تفسير الآية ” وجعلها كلمة باقية في عقبه “

قال الله تعالى {وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } [سورة الزخرف: 28]


تفسير ” وجعلها كلمة باقية في عقبه ”


وقوله:

{ وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ }

يقول تعالى ذكره: وجعل قوله: { إِنَّنِي بَرَاءٌ مِّمَّا تَعْبُدُونَ إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي } وهو قول: لا إله إلا الله، كلمة باقية في عقبه، وهم ذريته فلم يزل في ذريته من يقول ذلك من بعده، واختلف أهل التأويل في معنى الكلمة التي جعلها خليل الرحمن باقية في عقبه، فقال بعضهم: بنحو الذي قلنا في ذلك. عن مجاهد

{ وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ }

قال : لا إله إلا الله وعن قتادة قال: شهادة أن لا إله إلا الله، والتوحيد لم يزل في ذريته من يقولها من بعده، وعن معمر عن قتادة قال: التوحيد والإخلاص، ولا يزال في ذريته من يوحد الله ويعبده.

وعن السدي

{ وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ }

قال: لا إله إلا الله . وقال آخرون: الكلمة التي جعلها الله في عقبه اسم الإسلام، قال ابن زيد في قوله :

{ وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ }

فقرأ { إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ } [

سورة البقرة

: 131] قال: جعل هذه باقية في عقبه، قال: الإسلام، وقرأ {سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ} [الحج:78] فقرأ { وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ } [البقرة:128] وبنحو ما قلنا في معنى العقب قال أهل التأويل.

وعن مجاهد قوله:

{


فِي عَقِبِهِ }

قال: ولده، وعن

ابن عباس

قال:

{ وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ }

يعني من خلفه. وعن السدي

{


فِي عَقِبِهِ }

قال: في عقب إبراهيم آل محمد صلى الله عليه وسلم، وعن ابن شهاب أنه كان يقول: العقب: الولد، وولد الولد. قال ابن زيد

{


فِي عَقِبِهِ }

عقبه أي ذريته،

{ وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ }

أي هذه الكلمة وهي ” ‏لا إله إلا اللّه‏‏ ” أي جعلها دائمة في ذريته، يقتدي به فيها من هداه الله تعالى، من ذرية إبراهيم عليه الصلاة والسلام ‏

{ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ }

‏ أي إليها، قال عكرمة ومجاهد

{ وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ }

‏ يعني لا إله إلا اللّه، لا يزال في ذريته من يقولها، وقال ابن زيد‏:‏ كلمة الإسلام، وهو يرجع إلى ما قاله الجماعة.

وقال ابن عباس : قوله:

{ فِي عَقِبِهِ }

أي في خلقه. وفي الكلام تقديم وتأخير؛ المعنى فإنه سيهدين لعلهم يرجعون وجعلها كلمة باقية في عقبه. أي قال لهم ذلك لعلهم يتوبون عن عبادة غير الله. قال مجاهد وقتادة : الكلمة لا إله إلا الله. قال قتادة : لا يزال من عقبه من يعبد الله إلى

يوم القيامة

. وقال الضحاك : الكلمة أن لا تعبدوا إلا الله. عكرمة : الإسلام؛ لقوله تعالى:

{ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ }

[سورة الحج: 78].

وضمير الفاعل في

{ جَعَلَهَا }

لله عز وجل؛ أي وجعل الله هذه الكلمة والمقالة باقية في عقبه، وهم ولده وولد ولده؛ أي إنهم توارثوا البراءة عن عبادة غير الله، وأوصى بعضهم بعضا في ذلك. والعقب من يأتي بعده. وقال السدي : هم آل محمد صلى الله عليه وسلم، وقوله:

{ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ }

يقول: ليرجعوا إلى طاعة ربهم، ويثوبوا إلى عبادته، ويتوبوا من كفرهم وذنوبهم  وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل/ وعن قتادة

{ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ }

أي يتوبون أو يذكرون.