تاريخ قصر ثليم مضيف البسطاء
قصر ثليم مضيف البسطاء كما أطلق عليه المؤرخون هو دليل شامخ على الكرم والجود الذي كان يتمتع به الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل، والذي بناه بأمر خاص منه لرعاية المرضى وتقديم المساعدات المادية لهم، يقع قصر ثليم في الجهة الجنوبية الشرقية لمدينة الرياض، ظل هذا المكان لفترة طويلة محطة الاستعداد لدخول
مدينة الرياض
، وكذلك محطة المسافرين منها، حيث كانت تفتح أبواب المدينة بالصباح الباكر.
ثليم وقف خيري وفاءً وبرًا للأب
قام
الملك عبد العزيز آل سعود
في عام 1355 هجريا بشراء مزرعة كبيرة اسمها “ثليم” ، ثم أوقفها لوالده الإمام عبد الرحمن بن فيصل بن تركي آل سعود، وذلك وفاءً منه لوالده وبرًا به بعد موته حتى أن جميع أرباح تلك المزرعة خصصت لمساعدة الفقراء والمحتاجين وتقديم المساعدات المالية لهم.
أمر ملكي ببناء قصر ثليم لمحاربة داء الجدري
في عام 1357هجريا، أصيب أهل نجد بوباء الجدري، الذي تفشى بصورة مخيفة مما أدى إلى هلاك وموت عدد كبير من المواطنين في مختلف مدن المملكة، وكان على المرضى الانتقال إلى مدينة الرياض من أجل تلقي العلاج اللازم، وبصحبتهم أهليهم لرعايتهم، فكانوا يبيتون بمنطقة الشمسية والتي تقع شمال شرق مدينة الرياض.
وهنا تدخل الملك عبد العزيز آل سعود للمساعدة في المرور بهذه المحنة وتوفير أكبر قدر من الرعاية للمرضى وذويهم فأمر ببناء هذا القصر داخل وقف والده عبدالرحمن الفيصل آل سعود، حتى لا ينتشر المرض بين المواطنين، فكان القصر بمثابة المشفى العام حيث يتلقى المرضى العلاج ويبيتون به ويجدون أيضا كل ما يحتاجون من طعام وشراب، وقد بني بجانب القصر حوض كبير يدعى المدى وهذا الحوض به سبعة من الأعمدة، وكانت جميع الحيوانات والإبل تسقى من هذا الحوض.
كما كان يتردد عليه كل من يحتاجون إلى الماء، ومع الوقت أشتهر هذا القصر، وتحول من مجرد مكان يتم فيه استضافة المرضى المصابين بوباء
الجدري
، إلى مكان يفتح أبوابه للجميع من خارج مدينة الرياض، وإذا أرادوا النزول ضيوف على الملك بهذا القصر كانوا يقومون بتسجيل أسمائهم.
قصر ثليم تاريخ من الكرم والجود
في عام 1359هجريا، قام الملك عبد العزيز بإنشاء مضيف يتسع للقاصدين مدينة الرياض حتى يكفي لاستقبال الجميع، وأصبح المكان مرتبط بالإعانة السنوية التي يتم إعطائها للمواطنين بأمر من الملك عبد العزيز، وعند حضور المواطنين إلى قصر ثليم، يتم استقبالهم والنظر في طلبهم، ثم بعد ذلك يتم تسجيل أسمائهم، ويقدم لهم المساعدة الخاصة بهم ، سواء كانت تلك المساعدة دائمة وتقدم لهم كل عام وهو ما يسمى المناخ، أو مساعدة لمرة واحدة فقط، وإي كان نوع تلك المساعدة من تسديد ديون، وقضاء حاجة وغيرها، وتكون الاستضافة بالقصر لمدة ثلاثة أيام، وبعدها يتم النظر في طلب الضيف وتحقيق ما يريده، وقد سمية المساعدة السنوية بالمناخ نظرا لأن الضيف كان عندما يأتي إلى القصر كان يقوم بإناخة ناقته بالقرب منه.
كان القصر مجهزًا لاستقبال الجميع فهو لا يستقبل الضيوف وأصحاب الحاجات فقط، ولكن يتم فيه استقبال الفقراء وطلاب العلم أيضا، حيث يأتي الفقراء في أي وقت ويأخذوا كل ما يحتاجون إليه من طعام في أواني صغيرة ثم يعودون إلى بيوتهم وقد امتلأت تلك الأواني بالطعام، أما طلاب العلم فكانوا يظلون تحت ضيافة الملك حتى التخرج، حيث كان حريص على تشجيعهم عل مواصلة طلب العلم، وقد خصص لهم مضيف خاص بهم، يقوم فيه الشيخ إبراهيم بن جميعه رحمه الله أول حاجب للملك باستقبال هؤلاء الضيوف هو ومجموعة من مساعديه.
جولة داخل قصر ثليم
تبلغ مساحة القصر 6000 متر مربع، وهو عبارة عن دور واحد وبه مجموعة من الغرف، هذا بجانب ساحة كبيرة، ومجموعة من المطابخ التي يتم فيها ذبح الذبائح لإطعام الضيوف، وفي عهد المؤسس الملك عبدالعزيز رحمة الله عليه كانت تصل عدد الذبائح المقدمة للضيوف يوميًا إلى 50 خروف، وحوالي خمسة من الجمل، كذلك يوجد بالقصر عدة أماكن للوقود، حيث كانت مجموعة كبيرة من الطباخين الموجودين بالقصر يقومون على إطعام الضيوف، هذا بالإضافة لمجموعة لا حصر لها من الخدم ويوجد به مجموعة من الأحواش، كانت الوجبات تقدم بشكل يومي وجبتان من الطعام، الأولى في الصباح والأخرى قبل مغيب الشمس، بعد وفاة الملك عبدالعزيز رحمة الله عليه أصبح يتبع لوزارة المالية ويتم فيه وضع الملفات، وجميع موظفي القصر قد تم نقلهم إلى الدواوين الملكية وكان هذا في عهد الملك سعود رحمه الله.