تفسير قول الله تعالى ان هذا اخي له تسع وتسعون نعجه
قال الله تعالى في سورة ص في الآية الثالثة والعشرين (إنَّ هذا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ)، فيما يلي سيتم عرض تفسير الآية الكريمة.
تفسير قول الله تعالى ان هذا اخي له تسع وتسعون نعجه :
– تفسير القرطبي :
فسر
القرطبي
قوله تعالى (إِنَّ هذا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ)، وصف المدعي خصمه أنه أخاه وذلك يعني أنه على نفس دينه أو أنه صديقه، أنه يمتلك تسعة وتسعون نعجة أي زوجة أو امرأة حيث كان العرب قديما يصفون المرأة بالنعجة أو الشاة وذلك بسبب ضعفها واستكانتها، وكانت تكنى أيضا بالبقرة والحجرة والناقة.
وقد قال عنترة :
يا شاة ما قنص لمن حلت له حرمت علي وليتها لم تحرم
فبعثت جاريتي فقلت لها اذهبي فتجسسي أخبارها لي واعلمي
قالت رأيت من الأعادي غرة والشاة ممكنة لمن هو مرتم
فكأنما التفتت بجيد جداية رشأ من الغزلان حر أرثم
– وفسر قوله تعالى : (ولي نعجة واحدة) أي أنه يمتلك امرأة واحدة، وطلب منه أن يتركها ويتنازل له عنها حتى يكفلها ويتزوجها، وقال ابن عباس : (أعطنيها) وقال أيضا ( تحول لي عنها)، وقال ابن مسعود وأبو العالية : (ضمها إلي حتى أكفلها)، وقال ابن كيسان : (اجعلها كفلي ونصيبي).
– (وعزني في الخطاب) وتعني غلبني في الحديث، وقد قال الضحاك في ذلك : (إن تكلم كان أفصح مني ، وإن حارب كان أبطش مني)، وقال عبد الله بن مسعود وعبيد بن عمير : ” وعازني في الخطاب ” أي : غالبني من المعازة وهي المغالبة، عازه أي : غالبه)، وقال ابن العربي : (واختلف في سبب الغلبة فقيل : معناه غلبني ببيانه، وقيل : غلبني بسلطانه لأنه لما سأله لم يستطع خلافه)
– تفسير السعدى :
فسر السعدي قوله تعالى (إِنَّ هذا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ)، حيث جاء إلى سيدنا داود في محرابه خصمين يريدان أن يحكم بينهما، وقال أحدهما له (إِنَّ هَذَا أَخِي) وكان يقصد بأنه على دينه أو على صداقه معه أو على نسب، وأنه يمتلك تسعة وتسعون زوجة حيث كانوا يطلقون على المرأة نعجة وكان ذلك خير كبير وفضل من الله لكنه لم يقتنع بذلك
وقال (وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ) أي أنه له زوجة واحدة فطمع صديقه فيها واراد أن يتزوجها حتى يصبح عدد زوجاته مائة، فقال تعالى (فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا) أي أنه طلب منه أن يتركها له، وقال (وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ) أي أنه غلبه في القول فلم يستطيع أن يرفض حتى كاد صديقه هذا ان يأخذ زوجته .
– تفسير الوسيط لطنطاوي :
وفسر قوله تعالى (إِنَّ هذا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ)، كان
سيدنا داود
في محرابه يعبد ربه فإذا برجلين يقتحمان عليه المحراب مما جعله يخاف، فعرضا عليه أن يحكم بينهما فأخذ أحدهم في الشرح ووصفه بأنه أخيه وكان يقصد بذلك أنه صديقه أو شريكه، وأنه يمتلك تسعة وتسعون نعجة ويقصد بالنعجة الأنثى من الضأن ويطلق على المرأة أو الزوجة.
وقوله ( أَكْفِلْنِيهَا ) أي ملكني إياها وتنازل عنها واتركها لي، فقد طلب صديقه منه أن يترك له زوجته حتى تكون تحت كفالته وتصبح ملك له حتى يتم عدد زوجاته مائة، وقوله : ( وَعَزَّنِي فِي الخطاب ) أي أن صديقه غلبه في المخاطبة وذلك لأنه أكثر فصاحة منه وأنه أكثر منه قوة، وقد حكم له سيدنا داود دون أن يسمع من الخصم الثاني.