تفسير قول الله ” لا يتبعون ما أنفقوا منا ولا أذى “

القرآن الكريم هو دستور لدين حق ، عرف هذا الدين القويم بالحفاظ على حقوق الجميع ، و ذلك من خلال تقويم العلاقات و وضع حدود و قواعد لها ، و أسسس تسير الحياة على نهجها.


تفصيل مفردات الآية


يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى كالذي ينفق ماله رئاء الناس ولا يؤمن بالله واليوم الآخر فمثله كمثل صفوان عليه تراب فأصابه وابل فتركه صلدا لا يقدرون على شيء مما كسبوا والله لا يهدي القوم الكافرين ( 264 ) ) تحدثت الآية الكريمة عن عدد من المفردات الهامة ، فقد أشارت إلى أهمية الصدقات ، و ليس هذا فقط ، بل أن الآية الكريمة اتبعت أهمية الصدقات ، بأمر قد يتسبب في بطلانها ، و هو تبعها بالمن و الأذى ، و قد تقدم العديد من المفسرين بتفسيرات لهذه الآية الكريمة و أهميتها في التعاملات.


تفسير بن كثير


– كان من أهم من حاولوا تفسير الأية الكريمة العالم بن كثير ، حيث أنه في البداية تحدث بن كثير عن الصدقات و أهميتها و ضرورة الإنفاق في سبيل الله ، و قد أشار بن كثير في تفسيره إلى أن الصدقات هنا تركت مفتوحة لعموميتها و شموليتها ، أي أنها شملت كافة أنواع التصدق بالقول أو بالفعل أو بالمال.

– انتقل بعد ذلك

بن كثير

للحديث عن فكرة المن و الأذى ، و هو أمر كثيرا ما يحدث ، حيث يتصدق البعض بالقول أو بالفعل و في موقف تالي يقولون فعلنا كذا و كذا ، و هي من صفات المنافقين ، و قد اقترنت هذه الكلمة بالأذى لبيان مدى تأثيرها على الشخص المتلقي للصدقة.

– و قد استند بن كثير على فكرة النهي عن المن في الصدقة ، على أحد

الأحاديث النبوية الشريفة

، حين قال صلى الله عليه و سلم ” ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ، ولا ينظر إليهم ، ولا يزكيهم ، ولهم عذاب أليم : المنان بما أعطى ، والمسبل إزاره ، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب ” ، و كذلك قول رسول الله ” لا يدخل الجنة عاق ، ولا منان ، ولا مدمن خمر ، ولا مكذب بقدر “.


تفسير الكبير للآية


– كان التفسير الكبير من أهم التفاسير التي تحدثت عن الآية الكريمة ، و قد تحدثت الآية عن نفس المضمون تقريبا ، و لكن بطريقة ربما تكون أكثر عمقا ، حيث أنه تطرق لكل معنى على حدة.

– حينما عمل هذا التفسير على شرح الآية الكريمة ، تحدث عن فكرة الصدقات و أهميتها الكبيرة ، و قد شملت الصدقات عدد من الأشياء المختلفة ، و منها الإنفاق على الفقراء و في سبيل الله ، و قد تحدث أيضا أن الآية مقصدها التصدق بالقول و الفعل.

– انتقل بعد ذلك التفسير إلى الحديث عن المن ، الأمر الذي يعرف باسم اصطناع التصدق ، و هذا يعني أن التصدق في هذه الحالة لا يتم بنية صادقة ، و الدليل على ذلك انتقال الحديث في الآية الكريمة للأذى ، الأمر الذي يعني كثرة الشكاية بالتضرر من هذه الصدقة ، و من هنا جاء السر في ذمومية المن.

– و قد تحدث الآية الكريمة عن عدد من الأمور الأخرى ، فكان من أهمها أجر هؤلاء الذين يقومون بهذه الأفعال ، و قد تحدثت الآية عن هذا الأجر الذي تركه رب العالمين عنده ، و ذلك لاستعظام هذا الأجر ، و قد امتازت الآية بالعمومية في كلمة أجر أيضا ، و كان الهدف من ذلك تعظيم الأجر عند الله ، و قد اقترنت أيضا الكلمات بقوله تعالى ( ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون ) ، و قد أشار التفسير إلى أن الحزن هنا هو لما يحدث يوم القيامة.