قصة لا حياة لمن تنادي
لقد أسمعت لو ناديت حيـًا…ولكن لا حياة لمـن تنادي ، ولو نارٌ نفخت بها أضاءت … ولكن أنت تنفخ في الرماد ، تعد هذه الأبيات من أشهر الأبيات المتداولة بين العرب ، وقد أقتبس الأدباء والشعراء هذا البيت في العديد من الأعمال كما أنه متداول بين العرب في حياتهم اليومية كتعبير عن السخط عن قلة المسئولية أو اليأس في شخص ما أو شيء ما.
أبيات شعر لا حياة لمن تنادي
ألا غدرت بنو أعلى قديما ***وأنعم إنها ودق المزاد
ومن يشرب بماء العبل يغدر ***على ما كان من حمى وراد
وكنتم أعبدا أولاد غيل ***بني آمرن على الفساد
لقد أسمعت لو ناديت حيا ***ولكن لا حياة لمن تنادي
ولو نار نفخت بها أضاءت***ولكن أنت تنفخ في رماد
قصة بيت لا حياة لمن تنادي
ارتبط الشعر بمجتمعنا العربي ارتباط وثيقاً ، فنحن قوم البلاغة والفصاحة، وللشعر والشعراء مكانة كبيرة في مجتمعنا العربي حيث كان الشعراء دائما لهم مكانة كبيرة عند الأمراء والملوك، فكانت أشعار هؤلاء الشعراء عبارة عن تجارب شخصية مرت بهم أو عاصروها، وكذألك هذا البيت الذي اشتهر به عمر بن معدي كرب بن ربيعة الزبيدي، الشاعر الذي عاش بين عامي 525 و642 ميلادية، حيث له قصة مشهورة تحكي حتى الآن وتستخدم مثل
قصص اطفال
.
كان هناك رجل غني في المدينة، لا يوجد من هو أغنى منه في المدينة ، وكان له ولد ماتت أمه عندما كان صغيراً، وبسبب أنه كان وحيد أباه فقد قام الرجل بالإغداق عليه بالمال والحب والدلال حتى أفسد أخلاقه ، وقد كان هذا الرجل كريماً فكان يعطي الفقراء من ماله ويتصدق عليهم بكثرة، وكان في كل صباح من كل يوم يأتي رجل فقير إليه في السوق فيعطيه خبز للفطور ويجلس الرجل الفقير بجواره ليأكله وينصرف بعد الانتهاء، وهكذا ظل الحال سنة بعد سنة حتى أصاب الرجل مرض شديد، وخاف أن يقوم ابنه الفاسد بتبديد كل ثروته، وكان دائماً ينصحه ولكن بدون فائدة.
لقد كان رفقاء السوء يحيطون بهذا الفتى من كل جهة، يصمون أذانه عن نصائح أبيه ويعمون عينيه عن الخير والصلاح، حيث كان يغدق عليهم بخيرات ابيه فكانوا أصحاب مصلحه في حالته هذه.
وفي النهاية عندما أحس الرجل الطيب بقرب أجله استدعي أخلص خدامه وطلب منه أن يبني له سقفاً جيداً للقصر تحت السقف القديم في مجلس القصر، حيث يكون بين السقفين مخزن، وأمره أن يضع فيه كمية كبيرة من الذهب، وأمر أن يصنعوا في هذه السقف الجديد بوابة ويقومون بوضع سلسلة حديد بها، بحيث تكون مصنوعة لغرض معين إذا تم سحبها للأسفل تنفتح ناحية الأرض، وبالفعل قام الخدم بفعل كل ما أمر به وجعلوه سراً عن الابن، وقام الرجل بنصح أبنه مرة أخرى قبل الرحيل ولكن :
لقد أسمعت لو ناديت حيا ***ولكن لا حياة لمن تنادي
ولو نار نفخت بها أضاءت***ولكن أنت تنفخ في رماد.
ثم نصحه ابيه أخر نصيحة وقال له : يا بني إذا مت، وطاعة كل الأموال وأغلقت أبواب الحياة في وجهك وضاقت ظروفك فعدني ألا تبيع قصرنا هذا مهما كانت الظروف، إن فكرة في يوم أن تنتحر ففي المجلس الكبير بالقصر سلسلة معلقة قم بشنق نفسك فيها حتى تموت ميته مستورة وسهلة .
ولكن كالعادة لم يعير الابن لكلام ابوه اي انتباه، وبالفعل مات الأب وظل أصدقاء السوء يحيطون بالابن الفاسد وينفقون أموالهم حتى انتهت وفشلت كل أعمال وتجارة أبيه ، وباع ممتلكاته ومحلاته على ملذاته، ولم يبقى معه سوي القصر، فقام ببيع الأثاث، وأنفض أصدقاء السوء من حوله وكرهوه وأنكروا وتركوه وحيداً مع ظروفه الصعبة بعد أن انتهت ثروت أبيه.
ضاقت الحياة بهذا الشاب بعد أن انتهت ثروت أبيه حتى أن ملابسه تمزقت وكان كل ما يجده هو بعض الفتات التي كان يحضرها له المسكين الذي كان يعطف عليه أبيه في السابق، واشتد الضيق على الشاب وأغلقت كل الأبواب إلى أن تذكر قول أبيه عن السلسلة التي في مجلس القصر فقام وأحضر صندوق قرر الانتحار بها، وقام بإزاحة الصندوق إلا أنه سقط ولم يمت، حيث فتحت له السلسلة باب سري في السقف وسقط منه كمية كبيرة من الذهب على رأسه، ففرح الشاب فرح شديد لأن الله قد فرج كربه.
ومن بعدها بدأ الشاب بالعمل على استعادة أموال أبيه وأعماله وتجارته وأخذ الرجل المسكين الذي كان يعطيه الطعام وجعله رفيقاً له يتقاسم معه الملابس والطعام، ولما سمع أصدقاء السوء إنه تبدل حال الشاب مرة أخرى اتجهوا ناحيته ليعيدوا علاقاتهم به مرة أخرى.
فقاموا بدعوته على الطعام فلبى دعوتهم، وكانوا قد حضروا له مائدة من أشهي الطعام، فقام الشاب وأمسك بكم ثوبه وبدأ بوضعه في كل صنف من الطعام وهم في الانصراف واستغربوا من تصرفه وسأله عنه فقال لهم: أنتم لم تدعوني أنا بل دعوتوا أموالي وثيابي وها هو ثوبي قد لب دعواتكم، وقام بالانصراف.