قصة حرق بيت أبي الدرداء
أبو الدرداء هو صحابي وفقيه وقاضي وقارئ قران، ويُعد أحد رواة الحديث النبي، كما أنه من الأنصار من بني كعب بن الخزرج بن الحارث بن الخزرج، أسلم يوم بدر، ودافع عن النبي يوم أحد، شهد العديد من الأحداث والمشاهد نظرًا لأنه كان من المجتهدين في التعبد وقراءة القران الكريم، رحل إلى الشام بعد فتحها لكي يُعلم الناس القران وليُفقههم في دينهم، ثم تولى قضاء دمشق وظل بها حتى توفى في خلافة عثمان بن عفان.
متن قصة حرق بيت أبي الدرداء
روي عن طلق بن حبيب قال: ” جاء رجل إلى أبي الدرداء رضي الله عنه فقال: يا أبا الدرداء قد احترق بيتك. قال: ما احترق. قد علمت أن الله عز وجل لم يكن ليفعل ذلك لكلمات سمعتهن من رسول اللَّه صلّ الله عليه وسلم من قالهن أول نهاره لم تصبه مصيبة حتى يمسي.
ومن قالهن اخر النهار لم تصبه مصيبة حتى يصبح : اللهم أنت ربي، لا إله إلا أنت، عليك توكلت وأنت رب العرش العظيم، ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، أعلم أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علمًا، اللهم إني أعوذ بك من شر نفسي ومن شر كل دابة أنت آخذ بناصيتها، إن ربي على صراط مستقيم. “
التخريج : وفيما يخص الخبر الذي جاءت به تلك القصة فأنه أخرجه ابن السني في كتابه ” عمل اليوم والليلة “، والطبراني في الدعاء
دعاء ابو الدرداء
، والخرائطي في مكارم الأخلاق من هُدبة بن خالد.
التحقيق من القصة أبي الدرداء
قيل أن هذه القصة واهية وسندها تالف وعلته الأغلب بن تميم، حيث أورده الإمام البخاري في كتابه التاريخ الكبير، وقال أغلب بن تميم منكر الحديث، وهذا المصطلح يدل عند البخاري شدة الضعف.
وأورده ابن حبانفي ” المجروحين ” وقال “أغلب بن تميم منكر الحديث يروي عن الثقاتما ليس من حديثهم حتى خرج عن حدِّ الاحتجاج به لكثرة خطئه”.
وأورده الإمام الذهبي في “الميزان” وأقر قول الإمام البخاري،كذلك وأقر قول الإمام ابن حبان ثم نقل قول الإمام ابن معين في أغلب بنتميم بأنه ليس بشيء.
وأورده الإمام العقيلي في “الضعفاء الكبير” وقال: “حدثنا محمد قال: حدثنا عباس قال: سمعت يحيى يقول: أغلببن تميم المسعودي بصري: سمعت منه، وليس بشيء”، ثم قال: “وليس يتابع”.
قصة أبي الدرداء بتخريج أخر
روي عن الحسن قال: كنا جلوسًا مع رجل من أصحاب رسول اللَّه صلّ الله عليه وسلم فَأُتِيَ فقيل له أدرك دارك فقد احترقت فقال: ما احترقت داري، فذهب ثم جاء فقيل: أدرك دارك فقد احترقت، فقال: لا والله ما احترقت داري، فقيل له: احترقت دارك وتحلف بالله ما احترقت، فقال إني سمعت رسول اللَّه صلّ الله عليه وسلم يقول :
“من قال حين يصبح ربي الله الذي لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم، ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، أشهد أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علمًا، أعوذ بالله الذي يمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه من شر كل دابة ربي آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم لم يصبه في نفسه ولا أهله ولا ماله شيء يكرهه وقد قلتها اليوم، ثم قال: انهضوا بنا، فقام وقاموا معه فانتهوا إلى داره وقد احترق ما حولها ولم يصبها شيء”.
التخريج : أخرج هذا الطريق الحارث في مسنده، فقال “حدثنا يزيد بن هارون، ثنا معاذ أبو عبد الله قال: حدثني رجل عن الحسن به”.
وأخرجها بن السُّني في “عمل اليوم والليلة” قال: “أخبرني عبد الرحمن بن حمدان حدثنا الحارث بن أبي أمامة بن محمد حدثنا يزيد بن هارون به”.
الرواية الثالثة لقصة أبي الدرداء
حدثني رجل عن الحسن “فالرجل هنا لم يسم، وهذا عند علماء الحديث يسمي”المبهم” حيث قال البيقوني في “منظومته” “ومبهم ما فيه راوٍ لم يسم” فالحديث مردود وسبب رد روايته جهالة عينه. لأن من أُبهم اسمه جهلت عينهوجهلت عدالته من باب أولى فلا تقبل روايته”.
لذلك قال الحافظ ابن حجر في “شرح النخبة”: ولا يقبل حديث المبهم ما لم يسم لأن شرط قبول الخبر عدالة راويه ومن أبهم اسمه لا تعرف عينه فكيف تعرف عدالته؟”.
قلت: وهذا الطريق يزيد القصة وهنًا على وهن كما هو مقرر في علم المصطلح كذا قال ابن الصلاح في “علوم الحديث” وابن كثير في “مختصره” ،والسخاوي في “فتح المغيث”.
قول الحسن: كنا جلوسًا مع رجل من أصحاب رسول اللَّه صلّ الله عليه وسلم فأتي فقيل له أدرك دارك فقد احترقت…”.
قلت: فالمبهم هنا ليس هو أبا الدرداء لأن الحسن لم يجالس أبا الدرداء والشاهدعلى ذلك قول الإمام ابن أبي حاتم في كتابه “المراسيل”: قال أبو زرعة: الحسن عن أبي الدرداء.