مائة وثمانين.
قصيدة الفرزدق في مدح الرسول
كتب الفرزدق أيضًا
قصيدة في مدح الرسول
تقول :
هَذا الّذي تَعرِفُ البَطْحاءُ وَطْأتَهُ، وَالبَيْتُ يعْرِفُهُ وَالحِلُّ وَالحَرَمُ
هذا ابنُ خَيرِ عِبادِ الله كُلّهِمُ، هذا التّقيّ النّقيّ الطّاهِرُ العَلَمُ
هذا ابنُ فاطمَةٍ، إنْ كُنْتَ جاهِلَهُ، بِجَدّهِ أنْبِيَاءُ الله قَدْ خُتِمُوا
وَلَيْسَ قَوْلُكَ: مَن هذا؟ بضَائرِه، العُرْبُ تَعرِفُ من أنكَرْتَ وَالعَجمُ
كِلْتا يَدَيْهِ غِيَاثٌ عَمَّ نَفعُهُمَا، يُسْتَوْكَفانِ، وَلا يَعرُوهُما عَدَمُ
سَهْلُ الخَلِيقَةِ، لا تُخشى بَوَادِرُهُ، يَزِينُهُ اثنانِ: حُسنُ الخَلقِ وَالشّيمُ
حَمّالُ أثقالِ أقوَامٍ، إذا افتُدِحُوا، حُلوُ الشّمائلِ، تَحلُو عندَهُ نَعَمُ
ما قال: لا قطُّ، إلاّ في تَشَهُّدِهِ، لَوْلا التّشَهّدُ كانَتْ لاءَهُ نَعَمُ
عَمَّ البَرِيّةَ بالإحسانِ، فانْقَشَعَتْ عَنْها الغَياهِبُ والإمْلاقُ والعَدَمُ
إذ رَأتْهُ قُرَيْشٌ قال قائِلُها: إلى مَكَارِمِ هذا يَنْتَهِي الكَرَمُ
يُغْضِي حَياءً، وَيُغضَى من مَهابَتِه، فَمَا يُكَلَّمُ إلاّ حِينَ يَبْتَسِمُ
بِكَفّهِ خَيْزُرَانٌ رِيحُهُ عَبِقٌ، من كَفّ أرْوَعَ، في عِرْنِينِهِ شمَمُ
يَكادُ يُمْسِكُهُ عِرْفانَ رَاحَتِهِ، رُكْنُ الحَطِيمِ إذا ما جَاءَ يَستَلِمُ
الله شَرّفَهُ قِدْماً، وَعَظّمَهُ، جَرَى بِذاكَ لَهُ في لَوْحِهِ القَلَمُ
أيُّ الخَلائِقِ لَيْسَتْ في رِقَابِهِمُ، لأوّلِيّةِ هَذا، أوْ لَهُ نِعمُ
مَن يَشكُرِ الله يَشكُرْ أوّلِيّةَ ذا؛ فالدِّينُ مِن بَيتِ هذا نَالَهُ الأُمَمُ
يُنمى إلى ذُرْوَةِ الدّينِ التي قَصُرَتْ عَنها الأكفُّ، وعن إدراكِها القَدَمُ
مَنْ جَدُّهُ دان فَضْلُ الأنْبِياءِ لَهُ؛ وَفَضْلُ أُمّتِهِ دانَتْ لَهُ الأُمَمُ
مُشْتَقّةٌ مِنْ رَسُولِ الله نَبْعَتُهُ، طَابَتْ مَغارِسُهُ والخِيمُ وَالشّيَمُ
يَنْشَقّ ثَوْبُ الدّجَى عن نورِ غرّتِهِ كالشمس تَنجابُ عن إشرَاقِها الظُّلَمُ
من مَعشَرٍ حُبُّهُمْ دِينٌ، وَبُغْضُهُمُ كُفْرٌ، وَقُرْبُهُمُ مَنجىً وَمُعتَصَمُ
مُقَدَّمٌ بعد ذِكْرِ الله ذِكْرُهُمُ، في كلّ بَدْءٍ، وَمَختومٌ به الكَلِمُ
إنْ عُدّ أهْلُ التّقَى كانوا أئِمّتَهمْ، أوْ قيل: «من خيرُ أهل الأرْض؟» قيل: هم
لا يَستَطيعُ جَوَادٌ بَعدَ جُودِهِمُ، وَلا يُدانِيهِمُ قَوْمٌ، وَإنْ كَرُمُوا
هُمُ الغُيُوثُ، إذا ما أزْمَةٌ أزَمَتْ، وَالأُسدُ أُسدُ الشّرَى، وَالبأسُ محتدمُ
لا يُنقِصُ العُسرُ بَسطاً من أكُفّهِمُ؛ سِيّانِ ذلك: إن أثَرَوْا وَإنْ عَدِمُوا
يُستدْفَعُ الشرُّ وَالبَلْوَى بحُبّهِمُ، وَيُسْتَرَبّ بِهِ الإحْسَانُ وَالنِّعَمُ