قصة تكريم ولي العهد للمؤرخ محمد بن ناشع
قصة صاحب السمو الملكي وزير الدفاع ووولي عهد المملكة الأمير
محمد بن سلمان
حفظه الله مع المؤرخ السعودي محمد بن ناشع هي قصة وفاء سطرتها أخلاق عالية ومقام رفيع تعود على العطاء والتقدير، حين قرر الأمير محمد حفظه الله مكافأة الشيخ محمد بن ناشع على موقف له منذ خمسون عام معبرًا بذلك عن مدى حرص ولاة الأمر بالمملكة على رجال الوطن المخلصين حتى وإن طال الزمن.
المهندس الألماني والشيخ محمد بن ناشع :
تعود أحداث القصة إلى ما يقرب من خمسون عام بالتحديد في عام 1394 حينما استيقظت قرى الظهارة ب
محافظة النماص
على أصوات عالية عرف بعدها أهل القرية أنها أصوات آلات ومعدات البناء والحفر الخاصة بشركة بن لادن وذلك في طريقها للعمل بالطائف، كان هناك مجموعة من المهندسين الأجانب ومشرف العمل المعلم محمد بن لادن جميعهم في حالة انشغال تام بما يقومون به من أعمال وفجأة يظهر من بين هؤلاء العمال رجل ذو يد واحدة يتجه فورًا إلى المهندس الألماني المشرف على المشروع ويخبره أن جميع العمال والمشرفين هم ضيوف عنده.
قام المترجم المصري بترجمة الحديث للمهندس الألماني الذي أعجب جدًا بالفكرة وسأل عن شخصية ذلك الرجل فعرف أنه محمد بن عبدالله بن ناشع مدير متوسطة الظهارة، وجه المهندس الألماني شكره إلى ابن ناشع وسأله عن سبب هذا الترحيب والضيافة الذي لم يعهده من قبل في أي موقع من مواقع العمل، أجابه ابن ناشع أن هذه هي شيمة أهالي المملكة خاصة أهل القرى الذي يقومون بضيافة الغرباء والأجانب والترحيب بهم باسم المملكة وباسم الملك فيصل وهو نوع من التعبير من الشكر والامتنان لجلالته.
في بيت ابن ناشع :
وصل المهندس الألماني المشرف على المشروع إلى بيت ابن ناشع هو ومن معه من عمال وقام على ضيافتهم أهل البيت الذين قدموا نموذج مشرف للمضيف صاحب الكرم والجود حتى أن المهندس الألماني تعجب من حجم الكرم الذي قوبل به وبعد انتهاء العزيمة طلب المهندس الألماني من ابن ناشع أن يتواصل معه بعد انتهاء المشروع وعودته إلى ألمانيا حتى يرد له الجميل وذلك بأن يتقدم إلى الحكومة الألمانية لترسل إلى الشيخ محمد ابن ناشع سيارة تتلاءم مع وضعه الصحي يمكن قيادتها بيد واحدة.
استحياء وعزة نفس :
بعد فترة طويلة على تلك المقابلة طلب عبدالله ابن الشيخ محمد بن ناشع من والده أن يراسل ذلك المهندس الألماني ويطالبه بالوفاء بالعهد إلا أن الشيخ محمد رفض عن عزة وكبرياء مذاكرًا ابنه بأنه في الماضي كان الأجداد لا يتعدون شيخ قبيلتهم قبل القيام بأي أمر والآن ونحن تحت رعاية أولى الأمر لا يجب أن نتعداهم لنطلب من الأجانب قضاء الحوائج.
مرت الأيام والشيخ محمد ثابت على موقفه حتى أصبح بعد رحلة طويلة لطلب العلم أحد أئمة الشرع وعلمًا من أعلام المملكة يقصده طلاب العلم من جميع أنحاء المملكة للاستفادة من علمه الفياض، تعرف بعدها الشيخ محمد بالأمير
تركي بن طلال
بن عبد العزيز حفظه الله وفي إحدى زيارات الأمير تركي له في 23 شوال من عام 1439 أخبره الشيخ محمد بما كان من أمره مع المهندس الألماني، ووعده له بسيارة ماركة ” مرسيدس بينز ” تتناسب مع حالته الصحية.
الوفاء بالعهد حتى ولو بعد خمسون عام :
طلب الأمير تركي من الشيخ محمد توثيق كلماته وقصته عن طريق تسجيلها عبر الهاتف المحمول ثم قام بإرسال هذه الرسالة إلى الأمير محمد بن سلمان ولي العهد وذلك لعلم الأمير تركي أن سمو ولي العهد يقدر الوطن ورجاله خاصةً أصحاب تلك المواقف الوطنية.
وما هي إلا لحظات من إرسال تلك الرسالة حتى جاء الرد من الأمير محمد صاحب المواقف الجريئة والكرم الفياض قائلًا للأمير تركي:
“لو كان
الملك فيصل
، رحمه الله، حياً لشكرك على هذا الموقف الوطني النبيل، وأنا باسم الملك فيصل، وباسم سيدي خادم الحرمين الشريفين، وباسمي أبلغك الشكر الجزيل، وسنلتقيك قريباً إن شاء الله”.
الأمير محمد وكرمه الفياض مع الشيخ محمد ابن ناشع :
وفي اليوم التالي لتلك الواقعة اتصل السكرتير الخاص بخادم الحرمين الشريفين بالشيخ ابن ناشع، وأبلغه بتقديمه حفظه الله، سيارتين من نوع (بينز مرسيدس) إحداهما له، والأخرى لولده، عوضاً عمَّا كان المهندس الألماني قد وعد به، وتصديقاً لظن الشيخ ابن ناشع في ولاة أمر هذا الوطن. دولة لا تنسي رجالها المخلصين وإن طال الزمن، هي دولة يخلدها الزمن.