من أول أمير في الإسلام
كان عبد الله بن جحش من السباقين إلى الدخول بالدين الإسلامي ، فقد أعلن عن إسلامه في دار الأرقم بن أبي الأرقم ، وتعرض للكثير من الأذى من قِبل المشركين بعد جهره بدينه ، وقد هاجر إلى
الحبشة
ثم إلى
المدينة المنورة
وكان ثاني المهاجرين بعد أبي سلمة رضي الله عنه ، وقد عُرف عنه أنه أول أمير في الإسلام .
نسب عبد الله بن جحش
عبد الله بن جحش بن رياب بن يعمر بن صبرة بن مرة بن كبير بن بن غنم بن دودان بن أسد بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، هو أحد
صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم
الأجلاء .
وهو ابن عمة النبي أميمة بنت عبد المطلب ، كذلك فهو أخ زينب بنت جحش رضي الله عنها زوجة الرسول صلى الله عليه وسلم ، كما أن
حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه
هو خاله، أما أخته فهي حمنة بنت جحش زوجة مصعب بن عمير رضي الله عنه .
عبد الله بن جحش أول أمير بالإسلام
بعد استقرار النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة ، أرسل سرية من المسلمين لكي يقوموا برصد عير قريش القادمة من الشام ومعرفة أخبارها ، وقد قال للصحابة الذين استعدوا لتلك السرية : ” لأبعثن عليكم رجلا أصبركم على الجوع والعطش ” ثم أرسل إليهم عبد الله بن جحش ، وجعله أميرًا على أول سرية يبعثها ، وبذلك صار عبد الله بن جحش أول أمير بالإسلام .
أعطى النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن جحش كتابًا ، وأمره بأن لا يقوم بفتحه إلا بعد أن يسير بأصحابة يومين ، وبالفعل انطلق عبد الله مع السرية ، وبعد مضي يومين فتح الرسالة ، فوجد أنها مكتوب بها : ” اذا نظرت في كتابي هذا؛ فامض حتى تنزل نخلة بين
مكة المكرمة
والطائف، فترصد بها قريشًا وتعلم لنا أخبارهم ” ، فتهلل وجه عبد الله من الفرح بعد قراءته للرسالة ، وقال سمعنا و أطعنا .
أخبر عبد الله أصحابه الخبر الموجود بالرسالة لمن معه ، وقال لهم : ” نهاني رسول الله أن استكره أحدًا منكم، فمن كان يريد الشهادة ويرغب فيها؛ فلينطلق معي، ومن كره ذلك فليرجع ” ، وعند وصولهم إلى المكان الذي وصفه لهم النبي صلى الله عليه وسلم ، ترصدوا لعير قريش حتى جاءت وكان بها أربعة من الكفار ، فقام عبد الله بن جحش باستشارة أصحابه في قتالهم ، وبعد موافقتهم ، هجموا عليهم ، فقتلوا منهم واحدًا وأسروا اثنين بينما فرّ الرابع .
حدثت تلك السرية في أول ليلة من شهر رجب ، فأذاعت قريش أن الرسول صلى الله عليه وسلم يأمر أصحابه بالحرب في
الأشهر الحرم
، لذلك حزن النبي كثيرًا وقام بمعاتبة عبد الله بن جحش وأصحابه ، إلا أن الله سبحانه وتعالى أنزل قرآنًا وقال : ” يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام وإخراج أهله منه أكبر عند الله والفتنة أكبر من القتل ” ، ففرح عبد الله و من معه ببراءة الله لهم .
استشهاد عبد الله بن جحش
وقف عبد الله بن جحش مع سعد بن أبي وقاص للاستعداد لـ
غزوة أحد
، وكان كلاهما يدعو الله تعالى، فدعا سعد أن يرزقه الله برجل قوي يقتله في سبيل الله ويأخذ غنيمته ، فأمّن عبد الله بن جحش على دعاء سعد ، ودعى عبد الله ربه قائلاً : ” اللهم ارزقْني رجلاً شديدًا حرده (بأسه)، أقاتله فيك ويقاتلني، ثم يأخذني (يقتلني) فيجدع (يقطع) أنفي وأذني، فإذا لقيتك غدًا (يوم القيامة) قلت: من جَدَعَ أنفك وأذنك؟ فأقول: فيك وفي رسولك، فتقول: صدقت ” .
أمّن سعد على دعاء عبد الله ثم انطلق كلاهما إلى ساحة القتال ، وقد كان عبد الله صادق النية ولديه رغبة حقيقية في الاستشهاد في سبيل الله ، فقد كان يقاتل بشجاعة حتى انكسر سيفه من كثرة قتله للمشركين ، فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم عرجون نخلة ، فحارب به كما لو كان في يده سيفًا صارمًا ، وبعد طول قتال استجاب الله لدعاؤه ورزقه الشهادة ، حيث قتله أحد المشركين ثم قام بقطع أنفه وأذنه ، وسمي عبد الله بـ ” المجدّع في الله ” أي المقطوع الأنف والأذن .