اثار الغزو الفكري

باتت حرب الأفكار والغزو الثقافي والفكري يشكل تياراً جارفاً يهدد المجتمعات المسلمة ، لصرف المسلمين عن دينهم ومسخ هويتهم وتغيير انتماءاتهم ، مما يفتت الأمة ويضعفها ويبعدها عن واقعها ويشغلها بنفسها . فليس مبالغة في القول إذا قررنا أن ما تعانيه أمتنا من هزائم فكرية ، واقتصادية وسياسية واجتماعية هو نتيجة حتمية لتدمير الشخصية الإسلامية عقدياً وثقافياً وسلوكياً ، بسبب الغزو الفكري الذي يعمل على أن تصبح مسخاً تابعاً لغيره .

يؤمر فيطيع ويُقاد فينقاد ، ووسيلتهم في تحقيق ذلك الخداع والتمويه وقلب الحقائق وتشويه الوقائع عن طريق تصنيع الكلمة ، وزخرفة القول والدخول إلى المخاطب من نقطة ضعفه ، والإيقاع به، والإيحاء إليه بسلامة الفكرة، وصحة المفهوم المزيف الذي تحمله كلمات الغزو .

تاريخ ظهور الغزو الفكري

بدء تاريخ

الغزو الفكري

في كل جيل وفي كل عصر ، وله في كل دولة دوراً تخريبياً مدمراً ، إلا أن البشرية لم تشهد قط زمناً كان فيه للغزو الفكري خبراء ومنظرون وأجهزة ومؤسسات ، ووسائل إعلام كعصرنا هذا ، حيث صار للغزو الفكري صبغة الفلسفة والنظرية والمبدأ الذي يعتنقه الأتباع ، ويدافعون عنه وينقادون له .

أهداف الغزو الفكري

الاستغلال الاقتصادي

لا تقوم البلدان إلا على اقتصاد قوي، والاقتصاد يحتاج إلى موارد اقتصادية، وبلدان العالم الإسلامي في الغالب تحتوي على موارد اقتصادية هائلة سال لها لعاب الدول الغربية مما جعلها تحاول جاهدة استغلال هذه الموارد .

فكان في بداية الأمر أن فرضت الدول المستعمرة شروطا واتفاقيات تبيح لها التصرف في ثروات الشعوب الإسلامية سواء كانت هذه الاتفاقيات مفروضة بالقوة أو كانت بقوة غير مباشرة كمعاهدات الحماية بأن تتعهد الدولة القوية بحماية الدولة المسلمة الضعيفة مقابل ابتزازها اقتصادياً .

ولأن القوة ربما تولد القوة والهجوم يولد الدفاع، لذا رأت الدول القوية أن منطق القوة قد لا يستمر لها وأن الدولة المسلمة ربما أفاقت وقاومت ، لذا لجأت هذه القوى إلى الغزو الفكري الذي يحقق لهم ما يريدون دون إثارة حفيظة المسلمين وحنقهم .

إبعاد المسلمين عن مصدر قوتهم وعزتهم

أدرك الغزاة أن المسلمين وإن كانوا في ضعف وهوان وتشتت وانقسام إلا أنهم يملكون سلاحاً قوياً يستطيعون به الانتصار على عدوهم متى ما استخدموه لذا حرصوا اشد الحرص على إبعادهم عن هذا السلاح وعن مصدر قوتهم، فبدئوا بمحاربة

العقيدة الإسلامية

ومحاولة إبعادها عن حياة المسلمين .

لا عن طريق ذمها في البداية وبشكل مباشر فهذا يثير المسلمين عليهم ويرجع المسلمين إلى عقيدتهم، ولكن عن طريق دس السم في العسل كما يقال، وبطرق ملتوية غير مباشرة، فحاولوا التشكيك في العقيدة أو في جوانب منها فإن لم ينجحوا في ذلك فعلى الأقل عملوا على زعزعة ثقة بعض المسلمين بعقيدتهم .

أثار الغزو الفكري

الملاحظ والمتتبع لأثار الغزو الفكري لمسيرة الأمة الحضارية أن الغرب قد جني ثمار معركته الفكرية مع الأمة أول ما جنى هدمه لكيان الأمة التنفيذي ألا وهو الخلافة، وقد ميّع في نفوس المسلمين عبر تشويه متعمد صورة الخليفة والخلافة حتى إذا هدمها عام 1924م لم ثائرة الأمة ولم ينكروا على من فعل هذه الفعلة الشنعاء.

ومر الأمر بهدوء وكأن شيئا لم يكن . وفرخت هذه الحرب ثلة من المفكرين جعلوا الغرب قبلتهم ، ينهلون منه التصورات العقدية والفلسفية الشاذة والقيم الخُلُقية والقوانين والعادات والتقاليد، وسوقوها للأمة بكل ما أوتوا من قوة ، فظهرت آثار دعاويهم في لباس المرأة المسلمة.

وفكر جمهرة العوام الذين رأوا في الغرب مثلا أعلى في السياسة والحكم والتنظيم وسن التشريعات والتقدم الاقتصادي والعلمي، وحكموا على الأمة أنها لن تتقدم ما دامت بعيدة عن نهج الغرب وفكره . وبدت ثمار الغرب الفكرية تظهر في تصرفات الناس وحكمهم على الأشياء من خلال النظر إلى الأمور بمنظار النفعية والمادية البحتة‘ فرضوا بالحلول الوسط .