كيف مات ابن المقفع
أبو محمد عبد الله رزبة بن داديه، المعروف أكثر باسم ابن المقفع، كان مترجما فارسيا، ومؤلف ومفكر وأديب كتب باللغة العربية،
ابن المقفع
على الرغم من أنه من سكان البصرة، كان في الأصل من مدينة غور ( أو جور ) في إقليم فارس الإيراني .
الطريقة التي مات بها ابن المقفع
ولد لعائلة من الأعيان المحليين، كان والده مسؤولاً حكوميًا عن الضرائب في
عهد الأمويين
، وبعد أن تم اتهامه وإدانته باختلاس بعض الأموال الموكلة إليه، عوقب من قبل الحاكم بقطع يده، وقد خدم ابن المقفع في المناصب الطلابية تحت حكم الأمويين في شابور وكرمان، وخلافا لزملائه الآخرين، فقد نجا من الاضطهاد على أيدي
العباسيين
، بعد الإطاحة بهم من سلالة الأمويين، وعاد لاحقاً إلى البصرة وعمل سكرتيراً تحت إشراف عيسى بن علي وسليمان بن علي، أعمام الخليفة العباسي المنصور، وبعد أن قام عبد الله بن علي بمحاولة فاشلة للاستيلاء على العرش، طلبوا من ابن المقفع أن يكتب رسالة إلى الخليفة لعدم الانتقام من عمه والعفو عنه .
وقد أساءت لغة الرسالة إلى المنصور الذي أراد التخلص من ابن المقفع، وتم إعدامه في حوالي عام 756 أو 759 م من قبل محافظ البصرة، وعلى الرغم من إسلامه، إلا أن الكثير من الأشخاص يعتبرونه زنديق، ويقال أن المنصور أمر بإحضار بتنور، وقام بقطع أطراف ابن المقفع عضواً عضواً، ثم ألقاها في التنور، ويقال أيضا أن المنصور أدخل ابن المقفع إلى الحمام، وأغلق عليه الباب فاختنق ومات .
ابن المقفع في الأدب
تعتبر ترجمة ابن المقفع لكليلة ودمنة من
اللغة الفارسية
أول تحفة في النثر الأدبي العربي، حيث كان ابن المقفع رائدا في تقديم السرد النثري الأدبي للأدب العربي، ومهد الطريق للمبدعين في وقت لاحق مثل الحمداني والساراكستي، الذين جلبوا أساليب أدبية إلى الأدب العربي، عن طريق تكييف أساليب مقبولة تقليديا من الأدب العربي، وانتقال السرد الشفوي إلى النثر الأدبي، وكان ابن المقفع أيضًا عالماً بارعاً في اللغة الفارسية الوسطى، وكان مؤلف للعديد من المؤلفات الهامة .
أهم أقوال ابن المقفع
1- عوّد نفسك الصبر على من خالفكَ من ذوي النصيحة، والتجرع لمرارةِ قولهم وعذلهم، ولا تسهلن سبيلَ ذلك إلا لأهلِ العقلِ والسن والمروءةِ، لئلا ينتشر من ذلك ما يجترئ به سفيهٌ أو يستخفُ به شانئ .
2- إن سمعت من صاحبكَ كلاماً أو رأيتَ منهُ رأياً يعجبُكَ فلا تنتحلهُ تزيناً به عند الناسِ، واكتفِ من التزينِ بأن تجتني الصوابَ إذا سمعتهُ، وتنسبهُ إلى صاحبهِ، واعلم أن انتحالَك ذلكَ مسخطةُ لصاحبكَ، وأن فيه مع ذلك عاراً وسخفا .
3- اعلم أن لسانك أداةٌ مُصلتةٌ، يتغالبُ عليه عقلُك وغضبُك وهواك وجهلك، فكُل غالبٍ مستمتعٌ به، وصارفه في محبته، فإذا غلب عليه عقلك فهو لك، وإن غلب عليه شيءٌ من أشباه ما سميتُ لك فهو لعدوك، فإن استطعتَ أن تحتفظ به وتصونهُ فلا يكونَ إلا لك، ولا يستولي عليه أو يشاركك فيه عدوك، فافعل .
4- إذا نابت أخاك إحدى النوائب من زوال نعمة أو نزول بلية، فاعلم أنك قد ابتليتَ معه : إما بالمؤاساة فتشاركه في البلية، وإما بالخذلان فتحتملُ العارَ فالتمس المخرجَ عند أشباه ذلك، وآثر مروءتك على ما سواها، فإن نزلت الجائحةُ التي تأبى نفسك مشاركةَ أخيك فيها فأجمل، فلعلّ الإجمال يسعك، لقلة الإجمال في الناس، وإذا أصاب أخاك فضلٌ فإنه ليس في دنوك منه، وابتغائك مودته، وتواضعك له مذلةٌ، فاغتنم ذلك، واعمل به .
5- اعلم أن المستشار ليس بكفيل، وأن الرأي ليس بمضمون، بل الرأيُ كله غررٌ، لأن أمور الدنيا ليس شيءٌ منها بثقة، ولأنه ليس من أمرها شيءٌ يدركه الحازمُ إلا وقد يدركهُ العاجزُ، بل ربما أعيى الحزَمَةَ ما أمكن العَجَزةَ، فإذا أشار عليك صاحبك برأي، ثم لم تجد عاقبته على ما كنتَ تأملُ فلا تجعل ذلك عليه ذنبًا، ولا تلزمه لؤمًا وعذلاً بأن تقول : أنت فعلتَ هذا بي، وأنت أمرتني، ولولا أنت لم أفعل، ولا جرمَ لا أطيعك في شيء بعدها، فإن هذا كلهُ ضجرٌ ولؤمٌ وخفةٌ .