قصة قصيدة ” قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل “

امرؤ القيس شاعر جاهلي، ويعد من أشهر

شعراء

العرب على الإطلاق، وهو من أصحاب المعلقات، ولقب بحُندج أو عديّ، ويُعرف في كتب التراث العربية بالملك الضليل وذو القروح، كان أبوه سيد قومه وأمه فاطمة بنت ربيعة التغلبية أخت كُليب ومُهَلهِل.

لا تزال قصيدة “قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل” أساس يستمد منه الأدب العربي ثروة جديدة، حيث أنه كلما زاد البحث وراء هذه القصيدة ظهرت ذخائر رائعة لأجيال الأدب والشعر العربي.

ما هي المعلقات

المعلقات هي أشهر ما وصل إلينا من الشعر الجاهلي، وقد كان الشعر أعظم مفاخر العرب قديمًا وذلك بالرغم من أن أكثره ضاع خلال تعاقب الأزمان المختلفة وذلك بسبب عدم تدوينه وانه كان يتقل شفاهية فيما بينهم ، حتى لقد بلغ حب العرب وتَفضيلهم لها أن قام ابن عبد ربه باختيار قصيدة

امرؤ القيس

وسبع قصائد أخرى من الشعر القديم، وكتبتها بماء الذهب في القبَاطيّ المُدرجة، وعَلِّقها بين أستار الكعبة”؛ واشتهرت هذه القصائد باسم المعلقات واصبحت ديوان لشعر

العصر الجاهلي

، وكان على رأسها معلقة “امرؤ القيس”.

نبذة عن القصيدة

هي من أشهر قصائده والتي مطلعها:

قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل   بسقط اللوى بين الدخول فحومل

وقد امتازت بأسلوبها الرائع وخيالها البدوي المبتكر والخلاب وتشبيهاتها الحسية، وفيها رقة النسيب ودِقّة الوصف وبراعة التصوير وفيها جل وظهر كل ما ابتكره امرؤ القيس من المعاني الشعرية، وهي التي عُدّ بها كأمير لشعراء الجاهلية وقد نهج نهجه فيما بعد عمر بن أبي ربيعة وبشار بن برد و

أبو نواس

. و

المعلقة

نحو ثمانين بيتاً من البحر الطويل، وقد ترجمت هذه القصيدة إلى اللاتينية والفرنسية والروسية.

و كان غزله مزيج من وصف وقصص وحوار بلغة موسيقية حافلة بالتصوير،وهو يطيل من تصوير المرأة وكان اسلوبه يتميز بالصراحة والتفاصيل المبتكرة الحسية والرقيقة ولقوام الصورة عند امرئ القيس، حبه للطبيعة والألوان و

الصدق

، فلا مبالغة ولا تصنع في الألفاظ، والمعاني يسوقها في عفوية وإيجاز ودقة وكان يذكر في شعره تفاصيل حياته المرفهة والمليئة بالأحداث في صور صريحة وغير متكلفة تؤثر القلب.

ما هي القصة وراء القصيدة

سبب نظم المعلقة، هي أن امرأ القيس كان يعشق عنيزة وأخذ ثيابها يوم الغدير مع صواحباتها، ثم عقر لهن ناقته ثم ركب معها ناقتها فدخل عليها الهودج، ثم نظم المعلقة وذكر هذه القصة فيها. ولكن إذا صح أن هذا وحده هو السبب لنظم هذه القصيدة ، فقد يؤخذ عليه عدم وحدة الموضوع ، وذلك لأنه ذكر فيها وصف الجواد والليل والبرق والسحاب وهذا ليس له علاقة بقصيده

غزل

بمحبوبته . ويجوز أنه قام بذلك لأنه كان مولعاً بالشعر، فاستهل القصيدة بالغزل وذلك لولعه بالنساء ، ثم عززها بوصف الجواد لأن ركوب الخيل في المنزلة الثانية عنده في الولع والحب. وواصل القصيدة بوصف الصيد والطبيعة. ولكن من الممكن أن نمرر للشاعر انه كان يساير احد سمات الشعر في الجاهلية وهي عدم الوحدة واشتمال القصيدة الواحدة على أغراض متعددة.

ما العوامل التي أثرت في نفس امرئ القيس

العوامل التي أثرت في نفس الشاعر واقتنص ألفاظه ومعانيه وتراكيبه اللغوية وكان لها الأثر البين والفعال هي:

مشاعر

الحب

التي كانت في صدره لعنيزة، وفاطم، وأم الرباب، وغيرها ، مشاهدة المنازل التي كانت فيها أحبابه ثم رحلوا عنها وغابوا ،الصحارى والرمال التي وصفها، والمياه والأودية التي قطعها، والجبال والأماكن التي شاهد نزول المطر عليها، وشام البرق من جهتها، والمطر الذي رأى آثاره في بعضها.

الأغراض التي اشتملت عليها هذه القصيدة

وقد اشتملت هذه المعلقة على أغراض متنوعة وهي:


الأول


الغزل والتشبب:

ويندرج فيه بكاء الديار، وعقر المطية للعذارى، ودخول خدر عنيزة، وحديثه معها ومع فاطم، وتشبيه المرأة بأنواع من المشبهات، ووصف الليل والشكوى من طوله وطياته.


الثاني


وصف الخيل:

ويندرج فيه وصف الخيول والوحوش، وصيده والأودية، ويتبعها حديثه مع الذئب.


الثالث


وصف الطبيعة:

ويندرج فيه وصف الجبال والصحارى والرمال، والمطر والسيل، وآثاره.

مما تتألف المعلقة

تتألف المعلَّقة في رواية الأصمعي من سبعة وسبعين بيتاً. وفي روايات أخرى قد بلغت أبيات القصيدة واحداً وثمانين بيتاً  كالتي شرحها ابن الأنباري وابن النحاس ، ووصلت إلى اثنين وتسعين بيتاً في رواية أبو زيد القرشي في جمهرة أشعار العرب.

قيمة معلقة امرئ القيس

ولمعلقة امرئ القيس قيمة أدبية كبيرة في التراث الشعري العربي، حتى قال عنها ابن الكلبي: إن أول شعر علّق في أيام  الجاهلية شعر امرؤ القيس، وجعلها الباقلاني (م 403 هـ) مثال ومرجع للشعر ، يقاس كل ما يشابهها بها، وكانت بمثابة رمز كبير ومرجع لكل شعراء العرب، وأكَّد ابن عبد ربه (م 328 هـ) افتتان العرب بشعر المعلَّقات ومن هذه المعلقات معلقات زهير و امرؤ القيس أو ما يقال عليهم السبع معلقات.