قصة مقولة ” كمجير أم عامر “
عرف عن العرب ضرب الأمثال والمقولات المأثورة في جميع ما يتعرضون له من مواقف فكل مثل وكل حكمة تأتي وراءها قصة طويلة نأخذ منها العبرة والعظة، وحكمة ومقولة اليوم “كمجير أم عامر” تدور حول صنع المعروف في أهله وفي غير أهله، وأين هي هذه المقولة من السنة النبوية؟ هل تتوافق معها أم تختلف؟ هذا ما سوف نتناوله من خلال استعراض القصة وبيان أمرها من السنة النبوية.
قصة كمجير أم عامر :
خرج قوم إلى الصيد فعرضت لهم أم عامر (وهي
الضبع
) فطاردوها حتى استطاعت الهروب منهم والتخفي داخل كوخ أعرابي وما أن رآها الأعرابي على هذه الحالة من الرعب والفزع حتى شعر أنها تستجير به، فخرج شاهرًا سيفه ومدافعًا عنها قائلًا لهم: ما شأنكم؟ قالوا: صيدنا وطريدتنا أخرجها إلينا أو مكنا منها، فقال: كلا، والذي نفسي بيده لا تصلون إليها ما ثبت قائم سيفي بيدي.
فشعر القوم أن الأعرابي لن يتركهم وطريدتهم فهموا بالانصراف خائبي الأمل، ورجعوا وتركوه، وهنا شعر الأعرابي بالنصر لما استطاع أن ينقذ تلك الضبعة المسكينة من صائديها، وقام على ضيافتها فأحسن أكلها وشربها، فقدم للضبع حليبًا ثم أسقاها ماء حتى عاشت واستراحت.
خيانة أم عامر لا يقابلها إلا الموت :
بعد أن شعر الأعرابي أن الضبعة أكلت واستراحت تركها ليكمل شؤونه وما أن أعطاها ظهره حتى غدرت به فوثبت عليه وبقرت بطنه وشربت دمه حتى لفظ أنفاسه فمات، بعدها اختفت الضبعة من الكوخ وخرجت مرة أخرى إلى حياة الغابة، ولما عاد ان عم الأعرابي وجده مقتولًا على هذه الحالة فبحث عن الضبعة فلم يجدها فتتبع خطواتها حتى استطاع أن يجدها فقام على قتلها انتقامًا لابن عمه المغدور ثم أنشد بعض أبيات الشعر يقول:
ومن يصنع المعروف مع غير أهله … يلاقي كما لاقى مجير أم عامر
أعد لها لما استجارت ببيته … أحاليب البان اللقاح الدوائر
وأسمنها حتى إذا ما تمكنت … فرته بأنياب لها وأظافر
فقل لذوي المعروف هذا جزاء من … يجود بمعروف على غير شاكر
اصنع المعروف في أهله وفي غير أهله :
هذه هي كلمات المصطفى صل الله عليه وسلم والتي تنافي معنى هذه المقولة أو هذا المثل على الرغم من احزن الذي قد يصيبك حينما تصنع المعروف ويقال بالغدر والخيانة إلا أن الله رب السماوات والأرض لا يغفل ولا ينام فلن يقابل الإحسان إلا بإحسان فما بالك أخي المسلم بإحسان رب السماء، فرسول الله صل الله عليه وسلم قال: « اصنع المعروف إلى من هو أهله، وإلى من ليس أهله، فإن كان أهله فهو أهله، وإن لم يكن أهله، فأنت أهله» فالدين الإسلامي جاء لنشر الخير والسلام في الدنيا، لذلك حثنا الرسول الكريم على صنع المعروف دائمًا والتخلق بالأخلاق الحسنة أخلاق القرآن، والتي إن اتبعناها عم الخير الدنيا فلا توجد أحقاد ولا ضغائن الكل يصنع المعروف، والكل يحيا القرآن.