ما هو الاسهال الكلامي ؟ وبعض النماذج و الامثلة الواقعية
الثرثرة
وكثرة الكلام من أكثر
العادات
التي تعيب الإنسان، ودائماً ما نجد في مجتمعاتنا أشخاص ثرثارون ويلمز الناس عليهم ويقولوا فلان ثرثار أو فلانة ثرثارة.
الثرثار هو الشخص الغير قادر علي التحكم في نوعية كلامه ومدة حديثه، حيث تجده غير قادر على التحكم وضبط نوعية الكلام الذي يقوله، ويقوم بإخراج ما بداخله من كلام في أي مكان وأي وقت دون أن يراعي آداب الحديث أو مشاعر الآخرين واحتياجاتهم.
من المعروف ان النساء تتفوق علي الرجال في هذه الصفة ولكن هذا لا يعني أن هنالك رجال يتصفون بمثل هذه العادة الذميمة، الثرثرة عادة من
العادات السيئة
التي تنفر الناس من الأشخاص المصابين بها، ومن الممكن أن تكون هذه الثرثرة مرض نفسي، فهناك ما يسمى بالإسهال الكلامي الذي يقوم الفرد فيه بالإكثار في الكلام وتكراره
بدون فائدة.
الإسهال الكلامي
هناك الكثير من
الاضطرابات العقلية
والنفسية والعاطفية التي تلحق بالإنسان نتيجة لخلل هرموني أو حتى تجارب سابقة، وهذه
الاضطرابات
من الممكن أن تكون مزعجة للمريض في بعض الأحيان، وبعضها الآخر قد يكون مزعج للأخرين، وفي هذا الأمر الذي نتحدث عنه فإن
الاضطراب
يكون مزعج للطرفين.
قد تصادف من بين أفراد عائلتك أو أصدقائك أو معارفك، أشخاص لا يستطيعون التوقف عن الحديث، تدعي هذه الحالة في علم النفس بـ “logorrhea” ويمكن ترجمتها
بالإسهال الكلامي أو الثرثرة المرضية، ولكن هذه الثرثرة تختلف فهي ليست سلوك إنساني مختار أو مكتسب بل هو حالة مرضية.
أمثلة واقعية للثرثرة المرضية أو الإسهال الكلامي
-التحدث كثيراً ولمدة زمنية طويلة.
-عادةً ما يكون كلامهم غير مترابط، ومن الممكن أن نقول عليه تسرب
لأفكاره.
-هناك أيضاً حالة معروفة في
علم النفس
تسمى بالكلام السريع أو تسرع الكلام “
tachyphemia
” وهي حالة قد تكون شبيه لحالة الإسهال الكلامي.
-من الممكن أن تصيب هذه المشكلة الفرد لعدت أسباب من بينهم مثلاَ بعض الأورام الدماغية، ومن الممكن أن تحدث بسبب بعض الحالات العصبية
الأخرى، أو مرور الشخص بعملية جراحية في
الدماغ
.
الثرثرة
الثرثرة هي كثرة الكلام في غير
موضعه والترديد
فيه، وقد نهى رسول الله (صل الله عليه وسلم) عن هذه العادة الذميمة.
الثرثرة من آفات اللسان التي من الممكن أن يقع فيها الكثير من الناس وبدون أن يشعروا، وكثيراً ما تتسبب هذه العادة المشاكل والأذى لبعض للناس وللثرثار نفسه أيضاً.
الثرثار أبغض الناس لقلب رسول الله (صل الله عليه وسلم) وهو أبعد الناس عن مجالس
رسول الله (صل الله عليه وسلم)
، فقد روي عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّه (صل الله عليه وسلم )قَالَ:
“
إِنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إِلَىَّ وَأَقْرَبِكُمْ مِنِّى مَجْلِسًا
يَوْمَ الْقِيَامَةِ
أَحَاسِنَكُمْ أَخْلاَقًا وَإِنَّ أَبْغَضَكُمْ إِلَىَّ وَأَبْعَدَكُمْ مِنِّى مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ الثَّرْثَارُونَ وَالْمُتَشَدِّقُونَ
وَالْمُتَفَيْهِقُونَ
“. قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ عَلِمْنَا الثَّرْثَارُونَ وَالْمُتَشَدِّقُونَ فَمَا
الْمُتَفَيْهِقُونَ
قَالَ
: “الْمُتَكَبِّرُونَ”.
وقد حذر رسول الله (صل الله عليه وسلم) عن الثرثرة وقال إنها من قسوة القلب، حيث قال رسول الله (صل الله عليه وسلم) “لاَ تُكْثِرُوا الْكَلاَمَ بِغَيْرِ ذِكْرِ اللَّهِ فَإِنَّ كَثْرَةَ الْكَلاَمِ بِغَيْرِ ذِكْرِ اللَّهِ قَسْوَةٌ لِلْقَلْبِ وَإِنَّ أَبْعَدَ النَّاسِ مِنَ اللَّهِ الْقَلْبُ الْقَاسِي”.
إن الثرثار هو الذي ينظر وإلى ذنوب الناس ليتحدث ويثرثر بها في المجالس، من أحقر الأشخاص الذي يؤذون الناس بلسانهم فقد قال رسول الله (صل الله عليه وسلم): “المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه”.
روي مالك أنه بلغه عن نبي الله
عيسى ابن مريم أنه قال “لَا تُكْثِرُوا الْكَلَامَ بِغَيْرِ ذِكْرِ اللَّهِ فَتَقْسُوَ قُلُوبُكُمْ فَإِنَّ الْقَلْبَ الْقَاسِيَ بَعِيدٌ مِنْ اللَّهِ وَلَكِنْ لَا تَعْلَمُونَ. وَلَا تَنْظُرُوا فِي ذُنُوبِ النَّاسِ كَأَنَّكُمْ أَرْبَابٌ وَانْظُرُوا فِي ذُنُوبِكُمْ كَأَنَّكُمْ عَبِيدٌ فَإِنَّمَا النَّاسُ مُبْتَلًى وَمُعَافًى فَارْحَمُوا أَهْلَ الْبَلَاءِ وَاحْمَدُوا اللَّهَ عَلَى الْعَافِيَةِ”.
وقد تصل الثرثرة مع بعض الأشخاص إلى السخرة من الشرع والاستهزاء بالمؤمنين، هنا يدخل هذا الثرثار في دائرة النفاق والمنافقين، فقد قال الله تعالي “وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ ” سورة التوبة الآية 65.
فإذا كانت الثرثرة دليل علي سوء الخلق كما قال رسول الله، فهم أيضاً من شرار الناس بسبب سوء صفاتهم، لقول رسول الله (صل الله عليه وسلم): “خِيَارُكُمْ أَحَاسِنُكُمْ أَخْلاقًا،
الموطؤون
أَكْنَافًا، وإِنَّ شِرَارَكُمُ الثَّرْثَارُونَ،
الْمُتَفَيْهِقُونَ
، الْمُتَشَدِّقُونَ
“
التخلّص من الثرثرة
تقول الحكمة الشهيرة “إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب”، فلابد أن يدرك الفرد الثرثار أن السكوت أعظم وأهم من الكلام، فهي حقيقة لا يستطيع أحد أن ينكرها، فالسكوت يعلم الناس الصبر ويزيدهم حكمة، فكلما قل كلام الفرد زاد سماعه لحديث الآخرين مما يزيد من خبراته وحكمته، وكذلك يجعله يُمعن
التفكير
فيما حوله من الأمور والاختيارات
ويتحسس
مشاعر الآخرين حتى لا يجرحهم بكلامه، فإذا كانت الثرثرة هي عبارة عن سلوك أو عادة عند الفرد وليست مرض يستحق التدخل الطبي في
علاجه، فلابد أن يعلم الثرثار فوائد
الصمت
و يجاهد نفسه على ذلك.
عليه أن ينشغل بالأعمال الصالحة وأن يساعد الناس في تفريج كربهم، فالإنسان الذي يشغل وقته ويكون منهمك في خدمة الناس لا يجد الكثير من الوقت ليثرثر.