حقيقة سورة الخلع وسورة الحفد

الخلع والحفد من دعاء القنوت وهما سورتان وردتا في مصحف

أبي بن كعب

رضي الله عنه وقد ذكرهم الإمام السيوطي رحمه الله في كتابه الدرر المنثور، وهما من السور المنسوخة التي رفع الله تلاوتها وحكمها أي أنها لم تعد موجودة بالقرآن الكريم، إلا أنهما صارا دعاءين من أدعية القنوت، وفيما يلي ذكر ما ورد في كتاب الدرر المنثور للسيوطي عن السورتين، وتعريف معنى النسخ في القرآن الكريم.


ما المقصود بسورتي الخلع والحفد؟


هما دعاءان من أدعية القنوت وهما كالتالي:

• المقصود بسورة الخلع هو دعاء: اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونثني عليك الخير كله ونشكرك ولا نكفرك ونخلع ونترك من يفجرك.

• والمقصود بسورة الحفد هو دعاء: اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعى ونحفد نرجو رحمتك ونخشى عذابك إن عذابك بالكفار ملحق.


ما ورد عن الإمام السيوطي في ” كتابه الدرر المنثور ” :


ذكر الإمام السيوطي في تحفته الفريدة ” الدرر المنثور ” أنهما كانتا من جملة السور التي أنزلها الله على النبي صلى الله عليه وسلم، وكانتا سورتين سورة ببسملة وفواصل، إحداهما تسمى سورة الخلع، والثانية تسمى سورة الحفد، وقد نسختا، وكتبهما أبي بن كعب رضي الله عنه في مصحفه.

وأخرج ابن الضريس عن عبد الله بن عبد الرحمن عن أبيه قال‏:‏ صليت خلف عمر بن الخطاب فلما فرغ من السورة الثانية قال‏:‏ اللهم إنا نستعينك ونستغفرك، ونثني عليك الخير كله، ولا نكفرك، ونخلع ونترك من يفجرك. اللهم إياك نعبد، ولك نصلي ونسجد، وإليك نسعى ونحفد، نرجو رحمتك ونخشى عذابك، إن عذابك بالكفار ملحق‏.

‏وفي مصحف

ابن عباس

قراءة أُبَيّ وأبي موسى‏:‏ “بسم الله الرحمن الرحيم، اللهم إنا نستعينك ونستغفرك، ونثني عليك الخير ولا نكفرك، ونخلع ونترك من يفجرك‏”.‏ وفي مصحف حجر‏:‏ “اللهم إنا نستعينك”، وفي مصحف ابن عباس قراءة أبي وأبي موسى‏:‏ “اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد، وإليك نسعى ونحفد، نخشى عذابك ونرجو رحمتك، إن عذابك بالكفار ملحق‏”.

وأخرج أبو الحسن القطان في المطولات عن أبان بن أبي عياش قال‏:‏ سألت أنس بن مالك عن الكلام في القنوت فقال‏:‏ اللهم إنا نستعينك ونستغفرك، ونثني عليك الخير ولا نكفرك، ونؤمن بك ونترك من يفجرك، اللهم إياك نعبد، ولك نصلي ونسجد، وإليك نسعى ونحفد، نرجو رحمتك ونخشى عذابك الجد، إن عذابك بالكفار ملحق‏”.‏ قال أنس‏:‏ والله إن أُنْزِلَتا إلا من السماء.‏

وأخرج محمد بن نصر والطحاوي عن ابن عباس: “إن عمر بن الخطاب كان يقنت بالسورتين‏:‏ اللهم إياك نعبد، واللهم إنا نستعينك”.‏ وأخرج محمد بن نصر عن عبد الرحمن بن أبزي قال‏:‏ “قنت عمر رضي الله عنه بالسورتين‏”.‏

وأخرج البَيْهَقيّ عن خالد بن أبي عمران قال‏:‏ “بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو على مضر إذ جاءه جبريل فأومأ إليه أن اسكت فسكت، فقال: يا محمد، إن الله لم يبعثك سبابًا ولا لعانًا، وإنما بعثك رحمةً للعالمين، ولم يبعثك عذابًا. ليس لك من الأمر شيءٌ أو يتوبَ عليهم أو يعذّبَهم فإنهم ظالمون. ثم علمه هذا القنوت‏:‏ اللهم إنا نستعينك ونستغفرك، ونؤمن بك ونخضع لك، ونخلع ونترك من يفجرك. اللهم إياك نعبد، ولك نصلي ونسجد، إليك نسعى ونحفد، نرجو رحمتك ونخشى عذابك، إن عذابك الجد بالكفار ملحق‏”.‏


معنى النسخ في القرآن الكريم :


النسخ في القرآن الكريم هو: رفع حكم شرعي بخطاب شرعي متراخ عنه. ولا يعني ذلك وجود نقص أو زيادة في القرآن الكريم، والآيات المنسوخة في

القرآن الكريم

تنقسم إلى ثلاثة أقسام:


• قسم رفع الله حكمه وأبقى تلاوته:

كنسخ حكم آية الاعتداد من موت الزوج، إلى أربعة أشهر وعشر، بدلا من حول كامل، وذلك في قوله تعالى: { وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ } [سورة البقرة: 240]، فنسخ الله حكمها بقوله تعالى: ({وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا } [سورة البقرة: 234].


• قسم رفع الله حكمه وتلاوته:

كما روى مسلم في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان فيما أنزل من القرآن، عشر رضعات معلومات يحرمن، ثم نسخن بخمس معلومات… الحديث.


• قسم رفع الله تلاوته وأبقى حكمه:

كنسخ تلاوة آية الرجم للزانيين المحصنين مع بقاء حكمها، كما رواه مالك في الموطأ عن عمر رضي الله عنه… وفيه أنه قال: إياكم أن تهلكوا عن آية الرجم، أن يقول قائل: لا نجد حدين في كتاب الله، فقد رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا، والذي نفسي بيده، لولا أن يقول الناس: زاد عمر في كتاب الله تعالى، لكتبتها: الشيخ والشيخة فارجموهما البتة.

فالقسم الأول والثاني نسخ في كل منهما الحكم، وجاء حكم بدلاً منه، وفي القسم الثالث نسخت التلاوة فقط وبقي الحكم كما هو، فكان المنسوخ تلاوتها والتعبد بها، والفرق بين الآيات المنسوخة وغير المنسوخة، أن المنسوخة لا يعمل بها بعد نزول الناسخ، هذا في القسمين الأولين، ولا تتلى للتعبد في القسم الثالث، أما غير المنسوخة فإنها يُعمل بها ويتعبد بتلاوتها على الأصل.