قصة تشالنجر ديب
في حين نجح الآلاف من المتسلقين في تسلق جبل إفرست أعلى نقطة على وجه الأرض، إلا أن شخصين فقط نزلا إلى أعمق نقطة في الكوكب “تشالنجر ديب” في خندق ماريانا في المحيط الهادئ، ويقع خندق ماريانا في غرب
المحيط الهادئ
شرق الفلبين وعلى بعد حوالي 124 ميلا (200 كيلومتر) شرق جزر ماريانا، وهو عبارة عن ندبة على شكل هلال في قشرة الأرض يبلغ طولها أكثر من 1500 ميل (2،550 كم) و 43 ميلا (69 كيلومترا) في المتوسط، وتبلغ المسافة بين سطح المحيط وأعمق نقطة في
خندق ماريانا
تشالنجر ديب، والتي تقع على بعد حوالي 200 ميل (322 كم) جنوب غرب إقليم غوام الأمريكي حوالي 7 أميال (11 كم)، وإذا سقط جبل إفرست في خندق ماريانا فستظل ذروته أعلى من ميل (1.6 كيلومتر) تحت الماء .
ما هي تشالنجر ديب
تشالنجر ديب تأخذ اسمها من H.M.S تشالنجر وهي سفينة تابعة للبحرية الملكية في القرن التاسع عشر طافت حول العالم لدراسة
محيطات العالم
، وفي 23 مارس 1875 على بعد حوالي 140 ميلا جنوب غرب غوام على الحافة الغربية القصوى للمحيط الهادي، فعل طاقم تشالنجر شيئا ما سيفعلونه في النهاية أكثر من 500 مرة خلال رحلة استكشافية مدتها ثلاث سنوات ونصف السنة حبل من القنب مرجح بأحواض حديدية في الماء لغرض قياس عمق أرض البحر، والنتيجة: 4،475 قبة (8،184 م)، ولم يكن هذا السبر سجلا ولكنه كان أول ما تم التقاطه في المنطقة المجاورة لما نعرفه الآن وهو موطن لأعمق بقعة على الأرض خندق ماريانا، وغالبا ما يستخدم اسم “تشالنجر ديب” بشكل مترادف مع أعمق نقطة في الأرض، لكن تشالنجر ديب ليس سبرا أو بقعة واحدة في قاع المحيط، إنه “عميق” .
وغالبا ما كانت الخرائط الباثيمترية المبكرة خاطئة بشأن الطبيعة الدقيقة لطبوغرافيا قاع البحر، لكنها مع ذلك صورت الأعماق كمناطق غواصة بدلا من نقاط منفصلة أو سبر، على سبيل المثال عندما قام جون موراي عالم المحيطات وعضو تشالنجر إكسبيديشن بنشر “المخطط الباثيمتري للمحيطات التي تظهر أعماق” في عام 1899 قام بتصنيف
الأعماق
كأجزاء من المحيط أعمق من 3000 قشرة (5448 م)، ووفقا لذلك يظهر تشالنجر ديب كمنطقة مظلمة على شكل حبوب جنوبا وغربا قليلا من غوام بنفس حجم مساتشوستس وكونيتيكت ورود آيلاند مجتمعين، ونشر موراي خريطة محدثة في عام 1912، والتي تصور تشالنجر ديب الموسع للغاية، وتلك التي تشبه إلى حد كبير خندق ماريانا على شكل هلال، وتقدر مساحته موراي بنحو 129000 ميل مربع، ويبلغ حجمها أربعة أضعاف مساحة بحيرة سوبيريور وهي بالكاد نقطة على الخريطة .
خندق ماريانا
هو جزء من شبكة عالمية من أحواض المياه العميقة التي تمتد عبر
قاع المحيط
، وتتشكل عندما تصطدم صفحتان تكتونية، وعند نقطة التصادم تغوص إحدى اللوحات أسفل الأخرى في عباءة الأرض مما يخلق خندقا للمحيطات، وتم سحق أعماق خندق ماريانا لأول مرة في عام 1875 من قبل السفينة البريطانية H.M.S تشالنجر كجزء من أول رحلة بحرية عالمية، وسجل علماء تشالنجر عمقا يصل إلى 4،475 قامة (حوالي خمسة أميال أو ثمانية كيلومترات) باستخدام حبل سبر مرجح، وفي عام 1951 السفينة البريطانية H.M.S. عاد تشالنجر الثاني إلى الموقع مع أحد صدى الصوت وقاس بعمق حوالي 7 أميال (11 كم) .
وغالبية خندق ماريانا هي الآن منطقة محمية في الولايات المتحدة كجزء من
النصب التذكاري
الوطني لمارينااس خندق البحرية، والذي أنشأه الرئيس جورج بوش في عام 2009، وتم الحصول على تصاريح البحث في النصب التذكاري بما في ذلك في سيرينا ديب، من الولايات المتحدة الأسماك والحياة البرية الخدمة، وتم الحصول على تصاريح البحث في تشالنجر ديب من ولايات ميكرونيزيا الموحدة .
الغوص التاريخي في تشالنجر ديب
بسبب عمقها الشديد يكون خندق ماريانا في ظلام دائم، ودرجة الحرارة أعلى بقليل من درجة التجمد، ويبلغ ضغط الماء في أسفل الخندق ثمانية أطنان ساحرة لكل بوصة مربعة أي حوالي ألف مرة من
الضغط الجوي
القياسي عند مستوى سطح البحر، ويزيد الضغط مع العمق، وكانت المرة الأولى والوحيدة التي نزل فيها البشر إلى منطقة تشالنجر ديب منذ أكثر من 50 عاما، وفي عام 1960 حقق كل من جاك بيكارد و دون والش هذا الهدف في غواصة تابعة للبحرية الأمريكية، وهي ناطحة سحاب تسمى تريست، وبعد نزول دام خمس ساعات أمضى الزوج 20 دقيقة فقط في القاع ولم يتمكن من التقاط أي صور فوتوغرافية بسبب غيوم الطمي التي أثارها مرورهم .
وحتى الغوص التاريخي لبيكارد والش ناقش العلماء ما إذا كانت الحياة يمكن أن توجد تحت هذا الضغط الشديد، ولكن في الجزء السفلي أشعل ضوء الفيضان في تريست مخلوقا اعتقد بيكارد أنه سمكة مسطحة، وهي لحظة وصفها بيكارد لاحقا بإثارة في كتاب عن رحلته، وهنا في لحظة كان الجواب الذي طلبه علماء الأحياء لعقود كتب بيكارد “هل يمكن أن توجد الحياة في أعماق أعماق المحيط؟ ممكن” .
العمق في تشالنجر ديب
في السنوات الأخيرة لمحت جرافات أعماق المحيطات والغواصات غير المأهولة الكائنات الحية الغريبة مثل أمفيبودات تشبه
الجمبري
، وحيوانات غريبة شفافة تسمى هولوثورنيانز، ولكن العلماء يقولون إن هناك العديد من الأنواع الجديدة التي تنتظر الاكتشاف والعديد من الأسئلة التي لم تتم الإجابة عنها حول كيفية بقاء الحيوانات في هذه الظروف القاسية، ويهتم العلماء بشكل خاص بالكائنات الحية الدقيقة التي تعيش في الخنادق والتي يقولون إنها قد تؤدي إلى اختراقات في الطب الحيوي والتكنولوجيا الحيوية، وقد يلقي سكان ماريانا ترين المجهريون الضوء على ظهور الحياة على الأرض، وتكهن بعض الباحثين مثل باتريشيا فراير وآلات جامعة هاواي بأن البراكين الطينية السربنتينية الموجودة بالقرب من خنادق المحيط قد وفرت الظروف المناسبة لأول أشكال الحياة لكوكبنا، إضافة إلى ذلك يقول علماء الجيولوجيا إن دراسة الصخور من خنادق المحيط يمكن أن تؤدي إلى فهم أفضل للزلازل التي تسببت في حدوث تسونامي قوي ومدمر في المحيط الهادي .