نبذة عن الشاعر مسلم بن الوليد الأنصاري
الشاعر مسلم بن الوليد الأنصاري هو شاعر غزل، من أهل الكوفة بالعراق، ذهب إلى بغداد فاتصل بالرشيد وأنشده، ولقبه الرشيد بلقب ” صريع الغواني ” حتى اشتهر به، قال المرزباني : اتصل بالفضل بن سهل فولاه بريد جرجان فاستمر إلى أن مات فيها، وقال التبريزي : هو مولى أسعد بن زرارة الخزرجي، وقد قام الأنصاري بغزل قصائد مدح للرشيد والبرامكة وداود بن يزيد بن حاتم، ومحمد بن منصور صاحب ديوان الخراج، وقال السهمي : قدم جرجان مع المأمون، ويقال إنه ولي قطائع جرجان وقبره بها معروف، ويعد الأنصاري أول من أكثر من البديع في شعره، وبعد ذلك تبعه الشعراء وقلدوه في هذا .
من هو مسلم بن وليد الأنصاري
أبو الوليد مسلم بن الوليد الأنصاري، هو شاعر شهير من
شعراء العصر العباسي
، ولد في الكوفة عام 757م، وتقال أشهر الترجيحات وأقواها أنه من الخزرج الأنصار، وبعض الروايات الأخرى قالت أنه من بلاد فارس، بدء الأنصاري في سرد الشعر وهو صبي صغير، وقد عاش ونشأ في الكوفة ثم انتقل إلى البصرة، واشتهر بقصائد المديح، وحصل على مال كثير من هذا، إلا أنه أنفقه على ملذاته، حتى لقبه الرشيد بصريع الغواني، وقد انتقل إلى بغداد واتصل بالخلفاء، ونال شهرة واسعة، وقد توفى مسلم بن الوليد سنة 823 م في جرجان، وقد ظل في بيته في أواخر أيام حياته، ولم يخرج منه، حيث لم يمدح أحد بعد مقتل مقتل الفضل بن سهل وزير المأمون .
قصة لقب صريع الغواني
يقال أن الأنصاري لم يكن أول من لقب بصريع الغواني، حيث تقول الروايات أن أول من لقلب بصريع الغواني هو الشاعر القطامي عمير بن شييم، في عام 747، وهذا كما ورد في كتاب الأغاني ل
أبي الفرج الأصفهاني
، الذي ذكر أن سبب تسمية الشاعر عمير بهذا الاسم لأنه قال :
صريعُ غوانٍ راقهنَّ ورُقنَهُ، لدنْ شبَّ حتى شابَ سودُ الذوائبِ .
وقال البغدادي : ” وقد لقب القطامي صريع الغواني بسبب هذا البيت، وهو أول من لقب به، وقد ذكر في الأوليات، ثم لقب به مسلم بن الوليد “، وقد اشتهر الشاعر العباسي مسلم بن الوليد بهذا اللقب، الذي أطلقه عليه الخليفة الرشيد، لأن بن الوليد قام في مرة من المرات وهو ينشد شعرا على الرشيد، قائلا :
أديرا عليّ الكأس لا تشربا قبلي، ولا تطلبا من عند قاتلتي ذَحْلِي
وما العيش إلا أنْ تروح مع الصِّبا، صريعَ حميّا الكأسِ والأعينِ النُجْلِ .
وعجب الرشيد وصف الشاعر للشراب والغزل واللهو، فأهداه الكثير من المال، وسماه صريع الغواني بعد أن سمع منه هذين البيتين .
قصيدة لابن وليد الأنصاري
طَرَقَ الخَيالُ فَهاجَ لي بَلبالا أَهدى إِلَيَّ صَبابَةً وَخَبالا
أَنّى اِهتَدى حَتّى أَتاني زائِراً مُتَنَكِّراً يَتَعَسَّفُ الأَهوالا
بِأَبي وَأُمّي مَن طَلَبتُ نَوالَهُ إِذ زارَني فَأَبى عَلَيَّ دَلالا
لَو أَنَّهُ خَلَطَ الدَلالَ بِنائِلٍ فَأَنالَنا كانَ الدَلّالُ حَلالا
بارَزتُهُ وَسِلاحُهُ خَلخالُهُ حَتّى فَضَضتُ بِكَفِّيَ الخَلخالا
هَذا الخَيالُ فَكَيفَ لي بِمُنَعَّمٍ رودِ الشَبابِ تَخالُهُ تِمثالا
صَمَتَت خَلاخِلُهُ وَغَصَّ سِوارُه وَالقُلبُ وَاِضطَرَبَ الوِشاحُ وَجالا
ما زالَ يَدعوني بِمُقلَةِ ساحِرٍ مِنهُ وَيَنصِبُ لِلفُؤادِ حِبالا
حَتّى خَضَعتُ لِحُبِّهِ فَاِقتادَني وَأَذَلَّني بِصُدودِهِ إِذلالا
جَلَبت دُموعي عَبرَةٌ مِن زَفرَةٍ شَجَتِ الفُؤادَ فَأَسبَلَت إِسبالا
كَسَبَت لِقَلبي نَظرَةً لِتَسُرَّهُ عَيني فَكانَت شَقوَةً وَوَبالا
ما مَرَّ بي شَيءٌ أَشَدُّ مِنَ الهَوى سُبحانَ مَن خَلَقَ الهَوى وَتَعالى
يا رُبَّ خِدنٍ قَد قَرَعتُ جَبينَهُ بِالطاسِ وَالإِبريقِ حَتّى مالا
إِبريقُنا سَلَبَ الغَزالَةَ جيدَها وَحَكى المُديرُ بِمُقلَتَيهِ غَزالا
بَينا نَرى الساقي بِأَحسَنِ حالَةٍ إِذ مَدَّ حَبلاً لِلفِرارِ طِوالا
نادَيتُهُ اِرجِع لا عَدِمتُكَ فَاِسقِنا وَاِرفِق بِكَأسِكَ لا تَكُن مِعجالا
نَفسي فِداؤُكَ مِن صَريعِ مُدامَةٍ مالَت بِهامَتِهِ الكُؤوسُ فَمالا
فَمَضى عَلى غُلَوائِهِ مُتَحَيِّراً سُكراً وَما أَلقى لِقَولِيَ بالا
هَذا النَعيمُ فَكَيفَ لي بِدَوامِهِ أَنّى يَدومُ وَعَيشُهُ قَد زالا .
مميزات شعر المديح عند الأنصاري
اشتهر الأنصاري بخمرياته في قصائد المديح، وهو كان منافسا شرسا لأبي النواس، الذي كان شاعر الخمريات في هذا العصر، وجمع بين أصالة الشعر العربي القديم وبين الصياغة الشعرية المبسطة التي مثلت الحداثة الشعرية في هذا العصر، وهذا يتضح في شعره، لاسيما الأبيات القادمة :
إذا التقينـا مَنَعْنا النـومَ أعينَنا ولا نلائم غمضاً حين نفترقُ
أُقرُّ بالذَّنْب منيِّ لستُ أعرفُه كيما أقولُ كما قالت فنتّفِقُ
حَبَسْتُ دمعي على ذنبٍ تجدِّدهُ فكلَّ يومٍ دموعُ العين تسْتبقُ .