كيف أكون من المتقين
تقوى الله، من أعظم الصفات التي يتصف بها المسلم صفة
التقوى
، ولكن ما معنى التقوى؟ التقوى هي البعد عن زينة الدنيا وشرورها ومهلكاتها والنجاة من كل هذا للوصول إلى بر الأمان، وهو رضا المولى عز وجل والفوز بجنته، وهناك أمور عدة تحقق التقوى وعلينا إتباعها طمعاً في رضوان الله والجنة.
معنى تقوى الله
يقول الله عز وجل ” وينجي الله الذين اتقوا بمفازتهم لا يمسهم السوء ولا هم يحزنون ” أي أن التقوى تفتح أبواب
الرزق
وتفرج الهم وتريح القلب من المصائب وتكفر السيئات وترفع الدرجات وتقرب العبد من جنة الخلد وتنجيه من النار والهلاك فيها.
يقول
رسول الله
صلى الله عليه وسلم ” اتق الله حيثما كنت ” أي التقوى تكون في السر والعلانية فحيناً يراه الناس وحيناً لا يروه، ويقول أيضاً ” أن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم ” أصحاب الصورة الحسنة والجاه والمال والمناصب قد يملكون قلوباً خربة، وعلى العكس تماماً فالتقوى لا تحتاج لكل هذا ويكون صاحبها أكرم عند خالقه.
يقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ” تقوى الله أن يطاع فلا يعصى ويذكر فلا ينسى ويشكر فلا يكفر ” فعل الطاعات والابتعاد عن
المعاصي
وما يغضب الله حباً في جنته وخوفاً منه ووقاية النفس من غضبه وعذابه، والمتقين يذكرون الله بقلوبهم في حركاتهم وسكناتهم ويمتثلون لكلماته ويبتعدون عن نواهيه.
معينات العبد على التقوى
يقول الله تعالى ” وما خلقت الجن والأنس إلا ليعبدون ” عبادة الله وتحقيق العبودية بالابتعاد عن نواهيه والتقرب من أوامره، فنبعد عن الحرام ونقترب من الحلال ونحقق الفرائض والحدود بكل حب وذلة للمولى عز وجل، ولا تتحقق التقوى بالفعل السلوكي الظاهري فقط إنما تتحقق بالقلب الفعل الداخلي لأنها تجمع بين الأفعال الظاهرية والباطنية.
تذكير النفس بالموت وما ينتظره من عذاب أو من نعيم، وبهذه التذكرة سيترك الدنيا ومتاعها ويتجه إلى عبادة الخالق والعمل الصالح الذي يقوده إلى التقوى وبذلك يبتعد عن الطمع والغرور والحسد والكبر وغيرها من الصفات التي لا تتجمع في قلب تقي.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” سددوا وقاربوا وأعلموا أنه لن يدخل أحدكم عمله الجنة وأن أحب الأعمال أدومها إلى الله وإن قل ” المحافظة على الفرائض والنوافل من أعظم الأمور المعينة على تقوى القلوب ويقول الرسول الكريم أن القليل الدائم خير عند الله من الكثير المتقطع.
العلم النافع
يقرب المسلم من ربه ويعرفه بخالقه أكثر مما يجعله يخشاه ويخافه ويعبده حق عبادة من خلال التمسك بالكتاب والسنة، فكم من ملحد أعلن إسلامه بعد قرأته بالكتاب والسنة وكم من كافر أمن بعد فهمه لمتغيرات الكون ومعرفته أن اليد العليا تحرك هذا الكون كيفما تشاء وهى يد المولى عز وجل.
يقول الله تعالى ” يا أيها الذين أمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحاً عسى ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار ” الاستغفار والتوبة والإقلاع عن
الذنب
دون العودة له مرة أخرى من مظاهر التقوى والتقرب إلى الخالق.
التزام الدعاء بتقوى الله حيث يقول النبي الكريم ” اللهم آت نفوسنا تقواها وزكها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها “، ويقول ” اللهم إني أسالك الهدى والتقى والعفاف “، ويقول صلى الله عليه وسلم في
دعاء السفر
” اللهم إنا نسألك في سفرنا هذا البر والتقوى ومن العمل ما يرضى “.
مثال من السلف الصالح لتقوى القلوب
جاء رجل يدعى حمزة بن دهقان إلى بشر الحافي الزاهد العابد المعروف وقال له أحب أن أخلو معك يوماً فقال له بشر لا بأس ولما ذهب حمزة ذات يوم قال ” دخلت عليه يوماً دون أن يشعر فرأيته قد دخل قبة فصلى فيها أربع ركعات لا أحسن أن أصلي مثلها فسمعته يقول في سجوده:- اللهم إنك تعلم فوق عرشك أن الذل أحب إلى من الشرف، اللهم إنك تعلم فوق عرشك أن الفقر أحب إلى من الغنى، اللهم إنك تعلم فوق عرشك أني لا أوثر على حبك شيئاً ” ( والمقصود بالذل عدم الشهرة ) ويقول لما سمعته أخذني البكاء والشهيق فقال بشر ” اللهم إنك تعلم أني لو أعلم أن هذا هنا لم أتكلم “.