سبب نزول الآية ” إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث “
{ إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ } [سورة لقمان: 34]
سبب نزول الآية :
عن مجاهد قال : جاء رجل من أهل البادية فقال : إن امرأتي حبلى فأخبرني ما تلد؟ وبلادنا مجدبة، فأخبرني متى ينزل الغيث؟ وقد علمت متى ولدت فأخبرني متى أموت؟ فأنزل الله عزَّ وجلَّ: { إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ – إلى قوله – عَلِيمٌ خَبِيرٌ }، قال مجاهد : وهي مفاتيح الغيب التي قال الله تعالى: { وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ} [ رواه ابن أبي حاتم وابن جرير ]
تفسير ابن كثير :
{ إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ }
هذ مفاتيح الغيب التي استأثر الله تعالى بعلمها، فلا يعلمها أحد إلا بعد إعلامه تعالى بها، فعلم وقت الساعة لا يعلمه نبي مرسل ولا ملك مقرب { لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ } [الأعراف : 187]،
{ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ }
وكذلك إنزال الغيث لا يعلمه إلا الله، ولكن إذا أمر به علمته
الملائكة
الموكلون بذلك، ومن يشاء الله من خلقه،
{ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ }
وكذلك لا يعلم ما في الأرحام مما يريد أن يخلقه تعالى سواه، ولكن إذا أمر بكونه ذكراً أو أنثى، شقيا أو سعيداً، علم الملائكة الموكلون بذلك،
{ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا }
وكذا لا تدري نفس ماذا تكسب غداً في دنياها وأخراها.
{ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ }
في بلدها أو غيره من أي بلاد الله كان، لا علم لأحد بذلك وهذه شبيهة بقوله تعالى:
{ وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ }
[الأنعام : 59] الآية، وقد وردت السنّة بتسمية هذه الخمس مفاتيح الغيب، وروى الإمام أحمد عن أبي بريدة سمعت رسول الله صل الله عليه وسلم يقول : « خمس لا يعلمهن إلا الله عزَّ وجلَّ: إن الله عنده علم الساعة، وينزل الغيث، ويعلم ما في الأرحام، وما تدري نفس ماذا تكسب غداً، وما تدري نفس بأي أرض تموت، إن الله عليم خبير »، عن
ابن عمر
قال : قال رسول الله صل الله عليه وسلم : « مفاتيح الغيب لا يعلمهن إلا الله، إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غداً وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير » [ أخرجه البخاري والإمام أحمد ].
وروى مسروق عن
عائشة رضي الله عنها
أنها قالت : من حدثك أنه يعلم ما في غد، فقد كذب، ثم قرأت
{ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا }
. وقوله تعالى :
{ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ }
قال قتادة : أشياء استأثر الله بهن فلن يطلع عليهن ملكاً مقرباً ولا نبيا مرسلاً
{ إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ }
فلا يدري أحد من الناس متى تقوم الساعة في أي سنة أو في أي شهر أو ليل أو نهار،
{ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ }
فلا يعلم أحد متى ينزل الغيث ليلاً أو نهاراً،
{ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ }
فلا يعلم أحد ما في الأرحام أذكر أم أنثى، أحمر أو أسود وما هو.
{ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا }
أخير أم شر، ولا تدري يا ابن آدم متى تموت لعلك الميت غداً لعلك المصاب غداً،
{ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ }
أي ليس أحد من الناس يدري أين مضجعه من الأرض، أفي بحر أم بر، أو سهل أو جبل. وقد جاء في الحديث : « إذا أراد الله قبض عبد بأرض جعل له إليها حاجة » [أخرجه الطبراني في المعجم الكبير ]