هدي النبي في التعامل مع كبار السن
بعث
النبي صلّ الله عليه وسلم
رحمة للعالمين وبخاصة رحمة بالضعفاء ومن أبرز فئات الضعفاء في المجتمعات المسنين أو كبار السن، فهم فئة تجدهم يعانون من الأمراض التي يمكن أن تتسبب في اقعادهم عن العمل مما يجعلهم عبء على ذويهم أحيانًا، كما أنه مع التقدم في السن يفقد الإنسان الكثير من قدراته ومهاراته مما يجعله بحاجة إلى نوع من المعاملة الخاصة وعلى رأس تلك المعاملة هى الرحمة بضعف هؤلاء ومراعاة حالتهم النفسية التي تتأثر وبشكل كبير، ولكن للأسف يعاني الكثير ممن ينتمون لتلك الفئة من سوء المعاملة والذي يمكن أن يتم بدون قصد نظرًا لعدم معرفة الناس بكيفية التعامل معهم بالرحمة، وكذلك البعد عن تعاليم
الإسلام
وهدى النبوية.
هدي النبوي في التعامل مع كبار السن
ترك فينا
النبي صل الله عليه وسلم
مجموعة من التعاليم والآداب للتعامل مع مختلف الفئات وحتى المواقف، ومن هذه التعاليم أو المبادئ مجموعة من التعاليم التي تضع خريطة أو نموذجًا لكيفية التعامل مع المسنين وكبار السن والتي تتمثل في:
ليس منا من يوقر كبيره
عن عبدالله بن
عمرو بن العاص
رضي الله عنه، أن رسول اللَّه صل الله عليه وسلم قال “لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا ويُوَقِّرْ كَبِيرَنَا”.
يلاحظ هنا أن النبي تبرأ ممن لا يوقر الكبير ويقصد هنا بالكبير كبير السن ولإبراز الأهمية فنجد أن النبي صل الله عليه وسلم قال كبيرنا فنسبه لنفسه دلالة على الأهمية وأنه يجب أن يتم توقير وإجلال كبار السن في مجتمعنا وإن لم يتم التوقير فإن ذلك يعد إهانة في حق النبي صل الله عليه وسلم.
أن يسلم الصغير على الكبير
امرنا النبي صل الله عليه وسلم أن يبدأ الصغير الكبير بالسلام إذ قال صل الله عليه وسلم ” يُسَلِّمُ الصَّغِيرُ عَلَى الْكَبِيرِ، وَالْمَارُّ عَلَى الْقَاعِدِ، وَالْقَلِيلُ عَلَى الْكَثِيرِ”.
تقديم الكبير
أمرنا النبي صل الله عليه وسلم بأن يتم تقديم الكبير في كافة الأمور ومنها مثلًا الإمامة، حيث قال النبي عليه أفضل الصلاة والتسليم “فَإِذَا حَضَرَتْ الصَّلَاةُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ، وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ”.
عند تقديم ضيافة أو إكرام حثنا النبي صل الله عليه وسلم بأن يتم البدء بالأكبر فقد كان النبي حين يستن فإنه يبدأ بإعطاء السواك للأكبر.
حثنا النبي على أن يبدأ الكلام الأكبر سنًا حيث ورد أنه كان قد حضر عبد الله بن سهل و وحيصة بن مسعود إلى خيبر فقتل عبد الله بن سهل، فجاء أبناء القتيل عبد الرحمن وحويصة ومحيصة فتكلم عبد الرحمن وكان هو الأصغر بينهم، فقال النبي صل الله عليه وسلم ” كَبِّرْ الْكُبْرَ” اي ليتكلم الأكبر سنًا.
التخفيف في الأحكام الشرعية
خفف الإسلام على كبار السن في الفرائض والكفارات والواجبات واتضح ذلك في عدة مواقف منها:
قصة المرأة المجادلة
التي ظاهرها زوجها فسألت النبي فقال لها عليه عتق رقبة فقالت لا يملك، فقال صيام ستين يومًا فقالت شيخا كبيرًا، فقال إطعام ستين مسكينًا فقالت إنه لا يملك القدرة على ذلك، فأخبرها النبي أنه سيساعدها على ذلك تخفيفًا عليه وأمرها أن تترفق بزوجها لأنه شيخ كبير.
نجد الإسلام خفف عن المسن في فرائض مثل الصيام عند عدم المقدرة فإنه يجوز له الإفطار، وفي الصلاة يسمح له بالصلاة وهو جالس وقد ترك لنا النبي خير مثال على الترفق بالمسن حتى في
صلاة الجماعة
حيث ورد أن النبي عنف
معاذ بن جبل
عندما أطال في الصلاة فقل له النبي صل الله عليه وسلم ” يَا مُعَاذُ! أَفَتَّانٌ أَنْتَ! ( ثَلَاثَ مِرَارٍ)! فَلَوْلَا صَلَّيْتَ بِسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى، فَإِنَّهُ يُصَلِّي وَرَاءَكَ الْكَبِيرُ وَالضَّعِيفُ وَذُو الْحَاجَةِ!”.
سمح النبي للمسن بأن يجد من يؤدي عنه فريضة الحج، فعَنْ الْفَضْلِ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ خَثْعَمَ قَالَتْ، يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَبِي شَيْخٌ كَبِيرٌ عَلَيْهِ فَرِيضَةُ اللَّهِ فِي الْحَجِّ، وَهُوَ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَسْتَوِيَ عَلَى ظَهْرِ بَعِيرِهِ، فَقَالَ لها النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم (فَحُجِّي عَنْهُ)”.
استثنائهم في الحروب
ترك فينا النبي مجموعة من الآداب المتعلقة بالحروب من ضمنها عدم قتل المسن، حيث كان دائمًا يخبر أصحابه حين الخروج للحروب والغزوات ” انطلقوا باسم الله، وبالله، وعلى ملة رسول الله. لا تقتلوا شيخًا فانيًا، ولا طفلاً ولا صغيرًا، ولا امرأة. ولا تغلوا، ، وأصلحوا وأحسنوا، فإن الله يحب المحسنين”.
إكرام الكبير إجلال لله
قال النبي صل الله عليه وسلم ” إن مِن إجلال الله، إكرامَ ذي الشيبة المسلم”.
فضل كبار السن في الإسلام
عن
أنس بن مالك
، قال، قال رسول الله صل الله عليه وسلم “ما مِن مُعمَّر يُعمَّر في الإسلام أربعين سنة إلا دفع الله عنه أنواع البلاء: الجنون، والجذام، والبرص، فإذا بلغ الخمسين هوَّن الله عليه الحساب، فإذا بلغ الستين رزقه الله الإنابة إلى الله بما يحب الله، فإذا بلغ السبعين أحبه الله وأحبه أهل السماء، فإذا بلغ الثمانين كُتبت حسناتُه ومُحيت سيئاته، فإذا بلغ التسعين غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وكان أسيرَ الله في أرضه، وشفع في أهل بيته”.
ترك فينا
النبي صل الله عليه وسلم
منذ ما يزيد عن 1400 عام تعاليم بدأت المجتمعات الحديثة وجمعيات
حقوق الإنسان
في العقود الاخيرة أن تهتم بوضع قوانين لحمايتها، فما أعظمك خير البرية وضعت لكل فئة منهج يحدد أفضل تعامل معها في كافة المواقف والأوضاع.