اشهر نصوص غازي القصيبي

يعتبر

غازي عبد الرحمن القصيبي

من أهم السفراء الدبلوماسيين وهو أيضاً أديب وشاعر ووزير سعودي ولد في يوم 2 مارس عام 1940 وهو عاش في الأحساء وقضى فيها سنوات عمره الأولى وانتقل بعدها إلى

المنامة

في البحرين وهذا ليدرس فيها جميع المراحل التعليمية.

وقد حصل على درجة البكالوريوس من كلية الحقوق في جامعة القاهرة، كما حصل على درجة الماجستير في العلاقات الدولية من جامعة جنوب

كاليفورنيا

وهي التي لم يكون يريد الدراسة بها وهو كان يريد أن يدرس القانون الدولي في جامعات أخرى من جامعات أمريكا وهو من أفضل الشعراء التي سوف نقدم لكم اليوم أشهر النصوص الخاصة به.

نصوص شهيرة لغازي القصيبي

قصيدة في حب القاهرة

أهذي أنتِ؟.. أم هذا خيالي

جلاكِ… وبيننا بحرُ الليالي؟

قاهرتي! تُرى أذكرتِ وجهي

فتاكِ أنا المعذّب بالجمالِ؟

سلي عني المليحاتِ اللواتي

نظمتُ لهنّ ديوان اللآلي

سلي عني أباكِ النيلَ يشهدْ

بصدقي في الصدود.. وفي الوصال

سلي الأهرامَ عن حُبّ عصوفٍ

خبأت دموعه بين الرمالِ

سلي عني من السنوات خمساً

فِداها العُمر! عاطرة الخصالِ

أعود إليكِ.. والأيام صرعى

تمزّقها السنين.. ولا تبالي

فوا أسفاه! عاد فتاكِ شيخاً

يفرُّ من الوجومِ إلى الملالِ

أنوء إذا وقفت بحمل ثوبي

وأعثر حين أمشي بالظلالِ

أعجب حينما تنسين وجهي؟

نسيتُ أنا ملامحه الخوالي!

مررتُ على الديار.. فضعتُ فيها

غريباً حائراً بين الرجال

فلا الشبّاكُ تومضُ فيه سلوى

ولا هند تطلُّ من الأعالي

ولا المقهى يهشّ إذا رآني

ولا من فيه يسأل كيف حالي

وأين الصحب.. هل آبوا جميعاً

كما آب الشبابُ.. إلى المآل؟

هنا.. كان الصبا يملي القوافي

فأكتبُها.. لأجفان الغزالِ

وكان الشعر يغري بي الصبايا

كما تُغوى الهدايةُ بالضلالِ

هنا.. واليوم أسأل عن حياتي

فأُفجعُ بالجوابِ… وبالسؤالِ

قاهرتي! افترقنا ثلثَ قرنٍ

فهل لي أن أبثكِ ما بدا لي؟

ذرعتُ مناكب الصحراء.. حتى

شكتْ من طول رحلتها رحالي

وجبتُ البحر.. يدفعني شراعي

إلى المجهولِ.. في جُزرِ المُحالِ

وعانقتُ السعادة في ذراها

وقلبني الشقاء على النضال

كرعتُ هزيمةً.. ورشفتُ نصراً

فمات الشهد في سم الصلال

ضحلتُ.. وضجةُ الأصحاب حولي

ونحتُ.. وللنوى وخزُ النبالِ

وعدتُ من المعارك.. لستُ أدري

علامَ أضعتُ عُمري في النزالِ

وماذا عنكِ؟ هل جربت بعدي

من الأهوالِ قاصمة الجبالِ؟

وهل عانيتِ ما عانيتُ.. جُرحاً

تجهّمه الطبيبُ! بلا اندمال؟

على عينيكِ ألمح برق دمعٍ

أحالكِ يا حبيبةُ مثل حالي؟

وعن

الصحراء

قال

وطفت الكون لم أعثر

على أجدب من أرضك

على أطهر من حبك

أو أعنف من بغضك

عدت إليك يا صحراء

على وجهي رذاذ البحر

وفي روحي سراب بكاء

وطيف سابح في السحر

وومض ضفيرة شقراء

وفي شفتي بيتا شعر

وأغنية بلا أصداء

رجعت إليك مهموما

لأني لم أجد في الناس

من يؤمن بالناس

رجعت إليك محروما

لأن الكون أضلاع

بلا قلب

لأن الحب ألفاظ

مجردة عن الحب

رجعت إليك مهزوما

لأني خضت معركة الحياة

بسيف إحساسي

وعدت إليك .. ألقي مرساتي

على الرمل

غسلت الوجه بالطل

كأنك عدها ناديتني

وهمست في أذني

” رجعت إلي يا طفلي؟”

أجل أماه ..

عدت إليك

طفلا دائم الحزن

تغرب في بلاد الله

لم يعثر على وكره

وعد اليوم يبحث فيك عن عمره

وعدت إليك يا صحراء

ألقي جعبة التسيار

أغازل ليلك المنسوج من أسرار

و انشق في صبا نجد

طيوب عرار و أحيا فيك للأشعار و الأقمار

وعن السكوت قال

ميتة حروفنا

مثل ضمائر الطغاة

ما اغتسلت في بركة الحياة

ولا درت ما رعشة المخاض

ما ألم الجراح

ما روعة السير على الرماح

نحلم أن عالما قيود

ينبت من أقلامنا المشلولة

نحلم أن موسما من الورود

يزهر في صدورنا المسلولة

نحلم بالمعجزة الجديدة

نابعة من فوهة القصيدة

تعبث إسرائيل في مساجدي

تنتف ذقن والدي

و أختفي

كالفأر في قصائدي

حين يخاف الشاعر المقدام أن يموت

يصبح أحلى شعره السكوت

وعن المطر قال

كقطرة من مطر ،، تحدي تحدي

استرسلي ناعمة ،، شهية كالخدر

و أشعرني أنني ،، الطفل الذي لم يكبر

يغفو على صدركِ ،، نومَ اللحن فوق المزهر

وضمد الجرح الذي ،، عدت به من سفري

كقطرة من مطرِ ،، تغلغلي في ضجري

في قلقي ، في حُرَقي ،، في كدري ، في سهري

في قلبي الذي استحال ،، قطعة من حجر

تغلغلي ، تـغلـغـلي ،، وغسلي ، وظهري

ردي إلي نفحة ،، من الشباب العطر

وعن الليل قال

.فقولي إنه

القمر

!

أو البحر الذي ما انفك بالأمواج..

والرغبات يستعر

أو الرمل الذي تلمع

في حبّاته الدرر


جوز الهند

رائحة

كما لا يعرف الثمر

فقولي إنه الشجر!

وفي الغابة موسيقى

طبول تنتشي ألماً

وعرس ملؤه الكدر

فقولي إنه الوتر

أيا لؤلؤتي السمراء!

يا أجمل ما أفضى له سفر

خطرتِ .. فماتت الأنداء.. والأهواء..

والأشذاء.. والصور

وجئت أنا

وفي أهدابي الضجر

وفي أظفاري الضجر

وفي روحي بركان

ولكن ليس ينفجر

فيا لؤلؤتي السمراء!

ما أعجب ما يأتي به القدر

أنا الأشياء تحتضر

وأنت المولد النظر

فقولي إنه القمر

أعتذر

عن القلب الذي مات

وحلّ محله حجر؟

عن الطهر الذي غاض

فلم يلمح له أثر؟

وقولي: كيف أعتذر؟

وهل تدرين ما الكلمات؟..

زيف كاذب أشر

به تتحجب الشهوات..

أو يستعبد البشر

فقولي إنه القمر!.

أتيتك …

صحبتي الأوهام .. والأسقام ..

والآلام .. والخور

ورائي من سنين العمر ..

ما ناء به العمر ..

قرون .. كل ثانية

بها التاريخ يختصر

وقدّامي

صحارى الموت .. تنتظر

فيا لؤلؤتي السمراء! كيف يطيب

لي السمر؟

وكيف أقول أشعاراً

عليها يرقص السحر؟

قصيدة خيره الصمت

فقولي إنه القمر!

أنا؟!

لا تسألي عني

بلادي حيث لا مطر

شراعي الموعد الخطر

وبحري الجمر والشرر

وأيامي معاناة

على الخلجان.، . والإنسان .. والأوزان ..

تنتشر

وحسبك .. هذه الأنغام .. والأنسام

والأحلام..

لا تبقي ولا تذر

فقولي إنه القمر

غداً؟ لا تذكريه!…

غداً

تنادي زورقي الجزر

ويذوي مهرجان الليل

لا طيب ولا زهر

فقولي إنه القمر!

قصيدة مومياء

وقلتِ لي: السحر في

البحر

والليل والبدرِ

في الكائنات المدمأة بالعشق

تحلم أن تتضاعف وهي تحبّ

وتكبر وهي تحب

وتولد في الفجر

قلت لي: السحر في الوتر

المتنفّس شوقاً وشعراً

وقلتِ .. وقلت..

وأرسلتُ روحي تعبر هذا الفضاء

المرصع باللانهاية .. تسأل ما السحرُ؟

ما الحب؟ ما العيش؟ ما الموتُ؟

تسألُ .. تسألُ

يا أنت! لا تنبشي ألف جرح قديم

وألف سؤال عتيق

فإني نسيت الضماد

نسيت الإجابات

منذ تبرأتُ من نزوة الشعراء

وعدت إلى زمرة الأذكياء

الذين يخوضون هذي الحياة

بدون سؤالٍ .. بدون جواب

ويأتزرون النقود ويرتشفون النقود

ويستنشقون النقود

وهذي الثواني التي أخذتنا إلى

عبقرٍ كيف جاءت؟

وكيف استطاعت عبور الطريق

المدجج بالمال والجاه والعز واليأس؟

كيف استطاعت نفاذاً لقلبي؟

ويا ويح قلبي!

منذ سنين تجمّد كيف يعيشُ

الفتى دون قلبٍ يدقّ؟

ودون دماء تسيلْ؟

تحنطتُ لكنني لم أبح

فمشيت ولم يدر من مرّ بي

أنني دون قلبْ

فمن أين أقبلت ترتجلين القصائد

تستمطرين الكواكب زخة وجدٍ

تثيرين زوبعة في الرميم؟

أنا قد تقاعدت سيدتي

من مطاردة الوهم عبر صحارى الخيال

تقاعدت من رحلتي في تخوم الرجاء

وعبر بحار المخاض المليئة

موجاً عنيفاً

تقاعدت أعلنت للناس أني

قد كنت منذ سنين طوال ومتّ

فمن يفضح السر؟ من يحفر القبر؟

سيدتي! أوغل الليل فانطلقي

ودعي المومياء الذي مسّه البحرُ

لم ينتفض .. مسه الليل لم ينتفض

مسه البدر لم ينتفض يتأمل في المال

والجاه، والعز، والبأس

حسناء أنت؟ أظنك! ما عدتُ

أشعر بالحسن

كل النساء الجواري سواء

ولو جئتني في صباي منحتك

شعراً جميلاً

وحباً طهوراً

ولكن أتيت وقد يبس الكرم

والطير هاجر والعمر أقفر

ما في ضلوعي سوى رزمة من نقود

فهل أنت، كالأخريات سبتك النقود؟

أم البحر أغناك عن همسة الدر؟

والبدر أغناك عن شهقة الماس؟

سيدتي!

اتركيني فإني أطلت الكلام

وأدركني الآن ضوء الصباح.

قصيدة غدا



غداً

تنادي زورقي الجزر

ويذوي مهرجان الليل

لا طيب ولا زهر

… فقولي إنه القمر!

قصيدة قل لها

قـل لهـا .. إنـه تأمَّـل فـي دنـيـاه

حـيــنــاً فــعـــاد يـحــضــنُ دمـــعـــه

راعــــــــه أنَّ عــــمــــره يــتـــلاشـــى

مثل ما تُخمـد الأعاصيـر شمعـةْ

وصباه يضيع منه .. كما ضاع

نـداء.. تـطـوي المتـاهـات رجـعـه

قل لها .. إنّه يفيـق علـى جـرح

وتـغـفــو سـنـيـنـه فـــــوق لــوعـــهْ

سـكـب الـدهـر مــن أســاه رحيـقـا

فـتـحـسـاه جُــرعـــة إِثْـــــر جُــرعـــهْ

قل لها .. إنـه يهيـم .. وأخشـى

أن تــواريــه رحــلــة دون رجــعـــهْ

مرثية فارس سابق

عجـبـاً ! كـيـف اتـخـذنـاكَ صـديـقـاً ؟

وحَـسـبــنــاك أخــــــاً بَــــــراً شـقـيــقــا ؟

وأخـــــذنــــــاك إلــــــــــــى أضــــلاعــــنــــا

وسَـقـيــنــاك مِــــــن الـــحُـــبِّ رحِــيــقـــا

واقـتـسـمـنــا كِـــسْـــرةَ الــخُــبـــز مـــعــــاً

وكـتـبــنــا بــالــدِّمـــا عـــهــــداً وثــيــقـــا

وزرعـــــنــــــاكَ عــــــلــــــى أجـــفـــانِـــنـــا

ونـشــرنــا فــوقـــكَ الــهُـــدْبَ الـورِيــقــا

وزَعَـمْـنَـاك – ولــــم تَــبْــرقْ – ســنــاً

وكـسـونـاك – ولـــم تـلـمـع – بـرِيـقــا

سَـيــفــنــا كـــنــــت تــــأمــــلْ ســيــفــنــا

كـيـف أهــدى قلبـنـا الـجُــرح العمـيـقـا

دِرعــــنــــا كــــنـــــت وهـــــــــذا دِرعــــنـــــا

حَـربــة فـــي ظـهـرنــا شــبــت حـريـقــا

جـيـشـنـا كــنــتَ أجــــبْ يــــا جـيـشـنـا

كيفَ ضَيَّعْتَ إلى القدس الطريقا ؟!

ذلــــــــك الــعـــمـــلاق مــــــــا أبــشـــعـــه

في الدُّجى .. يغتـال عُصفـوراً رقيقـا

مُـــسِــــخَ الـــفــــارسُ لـــصــــاً قــــاتــــلاً

مُــسِـــخَ الـــفـــارسُ كَـــذَّابـــاً صَـفِـيــقــا

رحـــمــــةُ الله عــلــيـــهِ إنـــــــهُ مـــــــات

.. هلْ عـاشَ الـذي خـانَ الرَّفيقـا ؟!

قصيدة حديقة الغروب

خـمـسٌ وسـتُـونَ.. فــي أجـفـان إعـصـارِ

أمـــا سـئـمـتَ ارتــحــالاً أيّــهــا الــســاري؟

أمــا ملـلـتَ مــن الأسـفــارِ.. مـــا هـــدأت

إلا وألــقــتـــك فـــــــي وعـــثــــاءِ أســـفــــار؟

أمــا تَعِـبـتَ مـــن الأعـــداءِ.. مَـــا بـرحــوا

يـــحــــاورونــــكَ بــالــكــبــريـــتِ والـــــنــــــارِ

والصحبُ؟ أين رفـاقُ العمـرِ؟ هـل بقِيَـتْ

ســــــــوى ثُـــمـــالـــةِ أيـــــــــامٍ.. وتــــذكـــــارِ

بــلــى! اكـتـفـيـتُ.. وأضـنـانــي الــســـرى!

وشكا قلبي العناءَ!… ولكن تلك أقداري

***

***

أيـــا رفـيـقـةَ دربـــي!.. لـــو لـــديّ ســــوى

عـمـري.. لقـلـتُ: فــدى عينـيـكِ أعـمـاري

أحـبـبـتـنــي.. وشــبــابــي فـــــــي فــتــوّتـــهِ

ومـــــا تــغــيّــرتِ.. والأوجــــــاعُ سُـــمّـــاري

منحـتـنـي مـــن كـنــوز الـحُــبّ. أَنفَـسـهـا

وكــنــتُ لـــــولا نـــــداكِ الـجــائــعَ الــعـــاري

مـــــاذا أقـــــولُ؟ وددتُ الـبــحــرَ قـافـيــتــي

والـغـيــم مـحـبـرتـي.. والأفـــــقَ أشــعـــاري

إنْ سـاءلــوكِ فـقـولــي: كــــان يعـشـقـنـي

بـكــلِّ مـــا فـيــهِ مـــن عُــنــفٍ.. وإصــــرار

وكــــان يــــأوي إلــــى قـلـبــي.. ويـسـكـنـه

وكــــــان يــحــمــل فــــــي أضـــلاعـــهِ داري

وإنْ مضـيـتُ.. فقـولـي: لــم يـكـن بَـطَــلاً

لــكــنـــه لـــــــم يــقــبّـــل جــبــهـــةَ الــــعــــارِ

***

***

وأنـــتِ!.. يـــا بـنــت فـجــرٍ فـــي تـنـفّـسـه

مــا فــي الأنـوثـة.. مـــن سـحــرٍ وأســـرارِ

مــــاذا تـريـديــن مــنـــي؟! إنَّــنـــي شَــبَـــحٌ

يـهــيــمُ مــــــا بـــيـــن أغــــــلالٍ. وأســــــوارِ

هـــذي حـديـقـة عـمــري فــــي الــغــروب..

كما رأيـتِ… مرعـى خريـفٍ جائـعٍ ضـارِ

الـطـيــرُ هَــاجَــرَ.. والأغــصــانُ شـاحـبــةٌ

والــــــوردُ أطــــــرقَ يــبــكـــي عـــهــــد آذارِ

لا تتبعيـنـي! دعيـنـي!.. واقـرئــي كـتـبـي

فــبـــيـــن أوراقِــــهــــا تــلـــقـــاكِ أخــــبــــاري

وإنْ مضـيـتُ.. فقـولـي: لــم يـكـن بـطــلاً

وكـــــــــان يــــمـــــزجُ أطـــــــــواراً بـــــأطـــــوارِ

***

***

ويـــــا بـــــلاداً نـــــذرت الـعــمــر.. زَهــرتَـــه

لعزّهـا!… دُمـتِ!… إنـي حــان إبـحـاري

تــركـــتُ بــيـــن رمـــــال الـبــيــد أغـنـيــتــي

وعــنــد شـاطـئــكِ الـمـسـحـورِ. أســمــاري

إن سـاءلــوكِ فـقـولـي: لـــم أبــــعْ قـلـمــي

ولــــم أدنّــــس بــســوق الــزيــف أفــكــاري

وإن مضـيـتُ.. فقـولـي: لــم يـكـن بَـطَــلاً

وكـــان طـفـلـي.. ومحـبـوبـي.. وقـيـثـاري

***

***

يـــا عـالــم الـغـيـبِ! ذنـبــي أنـــتَ تـعـرفُـه

وأنــــــت تــعــلـــمُ إعـــلانــــي.. وإســـــــراري

وأنـــــــتَ أدرى بــإيــمـــانٍ مــنـــنـــتَ بــــــــه

عـــلـــيَّ.. مـــــــا خــدشــتـــه كـــــــل أوزاري

أحببتُ لقياكَ.. حسـن الظـن يشفـع لـي

أيــرتُــجَــى الــعــفـــو إلاّ عـــنــــد غـــفَّــــارِ؟

قصيدة الحمى



أحس بالرعشة تعتريني

و الموت يسترسل في وتيني

و موجة الإغماء تحتويني

فقربي مني و لامسيني

مري بكفيك على جبيني

و قبل أن أرقد حدثيني

* * *

قصي علي قصة السنين

حكاية المشرد المسكين

طوف عبر قفره الضنين

يشرب من سرابه الخؤون

و يشتكي النجود للحزون

و جرب الغربة في السفين

و هام في مرافئ الجنون

كسندباد أحمق مأفون

و عاد بالحمى و بالشجون

محملا بصفقة المغبون

* * *

هاتي كتاب الشعر أنشديني

قصيدة رائعة الرنين

كتبتها في زمن الفتون

أيام كنت ساذج العيون

قبل انتحار الوهم في اليقين

و غضبة الكهل على الجنين

و صحوتي في الواقع الحزين

هل تذكرين الان؟..ذكريني

براءتي في سالف القرون

قبل قدوم الزمن الملعون

يبيعني حينا..و يشتريني

يمنحني المال.. و لا يغنيني

يسكب لي الماء.. و لا يرويني

و يجعل الأغلال في يميني

و يزدري شعري.. و يزدريني

يال شقاء البلبل السجين

في القفص المذهب الثمين

ينشد ما ينشد من لحون

خافتة.. دافئة الشؤون

مثل دم يسيل من طعين

* * *

تعبت من جدي و من مجوني

من كل ما في عالمي المشحون

من مسرح محنط الفنون

مشاهد باهتة التلوين

أغنية رديئة التلحين

إمرأة شابت فما تغريني

برمت بالمسرح.. أخرجيني

مري بكفيك على جبيني

و قبل أن أرقد.. ودعيني

قصيدة حين تغيبين


يبعثرني الشوق حين تغيبين


فوق الجبال و تحت البحار

و يرسلني في هبوب الرياح

و في عاصفات الغبار

و يزرعني في السحاب الثقال

وراء المدار

* * *

وا واه لو تبصرين العذاب المكبل

في نظراتي

و في كلماتي

وا واه لو تلمحين الخناجر

ترضع من ضحكاتي

* * *

و أعجب كيف أخوض الجموع

بدونك

و أرقص فوق الحراب

بدونك

أمثل في مسرح الزيف ألف رواية

و أهذي بألف حكاية

و أرجع عند انسدال المساء

فأحلم أني رميت شقائي

بليل عيونك

و نمت.. و نام الشقاء

* * *

إذا غبت لا شيء.. لا شيء.. لا شيء

هذي الحياة

بكل شذاها و ألحانها

بكل صباها و ألوانها

و أقزامها.. و الكبار الطغاه

و ما دبجته أكف المنى

و ما سطرته دموع الضنى

كأن الحياة إذا غبتي عكس الحياة

قصيدة بسمة من سهيل

أرجع في الليل

أحمل في صدري جراح النهار

يثقلني ظلي

و تكتسي روحي ثياب الغبار

حاربت بالشعر

في عالم لا يفهم الشعرا

غنيت للطهر

في عالم يغتصب الطهرا

* * *

و عدت يا سلمى

ممزقا بعد العناء الشديد

لن أدرك الحلما

ففيم أمضي في صراعي العنيد؟

هتفت بي: أهلا!

و ضوأت لي بسمة كالقمر

و قلت لي كلا

لن ينحني الشعر لزيف البشر

* * *

و قلت لي حاذر

أن تترك الساح لمكر الكبار

فنحن يا شاعر

نفعل ما نفعله للصغار

أعود في الفجر

أشق بالشعر صدور الخيل

و ذاك.. لو يدري!

لبسمة ساحرة من سهيل