قصة ابن حمدون النديم ووزير المعتضد
ابن حمدون هو أبو محمد عبدالله بن أحمد بن حمدون، نديم المعتضد والمعتمد والمكتفي المتوفي في عام 309 هـ، طلب من الخليفة المعتضد أن يعطيه عطية من بيت المال، فأخبره المعتضد بحيلة يفعلها حتى يستطيع أن يحصل على ما يريد من أموال وقد وردت القصة في كتاب ألف قصة وقصة من حياة الزاهدين.
ابن حمدون النديم ووزير المعتضد:
قال عبد الله بن حمدون: قلت للخليفة
المعتضد
: إلام أضحك ولا تضحكني؟ قال: خذ وأعطاني دينارا قلت: خليفة يجيز نديمه بدينار واحد؟ قال: لا أجد لك في بيت المال حقًا أكثر من هذا، ولكني أحتال لك بحيلة تأخذ فيها خمسة آلاف دينار، فقبلت يده، فقال: إذا كان غدًا، وجاء القاسم بن عبيد الله، أسارك حين تقع عيني عليه سرارا طويلًا والتفت إليه كالمغضب، وانظر أنت إليه في خلال ذلك نظر المشفق، فإذا انقطع السرار فاخرج ولا تبرح الدهليز حتى يخرج.
فإذا خرج خاطبك بجميل وسألك عن حالك، فاشك الفقر والحاجة وثقل ظهرك بالدين والعيال، وخذ ما يعطيك، فإذا أخذتها فسيسألك عما جرى فحدثه بالحديث كله، وإياك أن تكذبه، وليكن إخبارك إياه بذلك بعد امتناع شديد، وبعد أن تأخذ كل ما يعطيك إياه.
فلما كان من غد حضر القاسم فحين رآه المعتضد بدأ يسارني، وجرت القصة على ما وصفني فخرجت، فإذا القاسم في الدهليز ينتظرني، فقال لي: يا أبا محمد، ما هذا الجفاء؟ ما تجيئني ولا تزورني ولا تسألني حاجة؟ فاعتذرت إليه باتصال الخدمة علي فقال: ما تقنعني إلا أن تزورني اليوم، فقلت: أنا خادم الوزير، ومضيت معه وجعل يسألني عن حالي وأخباري وأشكو إليه الدين والبنات، فيتوجع، ويقول: مالي لك، ولو عرفتني لعاونتك على إزالة هذا كله عنك.
وبلغنا داره فصعدنا، وخلا بي في دار الخلوة، وجعل يحادثني ويبسطني، وقدمت الفاكهة فجعل يلقمني بيده، ثم وقع لي بثلاثة آلاف دينار فأخذتها، وأحضرني ثيابًا وطيًبا، وكانت بين يدي صينية فضة وقدح بلور فأمر بحملهما إلى داري، وقال: هذا للبنات.
فلما انفرط المجلس قال: يا أبا محمد، أنت عالم بحقوق أبي عليك، ومودتي لك فقلت: أنا خادم الوزير فقال: أريد أن أسألك عن شيء وتحلف أنك تصدقني عنه فقلت: السمع والطاعة قال: بأي شيء سارك الخليفة اليوم في أمري؟ فأخبرته بكل ما جرى، وشكرته وانصرفت.
القاسم بن عبيد الله وزير المعتضد:
هو الوزير العباسي القاسم بن عبيد الله بن سليمان بن وهب بن سعيد الحارثي، تولى الوزارة في بلاط الخليفة المعتضد ومن بعده الخليفة المكتفي، اشتهرت سيرته بالغلظة مع العامة وسفك الدماء وحبه للسلطة، حتى أن الناس كرهوه وأطلقوا الشعر فرحًا بعد موته توفى في بغداد في ذي القعدة من عام 291هـ، قال عنه ابن النجار: “كان جوادًا ممدحًا، إلا أنه كان زنديقا، وكان مؤدبه أبو إسحاق الزجاج فنال في دولته مالاً جزيلًا من الرشوة، فحصل أربعين ألف دينار”.