سبب نزول ” ومن الناس من يجادل في الله بغير علم “
{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ} [سورة الحج: 3-4]
سبب نزول الآية:
ورد في تفسير ابن كثير عن سبب نزول الآية: وقد قال السدي عن أبي مالك: نزلت هذه الآية في النضر بن الحارث، وكذلك قال ابن أبي حاتم: حدثنا عمرو بن سلم البصري، حدثنا عمرو بن المحرم أبو قتادة ، حدثنا المعمر، حدثنا أبو كعب المكي قال: قال خبيث من خبثاء قريش لرسول الله صل الله عليه وسلم: أخبرنا عن ربكم، من ذهب هو؟ أو من فضة هو أو من نحاس هو؟ فقعقعت السماء قعقعة، والقعقعة في كلام العرب: “الرعد” فإذا قحف رأسه ساقط بين يديه، وقال ليث بن أبي سليم عن مجاهد: جاء يهودي فقال: يا محمد، أخبرني عن ربك: من أي شيء هو؟ من در أم من ياقوت؟ قال: فجاءت صاعقة فأخذته.
تفسير الآيات:
{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ}
: يقول الله تعالى ذامًا لمن كذب بالبعث، وأنكر قدرة الله على إحياء الموتى، معرضًا عما أنزل الله على أنبيائه، متبعًا في قوله وإنكاره وكفره كل شيطان مريد، من الإنس و
الجن
، وهذا حال أهل الضلال و
البدع
، المعرضين عن الحق، المتبعين للباطل، يتركون ما أنزله الله على رسوله من الحق المبين، ويتبعون أقوال رؤوس الضلالة، الدعاة إلى البدع بالأهواء والآراء، ولهذا قال في شأنهم وأشباههم.
{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ}
: أي علم صحيح،
{وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ كُتِبَ عَلَيْهِ}:
قال مجاهد: يعني الشيطان، یعني کتب عليه كتابة قدرية أي: كتب الله على هذا الشيطان المريد، وحكم عليه حُكماً ظاهراً،
{أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ}:
أي اتبعه وقلده، قيل: قُضي على الشيطان أنه يضل أتباعه ولا يهديهم إلى الحق، قال قتادة ومجاهد: أي من تولى الشيطان.
وأنه
{يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ}:
أي يضله في الدنيا ويقوده في الآخرة إلى عذاب السعير، وهو الحار المؤلم المزعج المقلق، والمراد: يُضِلُّه عن طريق الحق والخير، ويهديه أي: للشر لأن معنى الهداية: الدلالة مُطْلقاً، فإن دللْتَ على خير فهي هداية، وإن دللتَ على شر فهي أيضاً هداية.
وقال أيضًا: {احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ} [سورة الصافات: 22-23]، أي: دُلُّوهم وخُذوا بأيديهم إلى جهنم. وقال: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ} [سورة النساء: 168-169] وقيل: ويسوق من اتبعه إلى عذاب
جهنم
الموقدة، وسياقه إياه إليه بدعائه إلى طاعته ومعصية الرحمن فذلك هدايته من تبعه إلى عذاب جهنم.
{السَّعِيرِ}
: هي النار المتوهّجة التي لا تخمد ولا تنطفئ.