قصة اويس القرني

هو أويس بن عامر بن جزء بن مالك المرادي ثم القرني الزاهد المشهور، أحد كبار التابعين في الكوفة، فقد ذكره ابن سعد في كتابه الطبقات الكبرى ضمن شخصيات الطبقة الأولى من تابعي أهل الكوفة وقال كان ثقة، ويقال إنه أدرك رسول الله ولم يره، ويقال إنه عاش في اليمن، ومنها انتقل إلى الكوفة، وكان مع سيدنا

علي بن أبي طالب

في صفين وبها لقي الله شهيدًا، ويذكر البعض أن أويسا لم يمت نتيجة جراح في قتال، وإنما مات في على فراش في خيمته.

وروى أنه روي عن

عمر بن الخطاب

وعلي بن أبي طالب، وتعلم على يد كثير من الصحابة واستقي ونهل من علمهم حتى صار من كبار أئمة التابعين علما زاده وزانه زهدًا وورعًا، ولقد تعلم من هذا التابعي الكبير خلق كثير، البر بالأم والتواضع للخالق، رغم ما ذكره به أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، ومن رواة الحديث من قال أن في إسناده نظر وهو

البخاري

، بينما أنكر مالك وجود رواية له من الأساس.


مكانة أويس القرني

كانت لأويس القرني مكانة عظيمة ومنزلة كبيرة  يعرفها الصحابة رضوان الله عليهم لما سمعوا عنه من النبي، حتي أن الإمام مسلم تأثر بتلك المكانة والمنزلة وأفرد  في صحيحه بابًا من فضائل

أويس القرني

، وروى مسلم رواية تدل على قيمة هذا التابعي الجليل، فروى عن أسير بن جابر أن عمر بن الخطاب كان إذا أتى عليه أمداد من أهل اليمن يتقصى عليه بينهم وسألهم أفيكم أويس بن عامر.

وفي مرة حضر جماعة من أهل اليمن  وكان فيهم أويس فقال له عمر رضي الله عنه  أنت أويس بن عامر؟ قال له نعم ثم قال له عمر من مراد ثم من قرن؟ قال  له نعم، وزاده عمر من السؤال لكي يتأكد له أن من يخاطبه هو بالفعل ذلك الشخص الذي يرغب في رؤيته، فقال له فكان بك برص فبرأت منه إلا موضع درهم؟ قال أويس نعم، فسأله لك والدة؟ فرد أويس نعم، تأكد عمر ابن الخطاب من أنه أويس القرني فقال له سمعت رسول الله يقول يأتي عليكم أويس بن عامر مع أمداد أهل

اليمن

من مراد ثم من قرن كان به برص فبرأ منه إلا موضع درهم، له والدة هو بها بر، فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل.

وطلب عمر ابن الخطاب من أويس أن يدعو الله أن يغفر له  فاستغفر له، فسأله عمر عن مكانه وعرف منه أنه يعيش في الكوفة، فأراد عمر أن يكافئه فسأله أن يكتب له إلى عامل الكوفة، لكن أويس رفض ويقال أنه  قال إنه يفضل أن يكون في غبراء الناس وعامتهم.

وتزيد الرواية لتبين مكانة هذا التابعي الجليل الكبير فتقول أن في العام التالي للعام الذي تمت فيه مقابلة عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأويس القرني ، كان يحج رجل من أشراف اليمن فسأله ابن الخطاب عن أويس فأجابه الرجل بأنه تركه رث البيت قليل المتاع أي فقيرا لا يملك شيئا.

وتذكر روايات أن عمر ابن الخطاب رضي الله عنه بعد أستغر له أويس أعطاه بردة ، وأن أويس انطلق على وجهه وكسوته بردة، فكان كلما رآه أي شخص يسأل من أين لأويس هذه البردة.


ملامح بارزة من شخصية أويس القرني

تختلف طرق العارفين والسالكين في درب المعرفة الإلهية و

التقرب إلى الله

سبحانه وتعالى فمنهم من يجد طريقه إلى الله في قيام الليلة ، والبعض يتخذ

الاستغفار

بالأسحار الطريق الذي يصل من خلاله إلى حب الله، والبعض الأخر يأسره التفكر في مخلوقات الله وعظمة خلق الكون وسيلة وغاية للتقرب من الله سبحانه وتعالى.

دون معاصريه والذين كان يعيش بين ظهر انيهم كان أويس القرني فلم يفكر في طعامه وشرابه  فقد فهم حقيقة الدنيا، وأدان نفسه وعمل لما بعد الدنيا، فكان يغلب عليه التفكر في مخلوقات الله وهي الطريقة التي كانت تنتهي به إلى حب الخالق الذي خلق الكون كله بجميع ما فيه

يروى أن هرم بن حيان  قدم إلى الكوفة وسأل عن أويس القرني، فأجابه بعض أهل الكوفة بأن أويس يألف موضعًا من الفرات، وبعد أن وصف المكان لـ هرم ذهب إلى أويس فوجده جالس ينظر إلى الماء ويفكر.

انعكس فكر أويس القرني وطريقته في العبادة والتقرب إلى الله على سلوكه وهو الأمر الذي جعل الكثيرين يتأثرون به، فقد كان سلوكه أقوى تأثيرا من قوله، فقد كان نموذجا في التواضع لخالقه وفي البر لأمه وقول الحق.


وفاة أويس القرني

تقول بعض الروايات أن أويس القرني خرج مع سيدنا علي كرم الله وجهه في

موقعة صفين

، وقاتل بين يدي سيدنا علي حتى استشهد فنظروا إلى جسده فإذا عليه نيف وأربعون جراحة تعرض لها خلال المعركة، وكان ذلك سنة 37 هـ في وقعة صفين.