قصة زرقاء الهمدانية ومعاوية بن أبي سفيان
زرقاء بنت عدي بن غالب بن قيس الهمدانية الكوفية، عرفها العرب بالخطيبة البارعة وذلك لأنها كانت تتحدث في جميع فنون الأدب من الشعر والبلاغة والخطابة يعود نسبها إلى قبيلة همدان اليمنية، كانت قد شاركت في موقعة صفين إلى جانب
علي ابن أبي طالب
، فكانت تشحذ همة الرجال وتقوي عزيمتهم على القتال والتقدم في المعركة، وبعد أن تولى معاوية بن أبي سفيان الخلافة سمع بما كان من أمرها فأرسل في طلبها، توفت زرقاء الهمدانية في عام 60 هـ
زرقاء الهمدانية ومعاوية بن أبي سفيان:
بينما معاوية ذات ليلة مع عمرو وسعيد وعتبة والوليد، إذ ذكروا الزرقاء ابنة عدي بن غالب بن قيس الهمدانية، وكانت شهدت مع قومها صفين، فقال معاوية: أيكم بحفظ كلامها؟. قال بعضهم: نحن نحفظه يا أمير المؤمنين، قال: فأشيروا علي في أمرها، فقال بعضهم: نشير عليك بقتلها، قال: بئس الرأي أشرتم به علي، أيحسن بمثلي أن يتحدث عنه أنه قتل امرأة بعدما ظفر بها.
فكتب إلى عامله بالكوفة أن يوفدها إليه مع ثقة من ذوي محارمها وعدة من فرسان قومها، وأن يمهد لها وطاء لينًا، ويسترها بستر خصيف، ويوسع لها في النفقة، فأرسل إليها عامله، فأقرأها الكتاب، فقالت: إن كان أمير المؤمنين قد جعل الخيار إلي فإني لا آتيه، وإن كان حتم فالطاعة أولى، فحملها وأحسن جهازها على ما أمر به.
فلما دخلت على
معاوية
. قال: مرحبا وأهلا، قدمت خیر مقدم قدمه وافد، كيف حالك؟ قالت: بخير يا أمير المؤمنين، أدام الله لك النعمة، قال : كيف كنت في مسيرك؟ قالت: ربيبة بيت، أو طفلًا ممهدا، قال: بذلك أمرناهم، أتدرين فيم بعثت إليك؟ قالت: أني لي بعلم ما لم أعلم؟ قال: ألست الراكبة الجمل الأحمر، والواقفة بين الصفين يوم صفين تحضين الناس على القتال، وتوقدین الحرب؟ فما حملك على ذلك.
قالت: يا أمير المؤمنين، مات الرأس، وبتر الذنب ، ولم يعد ما ذهب، والدهر ذو غير، ومن تفكر أبصر، والأمر يحدث بعده الأمر. قال لها معاوية: صدقت، أتحفظين كلامك يومئذ؟. قالت: والله لا أحفظه، ولقد أنسيته. قال: لكني أحفظه، لله أبوك حين تقولين:
أيها الناس ، ارعووا وارجعوا، إنكم قد أصبحتم في فتنة غشتكم أبدا، ومثلك أعطى من غير مسألة، وأدي من غير طلبة، ثم قال لها: والله يا زرقاء لقد شركت علياً في كل دم سفكه قالت: أحسن الله بشارتك وأدام سلامتك فمثلك بشر بخير وسر جليسه قال: أو يسرك ذلك قالت: نعم والله. لقد سررت بالخبر فأنى لي بتصديق الفعل فضحك معاوية وقال: والله لوفاؤكم له بعد موته أعجب من حبكم له في حياته اذكري حاجتك قالت: يا أمير المؤمنين آليت على نفسي أن لا أسأل أميراً أعنت عليه أبداً ومثلك أعطى عن غير مسألة وجاد من غير طلبة قال: صدقت وأمر لها وللذين جاؤوا معها بجوائز وكسا.
موقعة صفين:
في شهر صفر سنة 37 هـ وقعت معركة حربية بين جيش علي بن أبي طالب وجيش معاوية بن أبي سفيان، ولم تكن الموقعة الأولى بينهم فقد وقعت
صفين
بعد موقعة الجمل الشهيرة، وكان السبب الرئيسي لهذه الموقعة هو الاختلاف بين معاوية بن أبي سفان وعلي بن أبي طالب على توقيت الأخذ بثأر
عثمان رضي الله عنه
وأرضاه، فكان علي بن أبي طالب يرى أن الأولى هو استقرار البلاد من حالة الفوضى التي خلفها مقتل عثمان، وكان معاوية يرى أن الأخذ بالثأر أولى انتقامًا من قتلة عثمان فحدث بين الفريقين خلاف شديد أدى إلى معركة الجمل وتلتها معركة صفين والتي انتهت بالتحكيم في شهر رمضان من سنة سبع وثلاثين للهجرة.