ملخص رواية قلادة آنا لـ أنطون تشيخوف
رواية قلادة آنا هي إحدى ابداعات المؤلف الروسي
أنطون تشيخوف
، الذي تميز بروايته القصيرة التي غالبًا ما تدور إطار درامي اجتماعي، ورواية قلادة آنا تدور أحداثها في ذلك الإطار حيث يدور فيها صراع بين المال والسلطة، وذلك في إطار قالب اجتماعي بين تلك الفتاة آنا حديثة السن ابنة الثامنة عشر التي تضطر للزواج بمن هو أكبر منها في العمر ” موديست ” فقط من أجل المال.
رواية قلادة آنا
اضطرت آنا الفتاة الجميلة صاحبة الثامنة عشر من عمرها، أن تدفن زهرة شبابها التي لم يدم على تفتحها زمن طويل، مع موديست اليكسييتس، الذي استعاض عن زهرة شبابه الزابلة بمركزه المرموق وثروته الطائلة، فهما تعويض مناسب للبعض حتى يتمكن رجل قد تخطى الاثنان والخمسون من عمره من الزواج بزهرة جميلة مثل آنا.
رغم أنه ربما يكون تعويض للأهل الذين لم يشغلوا أنفسهم بالتفكير بسعادة ابنتهم وحياتها القادمة، ولكنه ليس على الإطلاق تعويض كافي للفتاة نفسها، وهذا بالفعل ما فكرت به آنا أثناء حفل زفافها الذي كان أشبه بحفل تأبين، فقد خلا تمام من مظاهر السعادة التي كان من الطبيعي أن تكون في حفل زفاف شابة في سنها.
وبعد شرود طويل أفاقت آنا على صوت زوجها الأجش وهو يأمرها بالصعود إلى أعلى حتى تقوم باستبدال ملابسها، من أجل اللحاق بالقطار الذي سوف يتجه بهم إلى الدير لقضاء يومان هناك، صعدت آنا إلى أعلى وقامت باستبدال ملابس العرس، وارتدت ملابس السفر.
آنا وثوبها الأبيض
نظرت آنا لثوب زفافها في حسرة شديدة وكأن ثوب زفافها كان هو البهجة الوحيدة في تلك الرواية الحزينة، ومع انتهاء ذلك العرس قد بدأت حياة هي وحدها تدري بمرارتها، على سلم القطار وقفت آنا وكأنها قد غابت عن العالم المحيط بها، فلم تعد ترى الناس المتواجدين على رصيف القطار، ولم تعد تسمع ضجيج عجلات القطار التي تصرع الآذان، ولم تعد حتى تسمع صوت أبيها المخمور الذي ظل يناديها دون ملل.
لم ترى وقتها سوى أخويها أندريوشا وبيتيا، وكل ما كان يشغلها وقتها هو التفكير في مستقبلهما المجهول، فهما مازالا صغيران وأمامهما وقت طويل حتى يستكملا دراستهما، فماذا سيفعلان مع أب سكير ترك مهنته كمدرس وتحاط به الديون من جميع الجهات، خاصة أن أمهما قد فارقت الحياة ولم يعد هناك من يهتم بأمرهما.
آنا في طريقها لحياة بائسة
كانت آنا تجلس على مقعدها داخل القطار وأمامها زوجها السمين، ومن خلال نظراتها الشاردة له شعر بنفورها المتوقع من شخصه، ومن الحياة بجانبه، فهو يعلم جيدًا أنها قد تزوجت منه بدافع الهروب من الفقر الذي قد نشأت فيه، وأنه سوف يكون واهم إذا اعتقد غير ذلك، وبعد شرود طويل من آنا.
قاطع موديست هذا الشرود قائلاً لها وقد علا وجهه ابتسامة سخرية، لقد تذكرت الآن ما حدث منذ خمسة أعوام عندما تسلم كوروسوروتوف وسام القديسة آنا من الطبقة الثانية، وعندما تقدم لشكر صاحب السمو، قال له صاحب السمو لقد أصبح لديك ثلاث آنات، واحدة داخل عروتك واثنتان في رقبتك، حيث أن كوروسوروتوف، كانت زوجته أيضا تدعى آنا ولكنها لم تكن سيدة مستقيمة، ثم نظر إليها نظرة تنبيه قائلا، أتمنى أنه عندما يحين الوقت لأتسلم هذا الوسام، ألا يكون هناك سبب يجعل صاحب السمو يقول لي ما قاله ل كوروسوروتوف.
حياة روتينية شديدة الملل
بعد يومان من بقائهما داخل الدير عادت آنا وزوجها إلى بيتهما الحكومي المتواجد بداخل المدينة، وبدأت حياة روتينية لم تتفاجأ بها بل تعاملت معها وهي تعلم جيًدا منذ أن وافقت على الزواج من موديست أنها سوف تعيش أحداثها لحظة بلحظة، فقد كان البيانو هو أنيسها الوحيد بعد أن يذهب زوجها إلى العمل، وعندما تمل من العزف عليه كانت تلقي بجسدها النحيل عل سريرها في استسلام تام لواقعها المرير.
فالملل والوحدة كانتا أهون بكثير من صوته المزعج عند تناوله للطعام، وحديثه المستمر الذي لا ينقطع عنه حتى وهو يأكل، وهذا ما كان يضطرها للنهوض دون أن تكمل طعامها رغم جوعها بسبب اشمئزازها منه ومن أفعاله، وبعد أن يفرغ من طعامه يبدأ سمفونية أخرى في منامه توقظ جميع من بالمدينة، لتخرج آنا إلى بيت أبيها لتشارك إخوتها طعامهم المتواضع المكون من العصيدة وحساء من الكرنب، فهو أهون من تناولها أشهى المأكولات بجانب موديست.
ضياع عمرها بين من هم أكبرها سنًا
كان على آنا أن تتقبل وضعها الذي قد أجبرت نفسها على الدخول فيه، كما كان عليها أن تقبل بالجلوس مع نساء هن أكبر منها سنًا واهتماماتهم شديدة الاختلاف عما يجذب آنا، ولكنها كانت مضطرة لأنهن كن زوجات أصدقاء زوجها، الذي كان يواظب على الاجتماع بأصدقائه كل ليلة من أجل لعب الورق، وكان الساعات اللاتي تقضيها آنا معهن أشبه بالجحيم، بسبب فظاظتهن الواضحة، وطريقتهن المتعالية، ومظهرهن المبالغ فيه والذي لا يخفي قبحهن.
ورغم أن آنا قد قبلت بالزواج بـ موديست من أجل المال والحياة المرفهة إلا أن بخله كان شديد، ولم تشعر يوم بأنها زوجة رجل غني، فعندما كانا يذهبان إلى المسرح كانت تشتهي تناول قطعة من الجاتوه الموجودة بالبوفيه، ولكن بخله الشديد وعدم امتلاكها للمال لم يمكنها من ذلك، كما أنها كانت تستحي أن تطلب منه شيء، وتخاف أن تأخذ من ماله بدون علمه حتى لا يعنفها.
انتقال آنا لحياة جديدة
مرت الأيام على هذا الوضع المحزن، وآنا في كل يوم تقضيه داخل بيت زوجها تزداد زهرة شبابها ذبول، أما أباها فلم يجد أمامه مخلص من ديونه المتراكمة، إلا موديست الذي قام بتوبيخه عندما قام بطلب المال منه، ولكنه في النهاية أعطاه المبلغ الذي قام بطلبه منه كقرض، وهو خمسون روبيلاً، وفي أحد أيام الشتاء، وبالتحديد يوم 29 ديسمبر، طلب موديست من آنا أن تشتري ثوب جديد لها، من أجل حفلة عيد الميلاد التي سوف تقام في مجمع النبلاء، وكانت تلك هي المرة الأولى منذ زواجهما التي يعطي فيها موديست مال لآنا.
ذهبت آنا إلى الحفل ولم يكن هناك من هي أجمل منها، وقد كانت ترتدي فستان رائع جعل الجميع ينبهرون بجمالها، فعمل والدة آنا كمربية ساعدها على اختيار ثوب راقي ومناسب للمناسبة، حيث علمتها أمها ذلك قبل وفاتها كما علمتها أيضا كيفية النطق بالفرنسية، ولذلك لم تجد آنا أية صعوبة في التعامل مع النبلاء، أحست آنا لأول مرة منذ زواجها أنها قد جنت شيء من تلك العلاقة البائسة فقد جذبتها بشدة حياة النبلاء وما فيها من حفلات يملأها الموسيقى والأضواء الساطعة، والأجواء التي لطالما حلمت بالدخول فيها، حتى أنها لم تنتبه لأباها الذي جاء إلى الحفلة، وقد ارتدى بدلة من البدل الرسمية التي يرتديها النبلاء، وأبدى إعجابه الشديد بابنته وبجمالها، الذي هو أشبه بجمال الأميرات، معبرًا عن ندمه على تزويجها لـ موديست الأحمق.
شباب آنا وجمالها جعلها محل انتباه من الضباط المرموقين الذين حرصوا على الرقص معها، ليس هذا فقط ولكنها ذهبت مع الملك نفسه إلى كشك الأعمال الخيرية، بعد أن انبهر بجمالها معلق على ذلك بابتسامة إعجاب قائلا بأنها سوف يقوم بوضع موديست بالسجن لإخفائه لآنا عنه، أحست آنا أنها بتلك الحفلة قد وضعت قدماها على أول الطريق، وأنه ليس هناك من سيستطيع إيقافها، وبالفعل ما ظنته قد حدث.
تحقق نبوءة موديست
ففي اليوم الثاني مباشرة أتى الملك إلى منزل آنا، حيث لم يجد حجة لمجيئه سوى شكرها على مشاركتها في الحفل السنوي، فتأكد لـ آنا ما كان يدور بخاطرها، فأسرعت لمقابلته وهي في أبهى صورها، فما أن راها حتى انحنى وقبل يدها وانصرف، وقد تركها شاردة لا تدري أهي في حقيقة أم حلم، وأثناء شرودها دخل عليها زوجها وفي عينيه نظرة يعلوها الغضب وعدم الرضا، ولكنه تفاجأ ب، آنا جديدة قد تحررت من الخوف منه، وقالت له ووجهها يعلوه ابتسامة سعيدة ومنتصرة ابتعد عن وجهي أيها الأحمق.
ومنذ ذلك الوقت وحياة آنا قد تغيرت تمام فلم تعد تلك الفتاة التي تستأنس بالعزف على البيانو، والتي تستلقي على سريرها من شدة الملل، ولكنها أصبحت تسهر بالمسارح ولا تعود إلى منزلها إلا فجرًا، وتذهب إلى حفلات الأعيان، وتسافر في رحلات بمفردها، ولم تعد تخشى زوجها أو تهابه، بل أصبحت تأخذ المال الذي تريده وفي الوقت الذي تريده دون إذن منه.
وجاءت اللحظة التي خشيها موديست منذ زواجه من آنا، ففي حفلة عيد الفصح تسلم موديست وسام آنا من الطبقة الثانية، وعندما ذهب إلى صاحب السمو ليقوم بشكره، همس له قائلا ما قاله لـ كوروسوروتوف، لقد أصبح لديك ثلاثة آنات واحدة داخل عروتك واثنان في رقبتك، حاول موديست منع ضحكته الساخرة التي كادت أن تخرج غصب عنه وقال لصاحب السمو لم يعد يبقى إلا شيء واحد وهو انتظار فلادمير الصغير، يعني وسام فلاديمير من الطبقة الرابعة.