قصة موظفة المكتبة ” عالية محمد “
عالية محمد باقر أمينة المكتبة المركزية بالبصرة وصاحبة بطولة خاصة تداولتها الصحف العالمية استطاعت من خلالها إنقاذ تراث أثري من الكتب والمخطوطات التي لا تقدر بثمن دفاعًا عنها وحبًا فيها، وأملًا في استعادة الأمن داخل بلادها وعودة العلم كسلاح وطني فعال بدلًا من الرصاص والدماء، تم تأليف روايتين تحمل اسم أمينة المكتبة عالية محمد باقر.
من هي عالية محمد ؟
عالية محمد باقر بن كاظم الخفاجي ولدت في عام 1952م في مدينة العقل بالبصرة، عاشت فيها كامل طفولتها وشبابها حتى أصبحت البصرة جزء لا يتجزأ من حياتها، وذلك بعد أن استطاعت الالتحاق بالجامعة المستنصرية في
بغداد
، وحصلت من خلالها على شهادة بكالوريوس في علوم المكتبات، لتبدأ مشوار جديد من حياتها في عام 1975م كأمينة لمكتبة الموانيء العراقية.
وفي عام 1983 انتقلت عالية إلى
محافظة ذي قار
للعمل فيها كأمينة لمكتبة مدينة الرفاعي، لمدة ست سنوات ثم عادت مرة أخرى إلى البصرة في عام 1989 لتعمل كأمينة لمكتبتها المركزية على ملاك وزارة الحكم المحلي، وظلت في منصبها هذا حتى عام 2003، حتى تمت ترقيتها على إثر حادثة هامة مرت بها تلك البطلة والتي توجتها في منصب المديرة العامة لمكتبات البصرة.
بطولة من نوع خاص :
تبدأ قصة تلك البطلة في عام 2003 عندما قامت القوات العسكرية العراقية بتنصيب قاعدة مضادة للطائرات أعلى المكتبة التي تعمل بها عالية التي شعرت باضطراب وعدم طمأنينة لما تحويه المكتبة من مخطوطات قديمة هامة ومجموعة قيمة من أهم الكتب والمؤلفات العالمية، وهنا قررت ان المكتبة لم تصبح آمنة بالقدر الكافي، وأرسلت إلى مسؤوليها تبلغهم بضرورة نقل محتويات المكتبة إلى مكان آخر أكثر أمنًا إلا أن طلبها قوبل بالرفض.
شعرت عالية بمزيد من الاضطراب وذلك لعدم تقدير مسؤولية ما تحتويه المكتبة من تراث، وهنا قررت المجازفة واتخاذ الحل الأمثل وهو نقل الكتب بدون معرفة الجهات الرسمية بذلك وبالفعل وصلت ليلًا وبمساعدة أهل المنطقة صاحب مطعم وخباز وغيره تم نقل كما يقرب من 30 ألف كتاب إلى بيت عالية وما هي إلا أيام حتى تحققت نبوءة تلك المرأة الصادقة الحدس.
فقد احترقت المكتبة عن بكرة أبيها ولم يتبقى منها سوى أطلال، وحطام وهنا أعلنت أمينة المكتبة المناضلة من أجل الحفاظ على العلم والتراث أن أغلب محتويات المكتبة ما زالت قابعة في منزلها وأنها استطاعت الحفاظ عليها رغم أنف النيران، وبالفعل أعادت السلطات العراقية بناء وإعمار المكتبة من جديد، وأعادت جميع الكتب إلى مكانها سالمة وكافأت تلك البطلة بأن نصبتها المديرة العامة لجميع مكتبات البصرة.
وكالات الأنباء العالمية :
لم تتوقف قصة عالية أمينة المكتبة عند ذلك الحد بل قدر لهذه البطلة أن يسمع العالم أجمع بقصتها الرائعة وكانت أول الصحف التي تداولت القصة هي النيويورك تايمز حين كتبت المراسلة الصحفية شيلا ديوان عن قصة عالية محمد وبطولتها الخارقة في نقل الكتب والحفاظ عليها بمساعدة مجموعة من أهالي المنطقة أغلبهم لا يجيدون القراءة ولا الكتابة إلا أنهم قدروا العلم وحافظوا عليه، حيث تصورت تلك الصحفية من خلال كتابتها الكتب وهي تصرخ فزعًا من النيران لماذا ؟ لماذا ؟ وكأنها معركة ضارية فازت فيها أمينة المكتبة.
قصص ومؤلفات :
ألهمت قصة أمينة المكتبة العديد من المؤلفين خاصة مؤلفي
كتب الأطفال
، الذي لمسوا في قصتها الشجاعة والبطولة وروح المغامرة، وهو ما جعل الكاتبة والمؤلفة جانيت ونتر في إحدى المقابلات الإذاعية تقول : “شعرت فورا بإحساس قوي من التفاؤل في القصة، وكان شعورا إيجابيا حقاً ومثالاً على تفاؤل الروح الإنسانية في ظروف غير إنسانية”.
كذلك صرح المؤلف ” مارك ألان ” في مقابلة إذاعية خاصة عن مؤلفاته الأدبية حينما وجهت له المذيعة سؤلًا خاصًا بقصة أمينة المكتبة قال : ” القصة مثيرة للمشاعر لكونها تروي حكاية شخص يتصدى للدفاع عن شيء يعز عليه وبه فائدة كبيرة الناس، وتصادف أن هذا الشيء هو الكتب التي هواها “
وكان أول ما نشر عن تلك القصة هو مجموعة من الكتب المزينة بالرسوم للأطفال تروي قصة عالية محمد باقر للكاتب ستاماتي وونتر، وتلاها كتاب آخر في عام 2004 لـ ستاماتي بعنوان “مهمة عالية”: إنقاذ كتب العراق”، ونشر كتاب جانيت ونتر في كانون الثاني 2005 بعنوان “أمينة مكتبة البصرة”.