تفسير قول الله تعالى ولا تمنن تستكثر
قال الله تعالى في سورة المدثر في الآية السادسة (ولا تمنن تستكثر)، وهي من السور المكية التي نزلت في
مكة المكرمة
، وفيما يلي سيتم عرض تفسير قول الله تعالى ولا تمنن تستكثر.
تفسير قول الله تعالى ولا تمنن تستكثر
:
– تفسر الطبري : فسر
الطبري
قوله تعالى (ولا تمنن تستكثر)، أن الله تعالى يوجه حديثه للرسول صلى الله عليه وسلم ويطلب منه ألا يعطي عطية لتعطى أكثر منها، حيث قيل عن ابن عباس في الآية الكريمة (لا تُعط عطية تلتمس بها أفضل منها)، وقال ثني أرطاة عن ضمرة بن حبيب وأبي الأحوص (لا تعط شيئا، لتُعْطَى أكثر منه).
وقد قال عكرِمة، في قوله تعالى “وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ “قال : (لا تعط شيئا لتُعْطَى أكثر منه)، قال: ثنا شعبة عن عكرمة (لا تعط العطية لتريد أن تأخذ أكثر منها)، وقال يحيى بن طلحة اليربوعي (لا تعط كيما تَزداد)، حدثنا ابن بشار (لا تعط شيئا لتأخذ أكثر منه)، وقيل عن الضحاك (لا تعطِ لتُعْطَى أكثر منه).
عن ابن أبي روّاد عن الضحاك في قوله تعالى (ولا تمنن تستكثر) : (هو الربا الحلال، كان للنبي صلى الله عليه وسلم خاصة وللناس عامَّة مُوَسَّع عليهم)، وقد قال الضحاك في ذلك أيضا (هما رِبَوان: حلال، وحرام ،فأما الحلال: فالهدايا، والحرام: فالرب)، وقال قتادة قوله “وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ” : )لا تعطِ شيئا، إنما بك مجازاة الدنيا ومعارضها)، ويقول قتاته عن ذلك (لا تعط شيئا لتثاب أفضل منه)
وعن مجاهد في قول الله تعالى “َلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ” قال : (تعطي مالا مصانعة رجاء أفضل منه من الثواب في الدنيا)، وعن إبراهيم قال : (لا تعط لتُعْطى أكثر منه)، وقال أيضا (لا تعط لتزداد)، كما قيل عن مجاهد (تعطي مالا مصانعة رجاء أفضل منه من الثواب في الدنيا)، وقد فسر آخرون الآية الكريمة بمعنى ( ولا تمنن عملك على ربك تستكثر).
وقيل عن الحسن في قوَله (ولا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِر)ُ أنه قال : (لا تمنن عملك تستكثره على ربك)، ويقال أنه قال أيضا (لا تمنن تستكثر عملك(، وعن أبي سهل كثير بن زياد عن الحسن أنه قال (لا تمنن تستكثر عملك الصالح)، وعن الربيع بن أنس أنه قال (لا يكثر عملك في عينك، فإنه فيما أنعم الله عليك وأعطاك قليل).
وقيل عن الربيع : (لا تعظم عملك في عينك أن تستكثر من الخير، فإنه مما أنعم الله عليك)، وقال ابن كيسان : (لا تستكثر عملك فتراه من نفسك ، إنما عملك منة من الله عليك إذ جعل الله لك سبيلا إلى عبادته)، ويفسر ذلك بعدم عمل الخير بنية الحصول على خير منه.
وهناك من فسر الآية الكريمة بأنه تعني عدم الشهور بأنه يقوم بأعمال كثير من الأعمال الصالحة، ويفسر قوله تعالى (وَلا تَمْنُنْ) أي لا تضعف وذلك حسب كلمة منين التي تعني ضعيف، وذلك حسب قول مجاهد حيث قال (لا تضعف أن تستكثر من الخير، قال تمنن في كلام العرب: تضعف)، وقد قال آخرون عن الآية الكريمة أنها تعني (لا تمنن بالنبوّة على الناس، تأخذ عليه منهم أجرًا).
وقد قال ابن زيد، في قوله “وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ “: (لا تمنن بالنبوّة والقرآن الذي أرسلناك به تستكثرهم به، تأخذ عليه عوضا من الدنيا، ويتفق الطبري مع ذلك التفسير حيث أن الله يأمر الرسول صلى الله عليه وسلم بالصبر على أذي المشركين والكفار، والدعاء إلى الله، ولا تمنن على ربك من أن تستكثر عملك الصالح.