نظرية مركزية الشمس



الشمس

هذا السراج المنير الذي خلقه الله لنا لينير حياتنا و يمدنا بالطاقات وغيرها من المنافع، و

الأرض

هي موطننا وبيتنا الذي نسكن فيه، عليه نعيش وعليه تقوم كل حياتنا فهذا الكوكب هو مركز حياة البشرية، ولكن ما هو بالنسبة لباقي الكون، لقد كان الاعتقاد السابق أن الأرض هي مركز الكون حسب نظرية

بطليموس

، ودام هذا الاعتقاد ما يقارب الاربعة عشر قرن، حتى أن الكنيسة كانت تكفر من يتحدث بغير هذا الكلام،


حتى أتت الثورة علي هذا الحديث عندما ظهر عالم الفلك البولندي كوبرنيكوس ليقول بأن الأرض ليست مركز الكون ولكن الشمس هي مركز الكون .


مركزية الشمس


تعتبر مركزية الشمس هي النموذج الفلكي حيث تدور

الكواكب

والأقمار والأجرام السماوية الموجودة في المجموعة الشمسية حول نجم ثابت يسمى الشمس.


يعارض هذا القول النظرية القديمة التي تقول أن الأرض هي مركز الكون وأن الشمس تدور حولها مثل باقي الأجرام، حتى القرن الثالث قبل الميلاد حيث كان الظهور الأول لفكرة أن الشمس هي مركز الكون على يد أرسطرخس الساموسي، ولكنه لم يقدم أي نماذج رياضية تدعم هذا الطرح الجديد إلى أن أتي نيكولاس كوبرنيكوس في القرن السادس عشر في

عصر النهضة

ليقدم نموذجاً رياضياً للنظام الشمسي الذي يدعم فكرة دوران الأرض وباقي الأجرام حول الشمس وأن الشمس هي المركز، ثم أتي في القرن التالي يوهانس كبلر ليشرح النظام الشمسي مع التوسع فيه، ودعمه

جاليليو جاليلي

برصده ومشاهدتها عن طريق التلسكوب.


نظرية مركزية الشمس في العصور القديمة


كانت البداية من الهند في القرن التاسع قبل الميلاد حيث ظهر الفيلسوف الهندي (Yajnavalkya)  التابع للمعتقد الهندوسي فيدا، وهذا المعتقد يعتمد على

الرياضيات

والهندسة في طقوسة الدينية، حيث قال هذا الفيلسوف الهندي في نص مقدس: أن الشمس تربط هذه العوالم الأرض و

الكواكب

والهواء معاً كالخيط.


حيث كانت هذه الفرضية هي الأولى من نوعها المسجلة حول نظرية مركزية الكون، ولكن كان مؤيدين هذة الفرضية قليلون، حيث كانت الهند تعتقد بنظرية مركزية الأرض حتى تم

اختراع التلسكوب

.


أرستارخوس ونظرية مركزية الشمس


في هذا الوقت كان المعترف به في الكون هو نظامنا الشمسي الذي نعلمه الآن ولكن كانوا يعتقدون أن الأرض هي الثابتة  وبقية الأقمار والكواكب والنجوم تدور حولها، حتي أتي أريستارخوس بثورة جديدة على هذا النظام وقتها ليقول بأن الأرض ليست مركز الكون والشمس هي مركز الكون وأن الأرض وباقي النجوم والأقمار والكواكب تدور حولها في حركة دائرية.


ولكن لم يصل لنا من أعمال اريستارخوس سوي أفكاره وفلسفته حول هذا الموضوع من بعض المؤرخين والعلماء مثل عالم الرياضيات ارخميدس، والي فسوف سيكستوس إمبيريكوس وكاتب السيرة الذاتية بلوتارخ.


حيث يرى أن النجوم التي حولنا ثابتة والشمس كذلك، وأن الأرض والكواكب تدور في مدار دائري حول الشمس حيث تقع هي في وسط هذا المدار.


ولكن نظريته هجمت من قبل رجال الدين الذين يرون أن الله قد خلق خلقه في مركز الكون، بالإضافة إلي الفيلسوف كلينتس الذي اعترض هو أيضاً على فرضية اريستارخوس لرفضه تأييد رأيه بأن الشمس من ضمن النجوم الثابتة.


ورغم بديهية نظرية أريستارخوس إلا أنها قوبلت بالرفض من قبل الباحثين بسبب أنها تتناقض مع النظريات الرياضية آنذاك، حيث أن الحجة الموجودة آنذاك هي أن حركة

النجوم

ومواقعها لم تختلف أثناء دوران الأرض ولكن النجوم بعيدة جداً حيث أن اي اختلاف صغير او اي حركة صغيرة من موقعها لن تلاحظ.


نظريات أفلاطون وأرسطو وبطليموس


نتيجة للرفض الذي قابله أريستارخوس لنظريته حول مركزية الشمس كان لنظرية مركزية الأرض لنظامنا الشمسي الذي قدمه كبار الفلاسفة اليونانيين أمثال

أفلاطون

وأرسطو هو الاقتراح المقبول لنظامنا الشمسي.


حتي اتي بطليموس عام 140 بعد الميلاد ، بنموذج لمركزية الأرض والذي أُخذ به وظل سائداً في العالم الغربي ومسنوداً من الكنيسة.


الثورة الكوبرنيكية


قام نيكولاس كوبرنيكوس بإحياء نظرية أريستارخوس حول مركزية الشمس حيث أنه أكمل مخططاته ووضعها في كتاب (كتاب في دورات الكواكب السماوية) الذي وضع فيه نماذج تنبؤية توضح مركزية الشمس وأن الأرض هي مجرد كوكب من الكواكب التي تدور حول الشمس، ولكن كان كوبرنيكوس يعلم أن بمجرد نشره لهذا الكتاب سيؤدي هذا إلى تكفيره واتهامه بالهرطقة من الكنيسة، ولكن رغم اتهامات الكنيسة ورفضها لهذا الكتاب فإن نظرية كوبرنيكوس أصبحت بعد ذلك الإنطلاقة لعلم الفلك الحديث.


نظرية جاليليو


بعد اختراع تلسكوب الانكسار استخدمه جاليليو في التوسع في نظرية كوبرنيكوس، وبعد ان تم اكتشاف الأربع أقمار للمشتري في عام 1610م، كانت هذه حجة كبيرة لأصحاب نظرية مركزية الأرض ولكن وضع جاليليو بعد نشره كتاب (حوار حول النظامين الرئيسيين للكون) تحت الإقامة الجبرية.


إسحاق نيوتن واختراع التلسكوب العاكس


بعد أن قام السير

إسحاق نيوتن

باختارع التلسكوب العاكس سنة 1688م، أصبح من الواضح أن الأرض ليست مركز النظام الشمسي، وكان كتاب (Principia Mathematica) لنيوتن هو المسمار الأخير في نعش مركزية الأرض، وتكون الغلبة لنظرية مركزية الشمس.