الفرق بين الجسم و الجسد والبدن

من المعروف أن

اللغة العربية

من أكثر اللغات الغنية بالكلمات والمترادفات، فهي اللغة التي شرفها الله تعالى بنزول القرآن بها، كما أنها لغة أهل الجنة. وقد نرى الكثير من الكلمات التي نظنها أنها مترادفات لبعضها ولا يوجد أي خلاف بينهم، ولكننا إذا أمعنا النظر وتأملناهم جيدًا وجدنا أن لكل منهم استخدام دقيق يختص به دون غيره. وفي هذا المقال نتناول الفرق بين كلمات الجسم والجسد والبدن.


تعريفات الجسم والجسد والبدن


أولًا: الجسم

يُطلق كلمة الجسم في اللغة على جماعة البدن والأعضاء من الناس والدواب والإبل وغيرها من الأنواع عظيمة الخلق. وتُستخدم كلمة جسم كاستعارة للدلالة على الشيء، أي أن الجسم هو ما كان فيه روح وهو عموم الشكل الخارجي للهيكل بعظامه ولحمه ودمه. وقد وردت كلمة جسم في القرآن مرتين وجاءت للدلالة على جسم الإنسان الذي به روح.

– “

إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْم

ِ” : في هذه الآية يتحدث الله عن طالوت ليكون ملكًا على بني إسرائيل.

– ”

وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ

” : في هذه الآية يتحدث الله عن اهتمام المنافقين بأجسامهم عن قلوبهم واهتمامهم بالشكل والصورة على حساب المضمون.

ونلاحظ أن في كلا المثالين أنه تم استخدام كلمة جسم للتعبير عن الأحياء، فطالوت ملك حيّ والمنافقون أحياء.


ثانيًا : الجسد

كلمة جسد أخص من الجسم، وقد يتم استخدام كلمة جسد في اللغة للدلالة على جسم الانسان دون غيره ولا يقال لغيره من الأجسام. ومن الشائع استخدام كلمة جسد للدلالة على الجثة أو الجسم بلا روح، فقد وردت كلمة جسد أربع مرات في القرآن الكريم للدلالة على الأجسام بلا روح أو للدلالة على الجثث.

– “

وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لا يُكَلِّمُهُمْ وَلا يَهْدِيهِمْ سَبِيلا اتَّخَذُوهُ وَكَانُوا ظَالِمِينَ

” : تتحدث هذه الآية عن جسد العجل الذي صنعه

السامري

لفتنة بني اسرائيل، وكما هو واضح فإن الكلمة تشير إلى جسم لا روح به.

– “

فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ

” : تتحدث هذه الآية عن جسد العجل الذي صنعه السامري لفتنة بني اسرائيل، وكما هو واضح فإن الكلمة تشير إلى جسم لا روح به.

– ”

وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ

” : تتحدث الآية عن ابن

سيدنا سليمان

الذي وُلد جثة هامدة.

– ”

وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلا رِجَالا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنتُمْ لا تَعْلَمُونَ وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَدًا لا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَمَا كَانُوا خَالِدِينَ

” : تتحدث هذه الآية عن أن الأنبياء كانوا رجالاً أحياء ذوي أجسام متحركة، ولم يكونوا أجساداً هامدة.

وبذلك نرى أنه تم استخدام كلمة جسد في القرآن للدلالة على الجماد أو الميت أو الجثة والجسم بلا روح أو حياة.


ثالثًا: البدن

أما البدن فيشير إلى ما سوى الرأس من الجسد ويكون غليظ وسمين، وجسم الإنسان كله جسد، فإذا قُطع بعض أطراف شخص فيقال قُطع شيء من جسده وليس من بدنه. والبدن في اللغة هي الجسد الضخم، ومنه تأتي كلمة البدنة، أي الناقة أو البقرة السمينة التي يُضحى بها. وقد وردت كلمة بدن في القرآن الكريم للدلالة على الضخامة.



“فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً

” : وتشير هذه الآية أن الله نجى جسم فرعون كاملا غير منقوص للعبرة.

ونستخلص مما سبق أن الجسم تُطلق على البدن الذي به حياة وروح وحركة، أما الجسد فتُطلق على التمثال الجامد أو بدن الإنسان بعد وفاته وخروج روحه، أما البدن فيتم استخدامها للدلالة على الضخامة.